نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" تقريرًا تناول تبعات وقف تركيا أنشطتها التجارية مع "إسرائيل" على جيوب جميع الإسرائيليين. وخاطبت الصحيفة الإسرائيليين بالقول: "إنّ جيبك على وشك تلقي ضربة مؤلمة أخرى قريبًا جدًا. قد يؤدي قرار أردوغان الذي يشكّل سابقة إلى منحدر زلق من عدم اليقين في صناعة الاستيراد والتصدير، وإلى نقص هائل في السلع وارتفاع كبير في الأسعار".
مبعث القلق الأساسيّ لدى الإسرائيليين يتمثّل في أن المقاطعة التركية هي البادرة الأولى والتي قد تدفع دولًا أخرى لفرض قيود تجارية على "إسرائيل"
وكتبت الصحيفة: "تشهد العلاقات الإسرائيلية التركية العديد من التقلّبات في كل مرة تقوم فيها "إسرائيل" بأي عمل عسكري في قطاع غزة. لكن هذه المرة يبدو أن الأمر مختلف، وغير مسبوق، ليس فقط على مستوى العلاقات بين الطرفين، بل على المستوى العالمي أيضًا. ومن الصعب التنبؤ بالعواقب الاقتصادية طويلة المدى لقرار أردوغان، لأنه ليس من الواضح بعد إلى أي مدى ستذهب تركيا في تنفيذ القرار وإنفاذه عمليًا، وماذا ستفعل إسرائيل ردًا على ذلك، وهل سيتم فرض مقاطعة مضادة من جانب إسرائيل؟".
وبحسب "يسرائيل هيوم" فإنّه في هذه المرحلة هناك عدد لا بأس به من القضايا غير الواضحة في قرار أردوغان، مثل: هل ستؤثر المقاطعة التركية أيضًا على استيراد النفط إلى إسرائيل عبر تركيا؟ حيث تستورد "إسرائيل" حصة كبيرة من النفط من أذربيجان عبر خط أنابيب النفط BTC - باكو - تبليسي - جيهان، والذي يمر معظمه عبر تركيا. وفي حال شمل الحظر الذي فرضه أردوغان على التجارة بين تركيا و"إسرائيل" تدفُّق النفط من أذربيجان فإن ذلك سيجبر "إسرائيل" على استيراد النفط من مصادر أخرى.
تخوّف من توقّف تدفق النفط الأذربيجاني إلى "إسرائيل" والذي يمر عبر تركيا
وقالت وزارة الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلية للصحيفة الإسرائيلية: "كما هو معروف، نحن لا نشير إلى مصادر واردات النفط إلى إسرائيل، وتواصل الوزارة مراقبة جميع التطورات الإقليمية، ولا توجد تداعيات للقرار التركي على الإمدادات النفطية في هذه المرحلة".
من جهتها، تشير جاليا ليندنشتراوس، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي والمتخصصة في السياسة الخارجية المعاصرة لتركيا، إلى أنّ الواردات من تركيا لا تشكل سوى حوالي 5 في المئة من إجمالي الواردات إلى "إسرائيل"، وهي ليست منتجات لا يمكن تعويضها. ومع ذلك، على المدى القصير، قد يتسبب هذا الحدث في أضرار اقتصادية من شأنها أن تغذي موجة ارتفاع الأسعار في السوق الاسرائيلي سواء بسبب عدم اليقين الذي سينشأ في صناعة الاستيراد والتصدير أو بسبب الوقت الذي ستستغرقه الشركات الإسرائيلية لإيجاد بدائل.
وتستورد "إسرائيل" مجموعة واسعة من المنتجات من تركيا خصوصًا المنتجات الغذائية وأدوات النظافة والمنسوجات والمنتجات الكهربائية، وكذلك المواد الخام للصناعة والبناء، ومعظمها منتجات بسيطة من الناحية التكنولوجية.
الواردات التركية لـ "إسرائيل" لا تزيد عن 5 في المئة، وغيابها قد يحدث ارتفاعًا في الأسعار إلى حين إيجاد بدائل، كما أنّ الاستيراد من دول أخرى سيأخذ وقتًا أطول مقارنة بتركيا
وعن تداعيات المقاطعة التركية لـ "إسرائيل" تضيف جاليا ليندنشتراوس: "لكن العثور على مصدر بديل سيستغرق وقتًا، ومن المرجّح أن يكون أكثر تكلفة، كما أنّ الاستيراد سيستغرق وقتًا أطول، وهناك أيضًا خوف من أن تنضم دول أخرى، صراحة أو بشكل مستتر، إلى مقاطعة التجارة مع إسرائيل، وستكون هناك أيضًا صعوبة في الحصول على البدائل، وسيشعر المستهلك بالنقص في بعض السلع التجارية التي اعتاد عليها، وفي الوقت نفسه سيكون هناك ارتفاعات في الأسعار بسبب قلة العرض".
وتحت عنوان "البدائل ستكون أكثر تكلفة" كتبت الصحيفة: "بحسب كبير الاقتصاديين في شركة BDO الاسرائيلية حين هرتزوغ، فإن المقاطعة التركية ستؤثر على جيوب جميع الإسرائيليين. فتركيا مصدر لواردات المنتجات المنخفضة السعر، وستكون بدائل الواردات أكثر تكلفة. وسيلحق الضرر الرئيس بالصناعات التي تشكل الواردات من تركيا وزنًا كبيرًا فيها، خصوصًا صناعة البناء، والأسمنت، والخضروات، والمنتجات الغذائية. ويجب أن نتذكر أن قطاعيّ البناء والزراعة قد تأثّرا بالفعل بشدة منذ بداية الحرب بسبب نقص الأيدي العاملة، وقد يؤدي مزيج النقص الناتج عن وقف الاستيراد من تركيا إلى تفاقم الزيادة في أسعار المساكن والفواكه والخضروات".
وأضاف هرتزوغ أن الواردات من تركيا تشكّل خمسة بالمئة فقط من الواردات إلى "إسرائيل"، ما يعني أن نحو 95 بالمئة من الواردات لن تتأثر بالمقاطعة التركية. لكن مبعث القلق الرئيس هو أن المقاطعة التركية هي البادرة الأولى التي ستؤدي إلى فرض قيود تجارية على اسرائيل من جانب الدول الأخرى، أو من جانب الشركات الكبرى في العالم، والمقاطعة التركية تذكِّرنا بالأيام المظلمة للمقاطعة العربية على التجارة مع إسرائيل، ما أدى إلى خوف الشركات العالمية الكبرى من العمل في إسرائيل".