09-أكتوبر-2016

وزير الخارجية المصري خلال زيارته لـ"إسرائيل" مؤخرا

تساءلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، حول ما إذا كانت "إسرائيل" لا تزال عدوا لمصر، في ذكرى "حرب أكتوبر"، متحدثة في الوقت ذاته عن احتفالات مصرية بذكرى "انتصار أكتوبر"، وسط انتقادات لنظام عبد الفتاح السيسي الذي يصر على أن "إسرائيل" لم تعد عدوا استراتيجيا لمصر.

وأشارت الصحيفة لمقال كتبه أسامة الهيتيمي الصحفي في "الجزيرة نت"، قال فيه: "إن الكيان الصهيوني الذي كان عدو العرب الأول، صار صديقا وجارا، وأن رأس الدولة في مصر- عبد الفتاح السيسي – يعتقد بضرورة إحلال سلام شامل معه".

صحيفة إسرائيلية ترصد آراء مصرية متناقضة حول حرب أكتوبر واتفاقية السلام

وقالت الصحيفة: "يوم السادس من أكتوبر تحتفل فيه مصر بانتصار الجيش على اسرائيل؛ على الرغم من أن اسرائيل كانت لها اليد العليا عندما تم تفعيل وقف اطلاق النار، وحاصرت قواتها الجيش المصري. لكن وفقا لوجهة النظر المصرية فإن عبور قناة السويس واختراق خط بارليف ساهما في عودة روح الفخر المصرية بعد هزيمتها الساحقة في حرب الأيام الستة. كما أن العبور هو أول الخطوات التي خطها الجانب المصري لاستعادة شبه جزيرة سيناء من اسرائيل".

اقرأ/ي أيضا: رئيس سابق لـ"الموساد": فاوِضوا قادة المقاومة

وتضيف، "السيسي ومؤيدوه في مصر يتخذون من ذكرى أكتوبر مناسبة للدعوة إلى التوحد أمام المحنة الاقتصادية التي تواجهها مصر"، منوهة إلى تغريدة للسيسي على حسابه الرسمي في "تويتر" قال فيها: "إن حرب أكتوبر المجيدة سوف تذكرنا دوما أن الأمم تعيش من تضحيات شعوبها، وأن مصر لن يفوتها أبدا جهود أبنائها المخلصين".

كاتب مقال "جيروزاليم بوست"، الصحفي الاسرائيلي بن لينفيلد، سجل ما يراه المصريون في الصحف الرسمية عن أكتوبر، فيشير إلى مقال جمال زهران الصحفي في جريدة الأهرام الرسمية، قال فيه إن "حرب أكتوبر هي أهم حرب في القرن العشرين، وفقا لشهادات خبراء عسكريين ومؤرخين حول العالم".

ويورد المقال آراء أخرى حول الحرب بصفتها "الحرب المجيدة"، كتبت في صحف أخرى مقربة من النظام؛ منها صحيفة اليوم السابع على لسان كاتب العامود الصحفي عبد الفتاح عبد المنعم، الذي قال إن "هزيمة اسرائيل في تلك الحرب لن يمحها التاريخ".

و يعود بن لينفيلد لآراء معارِضة؛ مثل أسامة الهتيمي الذي يرصد خيبة الأمل التي يشعر بها المصريون هذه الأيام من "إعادة بيع السلام مع اسرائيل، على أنه خيار مصر السياسي هذه الأيام". يقول: "إن اتخاذ خطوات باتجاه السلام مع اسرائيل له عواقب وخيمة؛ خاصة بعد أن تحولت حماس بفعل وسائل الاعلام الرسمية المصرية وبالتعاون مع اسرائيل من حركة لمقاومة الاحتلال إلى عدو مشترك لمصر واسرائيل. وهو ما سينتهي بالأمر إلى غض الطرف عن التحرر المنشود من السيطرة الاسرائيلية".

وتؤكد الصحيفة أن "إسرائيل" ستظل لكثير من عموم المصريين عدوًا، إلا أنها تورد في نفس الموضع أن السياسية الرسمية في مصر ستظل "إلى جوار إسرائيل"، مشيرة إلى تأثر سامح فهمي وزير الخارجية المصري في جنازة شمعون بيريز، دون أن تتجاهل في الوقت ذاته سخرية المصريين على مواقع التواصل من هذا التأثر، حتى أن بعضهم خمن أن احتفالات أكتوبر ستلغى "حزنا على الفقيد".

