15-أبريل-2023
الصحافية ميرفت العزة - صورة أرشيفية

الصحافية ميرفت العزة - صورة أرشيفية

بعد يوم من خروج الصحافيّة ميرفت العزة في بثّ مباشر على "فيسبوك" للحديث عن تعرّضها لاعتداء تحرّش جنسي من قبل فنيّ أشعة في مستشفى خاصّ بمدينة بيت لحم، دخلته عقب تعرّضها لحادث سير في الثاني من آذار/ مارس الماضي، وتشكيكها بنزاهة لجنة تحقيق داخليّة شكّلتها وزيرة الصحة، صدّرت الوزارة اليوم السبت بيانًا قالت فيه إنّها "لا تستهين بهذا النوع من الشكاوى، وتنظر إليها بخطورة بالغة".

لجنة تحقيق ثانية بعد اتّهام الصحافية ميرفت العزة فني أشعة في مستشفى ببيت لحم بالتحرّش بها، بعد أن توصلت لجنة تحقيق تابعة لوزارة الصحة إلى  أنّ فني الأشعة "عنده مشكلة في يديه" 

ودعت وزارة الصحة الفلسطينية في بيانها الذي اطّلع "الترا فلسطين" على نسخة منه، إلى تشكيل لجنة تحقيق محايدة بأقصى سرعة ممكنة تضم نقابة الصحافيين (كون المشتكية صحافية) والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومنظمات مجتمع مدني معنية بحقوق المرأة، وممثلًا عن المشتكية، وممثلًا عن نقابة الأشعة، وأن تستعين اللجنة بأي جهة تراها مناسبة ومهمة لكشف الحقيقة، وذلك من منطلق الحرص على صون كرامة وحقوق وشرف المرضى وجميع المواطنين والمواطنات سواء داخل المرافق الصحية الحكومية والأهلية والخاصة، والتأكد من وجود بيئة آمنة داخل المرافق الصحية، ولمكاشفة الجمهور الفلسطيني، والعمل على إبراز الحقيقة الكاملة.

وتأتي دعوة الوزارة لتشكيل لجنة تحقيق محايدة، بعد أن شككت الصحافية العزة في نزاهة وشفافيّة لجنة التحقيق الداخلية التي فنّدت روايتها، وقدّمت (اللجنة) نتائج عملها وتوصياتها إلى وزيرة الصحة، وتم تزويد النيابة العامة والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بنسخ عن النتائج والتوصيات.

الوزيرة مي الكيلة: الصحافية العزة "تسرّعت في الخروج ببث مباشر"، ومن حققوا في القضية "مهنيون جدًا"، و"لا علاقة لهم بأي أحد، وقالوا ما شاهدوا، وهم على كفاءة عالية وحيادية" 

وبحسب وزيرة الصحة مي الكيلة في حديثها لـ "الترا فلسطين" فإن تقرير اللجنة الذي اطّلعت عليه في آخر يوم دوام قبل العطلة، جاء فيه أن "فني الأشعة عنده مشكلة في يديه"، ورفضت الوزيرة أن تدلي بمزيد من التفاصيل عن محتوى تقرير نتائج لجنة التحقيق في القضية.

واعتبرت الوزيرة الكيلة في حديثها لـ "الترا فلسطين" أن الصحافية ميرفت العزة "تسرّعت في الخروج ببث مباشر".

وردًا على اتهامات العزة للجنة التحقيق المشكّلة من وزارة الصحة، بعدم المهنية والحيادية، قالت الوزيرة الكيلة إن من توجّهوا للتحقيق "أناس مهنيون جدًا، ولا علاقة لهم بأي أحد، وقالوا ما شاهدوا، وهم على كفاءة عالية وحيادية، ولا يوجد لهم قرابة مع أحد؛ لا الصحفية ولا المتهم، وأنا أثق بنتائج اللجنة، وقد تعاملنا بكل مهنية". وأكدت أنهم أرسلوا نسختين من التقرير إلى النيابة العامة، وإلى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.

وحول إن كانت النيابة العامة ستأخذ بنتائج لجنة التحقيق المشكلة من وزارة الصحة، ردّت الوزيرة أن النيابة وصلها الملف، وستباشر عملها، وقالت إن المستشفى الذي وقعت فيه الحادثة مستشفى خاص ولا يتبع وزارة الصحة، غير أنّها أكدت أن الوزارة مسؤولة عن القطاع الصحي في فلسطين، لذا تعاملت مع الموضوع.

وكنّا في "الترا فلسطين" تواصلنا مع مسؤول لجنة التحقيق التي شكّلتها وزارة الصحة للنظر في القضية، الدكتور وسام صبيحات، وردّ علينا بأن التقرير لدى الوزيرة.

بداية القصّة..

وتعود بداية القصّة إلى لحظة تعرّض الصحافية مريم العزة من القدس، لحادث سير في مدينة بيت لحم الشهر الماضي، ما استدعى نقلها إلى مستشفى خاص، وعقب إدخالها قسم الطوارئ، ومن ثم الأشعة للتأكد من سلامتها، قالت العزة في مقطع فيديو إنّ فنيّ أشعة تحرّش بها جنسيًا، الأمر الذي دفعها لإعلاء صوتها مطالبة بحقّها.

