ما إن تحُلّ منخفضات الكوانين (كانون أول وثاني)، حتى تبدأ رحلة مطاردة وجمع "الفقع" الذي تختلف تسميته من منطقة فلسطينية لأخرى، فهناك من يدعوه "فطاريش" أو "مشروم"، وآخرون يطلقون عليه "عيش الغراب"، أو "تشَلَخْ" و"خُشُم" و"شَماسي".

  يواظب الصغار والكبار على جمع "الفقع" في الشتاء، لطبخه، طمعًا بطعمه اللذيذ

والفقع، نبات من عائلة الفطريات، ينبت في الجبال والسهول الفلسطينية بأصناف وأشكال مختلفة. والأسماء المتعددة لهذا النبات كل منها ذو أصل وحكاية، فمسمّى "فقع" الدارج في شمال الضفة الغربية يأتي من اعتقاد الناس بأنّه ينبت فجأة وبين ثانية وأخرى تنتقل الفقعة من خميرة تحت الأرض إلى نبتة فوقها ذات ساق وقبعة، فمفردة فُقع إشارة إلى أنه يفقع من باطن الأرض كالفوشار في الزيت المغلي.

وعن كيفيّة العثور على "الفقع" فأجاب غالبيّة من سألهم "الترا فلسطين" بأنّه ينبت في الأراضي المزروعة سابقًا بالفول والقرنبيط والقطن، وأن احتمالات ظهوره تقلّ كلّما كانت الأرض محروثة حديثًا، فهو نبات بريّ يهوى الأراض المتروكة، وتزيد احتمالات وجوده في مجمعات القش ومخلفات النبات المتخمّر في الأرض، كما أن الفقع يشتعل اشتعالًا في الأراضي الغنيّة بروث الحيوانات.

 لم ينس من قابلناهم أن يحذّرونا من أصناف القع السّامة، والتي يُطلق عليها في منطقة جنين "فقع تشلابي" ويسهل تمييزها من بشاعة شكلها وسوادها

أمّا عن كيفيّة طبخه، فيقول عشّاق الفقع إنّ من الواجب غسله جيّدًا من الأتربة العالقة ثم فرمه كاللحمة لكن بقطع كبيرة الحجم نسبيًا لأنه معرّض للذوبان وتقلّص الحجم خلال الطهي بسبب نسبة الماء العالية التي تدخل تكوينه، بعد ذلك يفرم صديقه الوفي البصل، وتتم تقلية البصل قبل إضافة الفقع لأن البصل يتأخر استواؤه مقارنه بالفقع، وعندما يذبل البصل في المقلاة يضاف الفقع، ويملحان ويبهران وقد يضاف إليهما البيض، ثم يكون ذلك المذاق الذي ننصحكم بتجربته، لكن مع فقع طبيعي تلتقطونه بأنفسكم.

إنتاج: الترا فلسطين | تصوير: دجانة أبو الرب 


اقرأ/ ي أيضًا:

محمد وبشير "متشردان" في طبيعة عذراء

لهذا عمّر أجدادُنا وهرمنا في شبابنا..

السوسنة الأخيرة!