05-فبراير-2018

بعد عمليّة إطلاق النار الأخيرة قُرب نابلس، وعمليات المداهمة التي تبعتها في مناطق جنين شمال الضفة الغربية، تعاطى جهاز "الشاباك" الإسرائيليّ، بحسب ما سُمح بنشره، مع ما وصفه بـ "خلية محليّة" غير مرتبطة بتنظيم أو خلايا أخرى. ما قد يؤكد هذه الفرضية، الاستراتيجية التي يُطبّقها الشاباك في مطاردة من يصفه بـ "رأس الخلية" أحمد نصر جرار.

   الإشاعات، وتضييق الخناق على المُطارد ومتابعة شبكة علاقاته، ومراقبة الاتصالات، ونشر شبكة من الجواسيس وانتظار أيّ خطأ يقود للمنفّذ   

في المرحلة الأولى من التحقيق والتي سبقت تحديد هوية منفذي الهجوم، لجأ جهاز الشاباك الإسرائيليّ، إلى إطلاق إشاعات تقليدية حول اعتقاله أو قُرب اعتقاله للمنفذين، لدفع "الخلية" أو من يوجهها للتواصل بأي طريقة، بهدف تحديد أعضائها من خلال اعتراض مكالماتهم الهاتفية أو الإلكترونية، ولكنّ تلك الحيلة كما يبدو تجاوزتها "الخلية" لأنّها لم تكن على اتصال بأحد رُبما، وامتلكت الوعي الكافي. وجاء رأس الخيط في التحقيق من مكان آخر هو السيارة المحروقة التي عثر عليها قرب الجامعة الأمريكية في جنين.

المتابع لتسلسل الأحداث بعد عملية جيش الاحتلال التي فشلت باعتقال أحمد جرار، بإمكانه الاستتناج أنّ "الشاباك" حسم أمره بشأن الموضوع، فالحديث يدور عن خلية محليّة وليس تنظيم أو عدّة خلايا، وبناءً على هذه الفرضيّة يدير "الشاباك" عملية المطاردة بهدف الوصول لأحمد نصر جرار.

وبالتالي فإنّ فرضية أنّ الشاب جرار يقود خلية محليّة، تفسّر خطة العمل التي يطبّقها "الشاباك"، التي تقوم أولًا على تحقيق هدف آني يتمثّل بدفعه لصرف كافة جهوده في العمل على تأمين نفسه؛ فأيّ شخص مطارد يتولى بنفسه تأمين المأوى والغذاء والسلاح والتنقّل بالاعتماد على شبكة علاقاته الشخصية ومعارفه وأقاربه وزملاء الدراسة والعمل ورفاق السجن. وتقوم خطة الشاباك في هذه الإطار على استهداف شبكة العلاقات بالاعتقال والمداهمات ونشر العملاء، للوصول إليه في حال التجأ إلى أيّ من شبكة علاقاته.

الاعتقالات والمداهمات في الميدان حتى الآن، ووفقًا لوسائل الإعلام العبرية، تُشير إلى أنّ دائرة البحث عن جرار لا تزال مقتصرة على مدينة جنين وبعض بلداتها.

وتعمل أجهزة أمن الاحتلال وفق قاعدة أنّ "متحرّكان لا بُدّ سيلتقيان"، لذلك عمد "الشاباك" لمداهمة عدة أهداف خلال فترة زمنية متقاربة بحثًا عن أحمد، مع حرصه على الإعلان أنّ أحمد هو المستهدف، وذلك بهدف دفعه للتحرك إن تواجد في الأماكن المستهدفة، أو استدارج أحد معاونيه للاتصال به أو آخرين أو العكس لتحذيره، وفي حال الحركة يملك "الشاباك" فرصة لاعتقاله أو تحديد مكانه أو اعتراض المكالمات.

وبالطبع يصاحب تلك المداهمات موجة إشاعات يطلقها "الشاباك" لاستدارج أحمد أو معاونيه. وبناءً على ذلك، سيضاعف "الشاباك" خلال الأيام المقبلة استهدافه لشبكة علاقات جرار اعتقالًا ورصدًا ومتابعة.

تجدر الإشارة إلى أنّ ما ينشره الاحتلال من معلومات، عن عملية مطاردة الشاب جرار، مدروسة بشكل جيّد، وتهدف للإيقاع به لذلك. ومن الأمثلة على ذلك حين نجح الشاباك في تحديد مكان الشهيد نشأت ملحم، أطلق معلومة مفادها أنّه انسحب نحو الضفة الغربية، ومثلما فعل أيضًا في عملية تحرير الجنديّ الإسرائيلي "نحشون فاكسمان" حيث أطلقت أجهزة الأمن الإسرائيلية تصريحات مفادها أنّ الجيش الإسرائيل يستعدّ لاحتلال غزة، لتحرير فاكمسان، بينما كان الجيش والشاباك يداهمون المنزل الذي تحصّنت فيه الخلية الخاطفة في بلدة بيرنبالا.

وفي حال نجح أحمد جرار بالإفلات من الاعتماد على شبكة علاقاته الشخصية المستهدفة حاليًا بالتحرّك والاختفاء، فإنّ "الشاباك" سيوسّع نطاق دائرة المطاردة لتشمل الضفة الغربية بأكملها، وذلك يمنحه فرصة لالتقاط أنفاسه لتنفيذ هجمات إضافية ربما، أو تجنيد آخرين لخليته.

وشهدت الانتفاضتان الأولى والثانية نماذج مشابهة، انضمت فيها خلايا محلية لتنظيمات، أو عثرت على أنصار ومتعاطفين تعاونوا معها من خارج نطاق دائرة البحث التي يستهدفها "الشاباك"، وبذلك تجاوز العمر الافتراضي للخليّة المحلية أو المقاوم المنفرد من أسابيع وأشهر لسنوات.


اقرأ/ي أيضًا:

هل تحوّل أحمد جرار لأسطورة فلسطينية؟

3 فدائيين من "زمن نابلس الجميل"

تسريبات إسرائيلية عن عملية نابلس.. ماذا وراء ذلك؟