وفجر الجمعة، خرجت ميرفت العزة (45 عامًا) في بث مباشر على صفحتها في "فيسبوك" تحدّثت خلال 24 دقيقة عن تفاصيل "حادثة الاعتداء الجنسي"، وما تلاها، وما تعرضت له من ضغوط لإغلاق ملف القضية، والنتيجة التي توصّلت لها لجنة التحقيق التي شكّلتها وزارة الصحة.

وبحسب العزة التي تتعالج للمرة الأولى في مستشفى تابع للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بحكم أنها من القدس، فقد دخلت في البداية لغرفة الطوارئ، وأجريت لها بعض الفحوصات، وم ثم نقلت إلى غرفة تصوير الأشعة، وهناك سألها فني الأشعة إن كان معها مرافق، وكان ردّها بالنفي، ومن ثم اضطجعت على السرير لأخذ صور أشعة ليدها اليمنى التي تضررت جرّاء الحادث.

وتضيف أنّ فني الأشعة بعد ذلك وضع ماكنة الأشعة فوق صدرها، وسريعًا ودون إشعارها بذلك، رفع عن صدرها القميص الذي ترتديه، وكذلك حمّالة الصدر، ولدى محاولتها التدخل طلب منها الهدوء. وأشارت إلى أنه وضع يده على ثديها الأيسر وقام بتحريكه، ومن ثم الثدي الأيمن وقام بتحريكه، وسألها في كل مرة عمّا إذا كانت تشعر بأوجاع، ومن ثم وضع يده بين ثدييها وقام بتحريكمها معًا، وذهب لأخذ صورة داخل غرفة تصوير الأشعة ومن ثم عاد، ولا تدري إن كان قد أخذ صورة أشعة بالفعل أو لا.

وتابعت أنه عاد مجددًا ولمس ثدييها وحركهما بشكل دائري، ومن ثم أمسك بالثديين وطلب منها الاستدارة، وهنا تقول ميرفت العزة إنه تبين لها أن ما يحدث "تحرش واعتداء".

ميرفت العزة: بعد الاعتداء عليّ وأنا على سرير غرفة الأشعة، خرجت وحاولت الصراخ وطلبت المساعدة من الناس، لكن عنصر أمن أسكتني 

بعد ذلك، تقول إنها خرجت من الغرفة وحاولت الصراخ وطلبت المساعدة من الناس لكن عنصر أمن أسكتها، ومن ثم توجّهت إلى سريرها في غرفة الطوارئ، ولدى حضور مدير المستشفى، قال لها: "الله بينكم"، وأن المستشفى سيحقق في الموضوع.

ومضت الصحافية بذكر تفاصيل ما حدث معها، وقالت إنها سبق وخضعت لفحوصات كثيرة في مستشفيات عدة في القدس، بسبب وجود حساسية لديها، وسجل مرضي لدى عائلتها، وأشارت إلى أن العديد من الفحوصات كان تجرى لمنطقة الصدر، لكن لم يسبق لها أن تعرضت لمثل هذا اللمس.

صورة نشرتها ميرفت العزة بعد إصابتها في يدها جرّاء حادث السير
صورة نشرتها ميرفت العزة بعد إصابتها في يدها جرّاء حادث السير

وأكدت أن عدة جهات حاولت التدخل بعدها لإغلاق الموضوع والتستر على الحادثة، لكنّها أصرت على تقديم شكوى إلى وزارة الصحة، وإلى النيابة العامة. وقالت إن وزارة الصحة شكلت لجنة تحقيق وطلبت منها الحضور إلى المستشفى وليس إلى مكان محايد، ورفضت اللجنة حضور محاميها معها إلى جلسة الاستماع، ولفتت إلى أن مسؤول اللجنة "لم يتعامل معها بشكل مهني".

العزة: تقرير لجنة التحقيق لم ينصفني، وعدّة جهات حاولت التدخل لإغلاق الموضوع والتستّر على الحادثة، وأرفض تسوية القضية

وأكدت أن تقرير لجنة التحقيق الذي حصلت عليه بعد طول انتظار لم ينصفها، مشددة على رفضها تسوية القضية وبأنها ماضية في الشكوى لأخذ حقِّها.

من جهته، يقول مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، لـ"الترا فلسطين"، إن المواطنة لجأت إليهم، وهم بدورهم تواصلوا مع وزارة الصحة وطلبوا الاطِّلاع على نتائج لجنة التحقيق، والوزارة أرسلت لهم نسخة عن التقرير، وهم بدورهم أرسلوا نتائج تحقيق إلى المواطنة المشتكية، وكان لديها اعتراضات وتحفُّظات كثيرة على التقرير.

مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك: المشتكية لديها اعتراضات وتحفُّظات كثيرة على التقرير، وطلبنا من وزارة الصحة إعادة النظر في نتائج التحقيق 

وأكد دويك، أن الهيئة بناء على ذلك طلبت من الوزارة إعادة النظر في نتائج التحقيق، وأبلغتهم الوزارة أنهم بصدد تشكيل لجنة تحقيق جديدة، وقال "نحن بانتظار تشكيل لجنة التحقيق الجديدة ونأمل أن تكون مستقلة، بحيث تصل إلى الحقيقة في أقرب وقت. 

تجدر الإشارة إلى أنّ "الترا فلسطين" حاول التواصل عبر الهاتف، ورسائل النصيّة ورسائل الواتساب مع مسؤولين في المستشفى الخاص الذي تتهم الصحافية ميرفت العزة فنيّ الأشعة العامل فيه بالاعتداء عليها، والتحرّش بها جنسيًا، إلّا أننا لم نتلق أي ردّ.