17-ديسمبر-2016

تجري الترتيبات في إسرائيل لتنفيذ مشروع استيطاني على أراضي محافظة الخليل، ستدفع ثمنه بالدرجة الأولى بلدة بيت امر، وكلية فلسطين التقنية - العروب، شمال الخليل، التي تعاني أصلاً أزمة ماليةً خانقةً منذ سنوات، تقول إدارتها إنها تتواصل بعيدًا عن أي اهتمامٍ رسمي.

ويدور الحديث عن مخططٍ هيكليٍ استيطانيٍ بادرت به الحركة الاستيطانية "أماناه" في تسعينات القرن الماضي، يهدف إلى خلق "تواصل جغرافي" مع الشارع الالتفافي رقم 60 من الجهة الشرقية له، وهو الشارع الاستيطاني الذي يخترق الضفة الغربية وصولاً إلى العفولة في الداخل المحتل.

تُعد إسرائيل لشق شارع سيقسم كلية فلسطين التقنية – العروب إلى قسمين وقد يتسبب بإغلاقها

وأقر مجلس التنظيم الأعلى لـ"الإدارة المدنية" الإسرائيلية قبل عامٍ التقدم في المخطط الهيكلي الذي تعكف على تنفيذه "مديرية الاستيطان"، ليشتمل على خطةٍ لتوسيعٍ مكثفٍ لمستوطنات الضفة.

كلية فلسطين التقنية الحكومية ستكون أكبر المتضررين من هذا المشروع عند تمريره، إذ سيقسمها إلى شطرين ويقلص مساحتها بنسبة 40%، وفقًا لما أفاد به النائب الإداري لعميد الكلية عبد الله بنات، في حديثٍ لـ"ألترا فلسطين".

اقرأ/ي أيضًا: القسام: الزواري أشرف على مشروع طائرات الأبابيل

وقال بنات، إن هذه الخطوة ستؤدي بالتأكيد لتناقص أعداد الطلبة وربما إغلاق الكلية لاحقًا، إذ سينعدم الأمان في ساحات الكلية التي ستتحول بلا شك لساحة مواجهاتٍ يوميةٍ مع المستوطنين وجنود الاحتلال.

 

 

 

وتبلغ مساحة كلية فلسطين التقنية 30 دونمًا، منها 12 دونمًا غير مستغلةٍ بشكل فعلي، وخرّجت عبر سنوات تأسيسها حوالي 2300 طالبٍ من أربعة أقسامٍ خاصةٍ ببرنامج الدبلوم، وثلاثة أقسامٍ خاصةٍ ببرنامج البكالوريوس، ويقع بالقرب منها مدرسةٌ زراعيةٌ حكوميةٌ ومحطة أرصادٍ جويةٍ، ضمن بيئةٍ طبيعيةٍ خلابة.

تقع كلية العروب ضمن بيئة خلابة

 

تقع كلية العروب ضمن بيئة خلابة

 

تقع كلية العروب ضمن بيئة خلابة

 

وأفاد رئيس بلدية بيت امر المجاورة لمخيم العروب وكلية فلسطين التقنية، أن "الإدارة المدنية" سلمت البلدية مخططًا هيكليًا للطريق المذكور عام 2003، ثم سلمتها نسخةً معدلةً منه العام الماضي، موضحًا، أن الطريق في حال تنفيذه سيؤدي لابتلاع 1300 دونم من الأراضي في المنطقة.

ولن يكون المشروع الاستيطاني المذكور أول فصول معاناة كلية فلسطين التقنية مع الاستيطان، فعلى بعد أمتارٍ فقط منها تحول المستشفى الخيري "بيت البركة" إلى بؤرةٍ استيطانيةٍ تستوعب بشكل مبدئي 20 عائلةً من المستوطنين، وذلك بعد استيلاء الاحتلال عليه العام الماضي.

يفصل هذا السياج وهذه الأشجار كلية العروب عن بيت البركة

 

تتمركز قوات الاحتلال دائمًا عند بيت البركة وفي محيط كلية العروب

 

وحسب الخبير في شؤون الاستيطان سهيل خليلية، فإن حكومة الاحتلال أعلنت عن عطاءاتٍ جديدةٍ لإجراء أعمال توسعةٍ وإقامة مبانٍ جديدةٍ في مستوطنتي "غوش عتصيون" و"بيتار عيليت" اللتين تمتد أجزاء منهما إلى بيت امر وكلية فلسطين التقنية.

وأضاف خليلية لـ"ألترا فلسطين"، أن الاحتلال سيستغل استيلاءه على "بيت البركة" والقانون الدولي الذي يجيز للجيوش في حالات الاحتلال شق الطرق لخدمة أهدافه الأمنية، بهدف المضي قدمًا في شق الطرق لربط المستوطنات المقامة في الضفة بالداخل المحتل.

الطريق المؤدي لكلية العروب

 

يأتي ذلك في وقتٍ تشكو فيه إدارة كلية العروب من محدودية الدعم الذي تقدمه السلطة الفلسطينية لها، حتى بعد الاستيلاء على بيت البركة، إذ لم يغير المشروع شيئًا من نوعية الدعم المقدم للكلية.

تشكو إدارة كلية فلسطين التقنية من تهميشها رسميًا رغم أنها الكلية الحكومية الوحيدة في جنوب الضفة

وتحدث عميد الكلية مهيب أبو لوحة لـ"ألترا فلسطين" عن أن الاهتمام الرسمي يقتصر على مشاركة بعض المسؤولين في حفلات التخرج، رغم أن فلسطين التقنية هي الكلية الحكومية الوحيدة في جنوب الضفة، ويستفيد منها بشكل كبير طلاب محافظتي الخليل وبيت لحم، نظرًا لانخفاض ثمن الساعات الدراسية فيها.

وبين أبو لوحة، أن إدارة الكلية طالبت في أكثر من رسالةٍ بعثتها إلى الجهات المختصة بزيادة فاعلية الخدمات المقدمة للكلية، وتحويلها لجامعةٍ على غرار جامعة خضوري في طولكرم، وزيادة الطاقة الكهربائية للكلية والأقسام وتوفير المحاضرين والموظفين لها، واستثمار المساحات المتوفرة في الكلية لإقامة مراكز حكومية، مما يعني حمايتها من خطر ابتلاع الاستيطان لها.

وأشار إلى أن الكلية أقامت مسرحًا يستوعب 700 شخص، وناشدت الحكومة بتجهيزه في أسرع وقت ممكن لشق طريقٍ حيويٍ للكلية، من شأنه الوقوف في وجه الأخطار الاحتلالية المحدقة بالكلية، إلا أن كل هذه المطالبات والمناشدات لم تجد أي اهتمام.

مسرح كلية العروب بانتظار تجهيزه

في المقابل، توضح دراسةٌ أجراها مركز أبحاث "ماكرو لاقتصاد الدولة" الإسرائيلي، ازدياد الميزانيات الإضافية التي تنقلها حكومة الاحتلال لصالح المستوطنات عام 2015 بنسبة 28.4% مقارنة مع عام 2014.

 

وسبق أن ارتكب جنود الاحتلال انتهاكاتٍ عديدةٍ بحق طلاب الكلية، ففي تشرين الثاني من العام الماضي احتجزوا عددًا من الطلبة لوقت غير قصيرٍ، وأجبروهم على الجلوس أرضًا بعد تقييدهم.

اقرأ/ي أيضًا: 

نفايات "ديمونا".. قاتل صامت في الخليل

في الخليل.. فتاة تُحكِّم مباريات كرة القدم

مجاري المستوطنات تهلك الحرث والنسل في دورا