وذكَّرت "جيروزاليم بوست" بإشادة السيسي بمستوى التعاون الأمني بين مصر و"اسرائيل" في اجتماع مغلق أجراه مع زعماء يهود في نيويورك الشهر الماضي. ونقلت عن تقارير أجنبية معلومات تفيد بتعاون وحدة الاستخبارات العسكرية 8200 لجيش الاحتلال مع القوات المسلحة المصرية في جمع وفك شيفرات معلوماتية حول أنشطة "داعش" في سيناء.

"ولكن يبدو أن موقف السيسي يذهب لأبعد من مجرد السلام مع إسرائيل"، تقول الصحيفة، "فـإسرائيل أبدت ارتياحها من مقدمة كتاب مدرسي للصف التاسع في مصر، تعرف الطلاب ببنود معاهدة السلام التي عقدتها مصر عام 1979، وتبرز مميزات السلام لمصر والدول العربية، وهو الأمر الذي رصدته إسرائيل بصفته تقدما ملوحظا عن التناول العقيم لتلك المعاهدة في الكتب الدراسية إبان عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك"، على حد تعبير الصحيفة".

وعلى الجانب الآخر؛ رصدت "جيروزاليم بوست" ردود أفعال غاضبة لتلك السياسات؛ منها ما كتبه الصحفي وائل قنديل في العربي الجديد قائلا: "إن عربدة السلام هي نظرية الحكم السياسي التي يتبناها النظام المصري (..) النظام المصري يرى أن الإخوان هم أعداؤه، وأن معارضي انقلاب 2013 هم من أتوا به إلى الحكم وليس اسرائيل (..) النظام المصري يجعل فقراء المصريين ينحدرون لفقر أشد ويعدم معارضيه، بينما يبقى عدو مصر الحقيقي اسرائيل مستمتعا بسلام دافىء".

ترى "جيروزاليم بوست" أن "إسرائيل" ستبقى عدوا للمصريين لكن الموقف الرسمي المصري يختلف تماما

وتصف الصحيفة آراء قنديل باللاذعة، وهو ينتقد عماد الدين أديب، الذي يجسد، حسب قوله، موقف النظام تجاه "اسرائيل". إذ يقول أديب معلقا على حضور سامح شكري جنازة بيريز: "إسرائيل شئت أم أبيت بلد لها وجود نتشارك معها حدودا جغرافية، وشئت أم أبيت تم توقيع معاهدة سلام معها، ورئيس الولايات المتحدة كان شاهدا على هذه المعاهدة، ونسخة من هذه المعاهدة سُلمت إلى الأمم المتحدة".

و أضاف أديب، "إسرائيل مجتمع ديمقراطي مفتوح يلعب فيه الفرد والمصوتون في الانتخابات دورا اسياسيا في اختيار الحزب الحاكم".

اقرأ/ي أيضا: شلومو ساند وديناصور الشعب اليهودي

وأوردت الصحيفة تعليق قنديل على مقال أديب قائلا، إن الأخير أورد جملة "إسرائيل أعجبتنا أو لم تعجبنا" خمس مرات، في مقال لم يتعد الـ300 كلمة، "ما يعني أن حب أو تقبل المصريين لاسرائيل هو أمر طبيعي واعتيادي وأنها مسألة رأي و اختلاف أذواق!"، وفق تعبير قنديل.

وتطرق إلى الذكرى نفسها في قوله إنه "من الأفضل إذن أن نعترف بأننا لم نزح احتلالا وقع على مصر، وأن كل ما هنالك أننا ضغطنا على اسرائيل لتقبلنا كشريك في تربة الوطن، وأنه (أديب) عين نفسه كوكيل لدفن أي عداوة أو كراهية يشعر بها المصريون تجاه إسرائيل".

وأنهى بقوله إن "النظام الذي يوجه جهوده اليوم لقمع المصريين على كل الجبهات الاقتصادية والسياسية وحتى في وعيه، قد يفاجئنا يوما ما بإلغاء احتفالات أكتوبر وبتوجيه اعتذار لإسرائيل عن الخطأ الذي ارتكبته مصر والعرب في السادس من اكتوبر عام 1973".

اقرأ/ي أيضا:

هكذا أتذكر الأستاذ نزيه

الطفل أحمد: كنت أحكي بوضوح وأكتب بسرعة!