08-أبريل-2024
خيام النازحين في غزة

خيام نازحي غزة تتحول إلى جحيم لا يطاق

بينما تقترب فلسطين من فصل الصيف، تتضاعف معاناة مئات آلاف النازحين القاطنين في مخيمات من الخيام وسط قطاع غزة وجنوبه، مع الشح الشديد في مياه الشرب والاستحمام، وانعدام الخدمات الصحية.

يسهم ارتفاع درجات الحرارة في زيادة معاناة النازحين القاطنين في الخيام المصنوعة من القماش والنايلون، بسبب افتقارها إلى التهوية

ورغم أن فصل الصيف، فلكيًا، مايزال على بعد أكثر من شهرين، إلا أن درجات الحرارة سجلت ارتفاعًا ملحوظًا في الأيام الماضية، لتتراوح بين 25 إلى 27 درجة في محافظة رفح، المحاذية لصحراء سيناء المصرية.

ويسهم ارتفاع درجات الحرارة في زيادة معاناة النازحين القاطنين في الخيام المصنوعة من القماش والنايلون، بسبب افتقارها إلى التهوية، ما يدفعهم للهروب منها إلى الخارج أملاً في استنشاق القليل من الهواء.

نازحي غزة

وتتزايد حاجات النازحين مع ارتفاع الحرارة إلى مياه الشرب والاستحمام، ما يضطرهم إلى المشي مسافات بعيدة للحصول عليها بسبب الشح الشديد في توفرها، نتيجة توقف آبار المياه عن العمل بسبب نفاذ الوقود.

تحت قطعة قماش تمت حياكتها من أكياس الدقيق الفارغة، جلست المسنة هدى القانوع (70 عامًا) بحثًا عن الهواء الرطب للتخفيف من ارتفاع درجة الحرارة داخل خيمتها المصنوعة من النايلون، التي أقامتها العائلة في تجمع للنازحين بمدينة رفح.

وتعاني النازحة هدى القانوع من مرض الصدفية، كما أنها ترتدي عدسات لاصقة بسبب ضعف نظرها، وتشير أن الأجواء الحارة ضاعفت من مرضها وتسبب في ظهور بقع سوداء في وجهها، كما أنها تعاني من حروق في العينين بسبب التعرق الدائم.

هدى القانوع، التي تعاني من أمراض القلب والسكر والضغط، تخشى من إطالة أمد الحرب لشهور أخرى، وتأسف لعدم توفر غالبية العلاج الخاص بحالتها.

النازحون في غزة

وفي غرب مدينة رفح، جلس النازحان عماد وماهر أبو جلهوم في ظل قطعة قماش تحيط بخيمتهما، يتبادلان أطراف الحديث.

يصف عماد أبو جلهوم، وهو أب لثمانية أطفال، معاناته داخل الخيمة التي يعيش فيها مع أبنائه بالرهيبة، مضيفًا بلهجة عامية: "احنا عايشين في فرن أو في فقاسات بيض، وأول ما تطلع الشمس بنهرب من الخيمة".

وأفاد عماد أبو جلهوم بأن ارتفاع الحرارة أدى إلى انتشار الروائح الكريهة والذباب والحشرات داخل الخيام، خاصة مع انعدام شبكة مياه للصرف الصحي وانتشار النفايات.

ارتفاع الحرارة أدى إلى انتشار الروائح الكريهة والذباب والحشرات داخل الخيام، خاصة مع انعدام شبكة مياه للصرف الصحي وانتشار النفايات

هنا تدخل قريبه ماهر أبو جلهوم قائلاً: "مهمتنا طوال اليوم هي نقل المياه من مسافة بعيدة إلى الخيمة لاستخدامها في غسل الملابس والأواني والنظافة الشخصية".

وأوضح ماهر أبو جلهوم أن بالرغم من شح المياه الشديد، "نحرص على ضمان نظافة الأطفال باستمرار تفاديًا لإصابتهم بالأمراض المعدية مثل فايروس الكبد الوبائي أ الذي انتشر بين الأطفال النازحين".

ويؤكد ماهر أبو جلهوم أن الطقس في محافظة رفح مختلف عن حالة الطقس المعتدلة في شمال قطاع غزة، حيث كانوا يسكنون قبل النزوح، ذلك أن الطقس في رفح صحراوي، كونها ملاصقة لصحراء سيناء المصرية.

وعلى باب خيمته جلس النازح يحيى خليفة (55 عامًا) من حي الزيتون، إلى جوار عدد من أبنائه وأحفاده الذين يقطنون في خيمة واحدة مصنوعة من النايلون.

يقول يحيى خليفة: "في فصل الشتاء عانينا من انخفاض درجات الحرارة وتسرب مياه الأمطار إلى الخيام، والآن تتجدد معاناتنا مع دخول فصل الصيف الذي يحول الأجواء داخل الخيام إلى جحيم لا يطاق".

يحيى خليفة، أصيبت كلتا يديه بتقرحات واحمرار شديد بسبب أشعة الشمس، ويؤكد أنه لا يتمكن من توفير سوى 100 لتر من المياه يوميًا بسبب المشقة الشديدة في نقل المياه وحالة الازدحام، "وهذه الكمية بالكاد تكفي لغسل الملابس وتنظيف الأواني" وفق قوله.

النازحون في رفح

ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 تشن إسرائيل حربًا مدمرة على قطاع غزة، ما أدى لارتقاء عشرات آلاف الشهداء بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، وتدمير عدد كبير جدًا من منازل المواطنين في أنحاء قطاع غزة كافة.

ويعيش ما يزيد عن مليون و300 ألف نازح ظروفًا مأساوية في محافظة رفح جنوب القطاع، ويقطنون في خيام مصنوعة من النايلون والقماش والصفيح، وكلهم أمل بوقف الحرب الإسرائيلية على القطاع والعودة إلى أماكن سكناهم للعيش بسلام.