13-أكتوبر-2017

في شؤون السياسية والزواج، كثيرًا ما يستخدم الناس ذات التعابير للتعبير عن رأيهم، فمن الطبيعي مثلًا أن يجيبك أحدهم بأنّ الذي تعرفه أحسن من الذي لا تعرفه، عندما تسأله عن سبب حماسه للمصالحة ورغبته في منح حماس وفتح فرصة ثانية، رغم اعترافه أنّ الأخطاء التي ارتكبها الفصيلان في الضفة والقطاع على مدار العقد الماضي، لا تُغتفر.

في أي بلد يُقدم حزبان سياسيان على ما أقدم عليه الفصيلان المتخاصمان قد لا تنتظرهما الاحتفالات إذا ما قرار التصالح، ، إلّا أن ما يحصل في هذه البلاد المحتلة هو العكس!

في أي بلد يُقدم حزبان سياسيان على ما أقدم عليه الفصيلان المتخاصمان قد لا تنتظرهما الاحتفالات إذا ما قرار التصالح،  ورغم أن الانتهاكات التي ارتكبها الفصيلان بحق الشعب وقضيّته قد تكون كفيلة بتشكيل رأي عام غاضب ومناهض لتوليهما زمام السلطة ولتمثيل الشعب الفلسطيني، إلّا أن ما يحصل في هذه البلاد المحتلة هو العكس، حيث يخاف الناس التشرذم والانقسام أمام العدوّ، ويتمسّكون بالوحدة مهما بدت هشّة أو شكلية، ومهما أتت على جوهر معركتهم مع الاحتلال، فيصبح التصالح حدثًا وطنيًا يُنبذ من يتخوّفون منه أو يستخفّون به.

لكن، هنالك أسبابٌ تخلق آراءً مغايرة لما تُجمع عليه الأغلبية، عندما يتعلق الأمر بفتح وحماس، ومصالحتهما. فهناك فلسطينيون قلقون على المقاومة، وهؤلاء يرون في حماس ومشروعها المقاوم أملًا قد يتبدد في حال وضع ممثلو الحركة يدهم في يد مسؤولي السلطة الفلسطينية التي طالما نبذت واستنكرت بشكل أو بأخر منهج المقاومة المسلحة الذي تتبعه حماس والذي يحظى بشعبية واسعة بين الفلسطينيين. وبالنسبة لهم يبدو الاحتفال بتصافح الفريقين غير منطقي.

وثمّة فريق آخر يريد محاسبة الحركتين قبل الاحتفال، ويستند هؤلاء في غضبهم على الحركتين إلى الشرخ العميق الذي أحدثه اقتتال الحركتين، وآثاره على بنية المجتمع الفلسطيني وقضيته، وحالة التشويش لمفهوم العدو وتعريفه، فقد قُتل نتيجة الإنفلات الأمني خلال الفترة بين كانون الأول/ يناير وتشرين الثاني/ نوفمبر 2006 نحو 322 فلسطينيًا، منهم 236 في قطاع غزة و86 في الضفة الغربية، وفق إحصائية أعدتها الهيئة الفلسطينية المستقلة.

الفريق الثالث لا يُصدّق المصالحة، ولا يتحمّس لأخبارها، فهي بالنسبة لهم خبر مكرر وأمل كاذب لن يتحقق. فيستطيع هؤلاء أن يُعددوا لك وعود المصالحة على مدار الأعوام الماضية، ويمكنهم تذكُّر المحطات والدول التي استضافت المختصمين على أمل الصلح. ابتداءً من القاهرة، ومرورًا بدمشق، مكة، الدوحة، وصولاً إلى موسكو. ولا يرى المكذبين لمشروع المصالحة أي جهود حقيقة لإنهاء الانقسام. وتبدو محطات المصالحة بالنسبة لهم مجرد شكليات وسفريات يجريها الطرفان من حين لآخر، وترعاها دولة جديدة ترغب بتعزيز دورها في المنطقة.

وثمة فريق رابع، يسعى للتغيير الشامل، ويرى أنصار هذا الفريق أن الشعب الفلسطيني يستمر في مسامحة الحركتين والتجاوز عن أخطائهم ويتشبث بهما بسبب وجود الاحتلال، حيث أن القيام بثورة فلسطينية داخلية على أنظمة الحكم في غزة والضفة قد لا تكون فكرة سليمة في ظل وجود تحد أكبر يهدد الجميع، وكأنهم يؤمنون أنه بدل الاقتتال على الغرف داخل البيت علينا أن نحمي حدود البيت أولًا. ويختلف الراغبون في التغير مع هذا حيث أنهم يرون أن الحركتين قدمتا للشعب ما يكفي من الأسباب ليسحب ثقته منهما حتى فيما يتعلق بحماية البيت الفلسطيني من الداخل وليس فقط حدوده الخارجية حيث فشلتا في ذلك.

فلسطينيًا، الواقع معقّد للغاية ومهما بدا التغيير ضروريًا فإنه يبدو لا يبدو سهلًا أيضًا. ورغم إدراك الكثير من الفلسطينيين أنّ قضيتهم تستحق أخبارًا أفضل من أخبار اقتتال حماس وفتح وتصالحهما على شاشات التلفاز أمام العالم، فإن الكثيرين أيضًا لا يرون في المصالحة مشروعًا وطنيًا لتحرير الأرض، بقدر ما هو  مجرد تنسيقات إدراية  لتحسين الظروف المعيشية لأهل القطاع المحاصر. 


اقرأ/ي أيضًا:

نابلس – جنين: ذاكرة فلسطين ونفطها ورائحتها الزكية

على ماذا اتفقت فتح وحماس في القاهرة؟

ماذا قالت إسرائيل عن المصالحة؟