يتداول كثيرًا الحديث عن التكاليف العسكرية للحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، باعتبارها مفارقةً حيث تدفع "إسرائيل" ملايين الدولارات في مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. رغم ذلك، هناك جانب آخر لهذه القضية، وهو الصناعات العسكرية الإسرائيلية التي تعد تجارةً رابحةً لـ"إسرائيل" في العالم، خاصةً أن الكثير من الشركات الإسرائيلية تروج صناعاتها باعتبارها مجربةً في أرض المعركة، وهذا ما يتناوله مقال نشرته مجلة +972 للكاتبة كيرين عساف الناشطة في مناهضة الصناعات العسكرية.
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 والذي استمر لمدة 51 يوميًا كان نقطة تحول في الصادرات العسكرية الإسرائيلية
يفتتح المقال بالإشارة إلى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 والذي استمر لمدة 51 يوميًا كان نقطة تحول في الصادرات العسكرية الإسرائيلية التي شهدت انتعاشةً كبيرةً نتيجة اختبار أسلحة تم تطويرها لأول مرة في أرض المعركة مثل الطائرات المُسيّرة والصواريخ ومعدات المراقبة البرية، وعقدت "إسرائيل" صفقات أسلحة بملايين الدولارات حول العالم، وفي حينه قال موظف في أحدى شركات صناعة الأسلحة الإسرائيلية إن "صناعة الأسلحة سوف تتضرر في حال استمرت إسرائيل لمدة 20 عامًا بدون عمليات عسكرية".
منذ هذا التصريح وتلك الحرب خاضت "إسرائيل" حربًا أخرى ضد قطاع غزة و4 جولات من التصعيد على الأقل بالإضافة إلى الاستمرار في حصار قطاع غزة، فيما كان العدوان الإسرائيلي في أيار/ مايو 2021 لحظة انتعاشة كبيرة للصناعات العسكرية، وحطمت رقمًا قياسيًا بمبيعات تزيد عن 11 مليار دولار. وبعد أقل من أسبوعين من الحرب، عقدت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية صفقة مُسيّرات مع دولة آسيوية بقيمة 200 مليون دولار.
خلال العدوان الأخير على قطاع غزة مطلع الشهر الجاري، استخدمت "إسرائيل" المُسيّرات بكثافة وحاولت الترويج لذلك من خلال وسائل الإعلام، وتُعد من الدول الرائدة في هذا المجال خاصةً أن التقديرات تشير إلى حصولها على 60% من حصة السوق العالمي للطائرات المُسيّرة على مدار 30 عامًا الماضية.
تنتج شركة ألبيت على 85% من المُسيّرات التي يستخدمها جيش الاحتلال، من بينها طائرة هيرمس التي استخدمت لأول مرة خلال حرب 2014، وقتلت في واحد من أول طلعتها الجوية أربعة أطفال خلال لعبهم على شاطئ قطاع غزة، ولكن بعد الحرب تمكنت من توريد هذا النوع من المُسيّرات إلى الجيش الأمريكي الذي يستخدمها في مراقبة حدوده الجنوبية مع المكسيك.
وشركة ألبيت تنتج القنابل العنقودية أيضًا، التي وقعت 100 دولة في العالم على منع استخدامها عام 2008، لم تكن "إسرائيل" من بينها، واستخدمتها في العدوان الذي نفذته ضد قطاع غزة في نهاية العام نفسه.
يضيف المقال إلى أنه خلال الحروب على قطاع غزة تم استخدام 4 أنواع من الصواريخ، من بينها صواريخ سبايك التي تنتجها شركة رفائيل للصناعات العسكرية، وتسببت هذه الصواريخ في استشهاد المئات من أهالي قطاع غزة، من بينها استهداف مدرسة في مدينة رفح، أسفر عن استشهاد 12 فلسطينيًا، فيما يشير المقال إلى أن مبيعات شركة رفائيل ارتفعت في عامي 2020 و2021 إلى 400 مليون دولار.
لم تقتصر الفائدة على الشركات العسكرية، فنتيجة الحصار على قطاع غزة، تستفيد شركات الهايتك والتكنولوجيا من تطوير أنظمة الرادار والتحكم والمراقبة - وكلها حولت "إسرائيل" إلى إمبراطورية إلكترونية . وبحسب المقال يذهب أكثر من 40% من الاستثمار العالمي في شركات التقنية العالية إلى الشركات المملوكة لإسرائيل، التي قال الرئيس التنفيذي لواحدة من هذه الشركات إن "غزة تحولت إلى مساحة عرض للأسوار الذكية لشركته، مما يثبت للعملاء المحتملين أنها خضعت للاختبار في المعركة".
واعتبر المقال الحصار والهجمات على قطاع غزة تجارةً مربحةً ليس فقط لإسرائيل، بل للولايات المتحدة الأمريكية التي تزودها بالطائرات التي تشارك في عملية قصف قطاع غزة.
في نهاية المقال تعتبر كيرين عساف أن هناك مصلحة واضحة في الحفاظ على قطاع غزة كميدان من أجل تجربة وتطوير الأسلحة الفلسطينية وترويج لها باعتبارها "مجربة في المعركة"، مشيرة إلى تواطئ عالمي للدول التي تستفيد من صادرات وواردات الأسلحة.