منذ أسبوع تواصل آليات إسرائيليّة تسوية قطعة أرض فارغة في حي وادي الربابة في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى بالقدس المحتلة، بزعم أنّها كانت في وقت سابق مقبرة لليهود.
الجرافات تباشر أعمال تجريف الأرض وتسويتها في القدس، ومن ثم يتم وضع الحجارة عليها، ليتم بعد ذلك تعليق لافتة بعد إغلاق الأرض، بأن فيها مقبرة قديمة لليهود
ما يحدث وفق مصادر محليّة أن الجرافات تباشر أعمال تجريف الأرض وتسويتها، ومن ثم وضع الحجارة عليها، ليتم بعد ذلك تعليق لافتة بعد إغلاق الأرض، بأن فيها مقبرة قديمة لليهود.
الناشط في بلدة سلوان خالد الزير يقول لـ"الترا فلسطين" إنّ هناك قطعة أرض فارغة في وادي الربابة، ومنذ بداية محاولات السيطرة على وادي الربابة شرعوا بوضع قبور وهمية، وكتبوا أن هذه مقبرة لليهود قبل ثلاثة آلاف سنة.
وأكد الزير أنه لا يوجد قبور أصلًا في الأرض، وما يحدث أنهم يحضرون حجارة ويقومون بتجريف الأرض، والادّعاء بأنه كانت هنا مقبرة قبل آلاف السنين وذلك لفرض أمر واقع، وبالفعل تمت السيطرة على أكثر من 100 دونم من أراضي وادي الربابة بهذه الطريقة التي يجري العمل عليها في أربع مواقع في القدس.
فخري أبو ذياب رئيس لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات سلوان قال إن العمل على إقامة القبور الوهمية يجري في المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى والبلدة القديمة، لأن المسجد الأقصى هو المستهدف. وأوضح في حديثه لـ "الترا فلسطين" أن القبور الوهمية تستعمل لتحقيق عدة أهداف، أولها سياسية وهي السيطرة على الأراضي الفارغة، ومنع تمدد التجمعات السكانية الفلسطينية، ومن ثم سرقة ومصادرة أراضي الفلسطينيين.
تسعى "إسرائيل" من وراء "القبور الوهمية" للسيطرة على الأراضي، ومنع التمدد الفلسطيني، وتزوير التاريخ
والهدف الثاني وفق أبو ذياب، هو محاولة إثبات أنه كان في المنطقة المسماة "الحوض المقدس" قبل 2000 إلى 3000 عام، حضارة وتجمّعات يهودية، وأنّ هذه القبور هي شواهد على وجود مقبرة قديمة، ولكنّها في الحقيقة مجرد حجارة وقطع من الصخور وحفر لسرقة وسلب الأرض، ونوع من تزوير التاريخ.
وقد استطاعت سلطات الاحتلال عبر هذه الوسيلة السيطرة على حوالي 620 دونمًا من أراضي القدس، وتمت مصادرتها ووضع قبور وهمية فيها، ليتم حجزها لاحقًا لتنفيذ مشاريع استيطانية.
"وتأتي هذه الخطة في سياق أعمال الحفريات وشق الأنفاق لمحاولة إيجاد أي أثر لحضارة يهودية مزعومة، لذا يقومون بتزوير الوجه الحضاري لمدينة القدس لإثبات أحقية اليهود في هذه المنطقة"، يقول أبو ذياب.
وتابع أن هذه المساحات يتم استغلالها فيما بعد لمصادرة الأراضي وإقامة مشاريع استيطانية بعد إزالة هذه القبور، ويتم بناء مستوطنات ومشاريع، وكأنهم يريدون استثمار الأراضي في مشاريع تهويدية استيطانية.
ويشير أبو ذياب إلى أن من يعمل على مشاريع القبور الوهمية كافة مؤسسات دولة الاحتلال من بلدية الاحتلال، ووزارة الأديان، وسلطة الطبيعة والآثار، والجمعيات الاستيطانية، والجمعيات المعنية بالمقابر التابعة لرئاسة وزراء دولة الاحتلال.
أكثر من 60 في المئة من هذه القبور تقع في منطقة سلوان جنوب المسجد الأقصى
وأضاف أن أكثر من 60 في المئة من هذه القبور تقع في منطقة سلوان جنوب المسجد الأقصى، والباقي في منطقة شرق المسجد الأقصى، في منطقة جبل الزيتون وبين سلوان وجبل الزيتون.
الأدهى من إقامة قبور وهمية وفق أبو ذياب هو منع الاعتراض القانوني على مصادرة الأراضي عندما يدعى أن هذه الأراضي كان بها قبور يهودية.
وأوضح أن القانون الإسرائيلي يجعل ملكية ومنفعة الأرض الذي يدعى أنها تمثل إرثًا تاريخيًا وحضاريًا للشعب اليهودي، إلى مؤسسات دولة الاحتلال، ولا يسمح بالاعتراض القانوني في المحاكم.
وفي الوقت الذي تتمدد فيه هذه المقابر الوهمية لليهود ليل نهار على حساب أراضي القدس، يلاحق الاحتلال القبور الإسلامية بنبشها، ومصادرة الأراضي فيها، ومنع الدفن فيها وتوسعتها، وهي قبور حقيقية موجودة ويتم الدفن فيها هذه الأيام. وعلى هذا السياق يعلق أبو ذياب: "الاحتلال يريد أن يظهر أن هذه المدينة ذات دلالات وشواهد ورموز يهودية وليست إسلامية، ومن ثم محاصرة المسجد الأقصى بكل هذه المشاريع، وفرض البعد الديني على مدينة القدس واستغلاله لأسباب سياسية".