الترا فلسطين | فريق التحرير
"انتقامنا سيكون ضحكات أطفالنا"، خط الفلسطينيون هذا الاقتباس للمناضل الإيرلندي بوبي ساندز على جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية.
بوبي ساندز، الذي فقد حياته عام 1981، بعد إضراب دام 66 يومًا عن الطعام في السجون البريطانية، كان عضوًا في الجيش الجمهوري الإيرلندي المقاوم ضد الاحتلال البريطاني، وأصبح رمزًا لمقاومة الاستعمار حول العالم.
تعاطف الإيرلنديون مع الحركة الصهيونية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، ولكن هذا تغير سريعًا.
وبينما يواجه قطاع غزة مجزرة بحقه على يد الاحتلال الإسرائيلي، مدعومًا بتصريحات سياسية من البرلمان الأوروبي وقادة دول الاتحاد الأوروبي، فإن إيرلندا تقف واضحة في دعمها للفلسطينيين، وترفع عاليًا الأعلام الفلسطينية على شرفات منازلها.
هذا الدعم المستمر للفلسطينيين، والذي لايزال مستمرًا منذ عقود، ينبع من إيمان إيرلندا بحق الشعوب في مقاومة الاستعمار، والحق في تقرير المصير.
من دعم الحركة الصهيونية لدعم الفلسطينيين
في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، كان التعاطف الإيرلندي ينصب بشكل مباشر مع الحركة الصهيونية، واعتمد بشكل كبير على أوجه التشابه بين المعاناة التاريخية الإيرلندية واليهودية.
ويذكر موقع Foreign Policy، أن الإيرلنديين دافعوا عن النضال اليهودي من أجل تقرير المصير ضد البريطانيين، إذ كتب صحفي في مارس 1945 في مجلة "ذا بيل" الإيرلندية الرائدة، "لا ينبغي أبدًا أن ننسى أن الشعب الإيرلندي…قد شهد كل ما يعانيه الشعب اليهودي في فلسطين من الإرهابيين البريطانيين الذين فرضتهم قوة الانتداب على البلاد".
ولكن التصورات الإيرلندية تجاه إسرائيل سرعان ما تغيرت، وبمجرد أن قبلت الحركة الصهيونية تقسيم فلسطين، بدأ الإيرلنديون في رسم أوجه التشابه بين السياسات الإسرائيلية والاستعمار البريطاني، وبالنسبة للكثير منهم، بدت الدولة اليهودية أقل شبهًا بمجتمع ديني يناضل من أجل حقوقه الطبيعية، وأكثر شبهًا بمستعمرة وضعتها قوة السلاح البريطانية بشكل غير شرعي وتعتزم فرض نفسها على السكان الأصليين.
لم تعترف إيرلندا بدولة الاحتلال إلا عام 1963، أي بعد 15 عامًا من النكبة، ومع ذلك استمرت في موقفها الداعم لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، وبعد انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي عام 1973، أخذت الحكومات المتعاقبة في دبلن زمام المبادرة في مناصرة القضية الفلسطينية داخل أوروبا، وفي فبراير\شباط 1980، كانت أول عضو يدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية، وآخر دولة سمحت لإسرائيل بفتح سفارة في بلدها.
التاريخ الإيرلندي، يدفع العديد منهم إلى دعم المضطهدين والمهمشين حول العالم، خاصة في أطر الإمبريالية والاستعمار.
أما حديثًا فاستمرار الإدانة الإيرلندية لإسرائيل، تم مواجهتها بردود فعل تحريضية من جانب حكومة الاحتلال، ولعل أكثرها استفزازًا جاء من السفارة الإسرائيلية في دبلن، التي نشرت في عام 2012 منشورًا على الفيسبوك، تقول فيه: "لو كان يسوع والأم مريم على قيد الحياة اليوم، لكان من المحتمل أن ينتهي بهم الأمر، كيهود بدون أمن، إلى الإعدام دون محاكمة في بيت لحم على يد فلسطينيين معاديين. مجرد فكرة…"
ورغم اعتذار السفارة لاحقًا، إلا أن منشورًا آخر في عام 2014 يصور تمثال مولي مالون الشهير في دبلن وهي ترتدي البرقع مع تسمية توضيحية تقول: "إسرائيل الآن، إيرلندا التالية"، الذي أيضًا أدى إلى غضبٍ شديد ضد ما اعتبره الكثيرون محاولة واضحة لإثارة المشاعر المعادية للمسلمين في إيرلندا.
إيرلندا … تقف وحيدة في دعمها للفلسطينيين في أوروبا
كان موقف الاتحاد الأوروبي واضحًا في دعمه للاحتلال، إلا أن إيرلندا وقفت وحيدة في اتهامها إسرائيل بارتكاب "عقاب جماعي ضد الفلسطينيين"، وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، كانت تضغط جنبًا إلى جنب إسبانيا، من أجل هدنة إنسانية.
"فلتحيا فلسطين ولتحيا غزة".. كلمة قوية ومؤثرة لعضوة برلمان الاتحاد الأوروبي الإيرلندية كلير دالي، تهاجم فيها سياسات الاتحاد الأوروبي بقوة
⬇️ تابعنا
🚨تيليغرام: https://t.co/kNLyhu2OKp
📷واتساب: https://t.co/wkeS6THO5m pic.twitter.com/Qql3Ls4DZy— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) October 20, 2023
ذكرت الكاتبة أولا مولالي، في مقال رأي لها في صحيفة الغارديان، أنه لم تكن هناك أصوات تبرر هجوم حماس في عملية طوفان الأقصى، إلا أن الإيرلنديين ينظرون إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية حرية وسلام، مع استمرار انتقاد الساسة في إيرلندا بشكل واضح للحكومة الإسرائيلية.
مضيفة أن التاريخ الإيرلندي، يدفع العديد منهم إلى دعم المضطهدين والمهمشين حول العالم، خاصة في أطر الإمبريالية والاستعمار. ويمكن لهذا الشعور أن يعبر عن نفسه في الحياة الثقافية اليومية، على سبيل المثال التعاون ما بين نادي كرة قدم شهير في دبلن مع منظمة رياضية فلسطينية غير ربحية، لجمع تبرعات لدعم لاعبي كرة القدم الأطفال في مخيم طولكرم.