طغى اسم، يحيى السنوار، على التغطيات الإعلامية الإسرائيلية التلفزيونية والإذاعية والمكتوبة، فور نشر النبأ الذي أشار إلى انتخابه قائدًا لحركة حماس في قطاع غزة. واعتمدت التغطية على مقابلاتٍ مع الضباط السابقين الذين يعرفون السنوار جيدًا، وخبراء الشؤون العسكرية والفلسطينية، ومعظمهم أصحاب خلفياتٍ عسكرية.
وتمحورت تغطية الصحف العبرية لفوز السنوار بقيادة حماس في غزة ما بين عرض صفات الرجل الشخصية وسجله في الحركة، واستعراض تأثير ذلك على إسرائيل، وعلى علاقات الحركة مع إيران وقطر ومصر.
اهتمت الصحافة الإسرائيلية بانتخاب يحيى السنوار قائدًا لحماس في غزة، أكثر من اهتمامها بزيارة نتنياهو إلى واشنطن للقاء ترامب
"إسرائيل اليوم" أكثر الصحف العبرية توزيعًا، كرست صفحتها الأولى لعنوان "المدير الجديد لغزة: انتصار المتطرفين".
اقرأ/ أيضًا: النقاش عن بطش حماس: حلب وغزة والفرق بينهما
آفي ديختير رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وهو رئيسٌ سابقٌ لجهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، وكان مسؤولاً عن قطاع غزة خلال فترة الانتفاضة الأولى، تحدث قائلاً: "من اليوم أصبح رئيس السلطة الفلسطينية التابعة لحماس في غزة القاتل. الفرق بين المستوى السياسي والعسكري في حماس ما هو إلا فرية، ولكنها الآن اختفت. منذ الآن، ومن فترةٍ طويلة الثلاثي - السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسي - مجموعة قتلةٍ يديرون قطاع غزة، ومنذ اليوم ستكون الرائدة هناك".
وبعد استخدام فوز السنوار لنفي وجود فرقٍ بين المستوى السياسي والعسكري لدى حماس، مضى ديختير محرضًا بالقول: "قيادة حماس في غزة ترى الأمور الآن عبر الصورايخ، وعن طريق الأنفاق، وعمليات الخطف وتجنيد مخربين من الضفة الغربية لتنفيذ هجمات إرهابية"، على حد تعبيره.
وعن تداعيات وصول السنوار لقيادة حماس بغزة، أضاف، "السلسلة ستعمل على النحو التالي: السنوار سيكون بديلاً لهنية في غزة، وهنية بديلاً لمشعل الذي سيخلف عباس عندما تحين اللحظة المناسبة، هذه تطلعات حماس".
ويلخص ديختير الرسالة التي يجب على إسرائيل أن تفهمها من انتخاب السنوار، في وجوب أن تعزز قدراتها على تدمير ما وصفها بـ"البنية التحتية الإرهابية" لحماس في غزة، "لأن استخدام تلك البنى قد يكون مبكرًا بشكل أكثر مما توقعنا"، حسب قوله.
صحيفة "يديعوت أحرنوت"، بدورها، كرست صفحةً كاملةً شارك في إعدادها كبار معلقيها. واختار المعلق العسكري ألكس فيشمان لتحليله عنوان "لقد جرى تحرير زناد الأمان، والبندقية جاهزة لإطلاق النار". وكتب "ليس ثمة حاجة لطرح أساطير حول قطاع غزة، لقد جرى تحرير البندقية من زناد الأمان، تمهيدًا لجولةٍ عسكريةٍ رابعةٍ في مواجهة حماس. عندما اختار قادة يحيى السنوار قائدًا للتنظيم في غزة، فإنهم اختاروا بالنسبة لمليوني فلسطيني الخيار العسكري".
وأضاف فيشمان، "نقل القيادة من هنية وهو قائد برغماتي نسبيًا يعتمد على الإجماع داخل التنظيم، إلى يد السنوار القائد بلا منازع، والمقاتل، الذي دفع منذ عملية الجرف الصامد (عدوان 2014) نحو تكريس استثماراتٍ ضخمةٍ لبناء قوةٍ عسكريةٍ، يعتبر برميل بارودٍ بانتظار صاعق التفجير".
يعتقد أحد المحللين الإسرائيليين أن المجتمع سيوقف تمويله لأعادة إعمار غزة، في حين ستجد إيران فرصتها لدعم حماس بقوة
ويشخص فيسشمان صاعق التفجير بالإشارة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يُعد مفاجأة جيدةً لإسرائيل تتمثل في الإعلان عن الحرس الثوري الإيراني والإخوان المسلمين، "تنظيمات إرهابية"، مضيفًا، "حماس نمت من داخل الإخوان المسلمين، وتعتمد عسكريًا على الحرس الثوري الإيراني. وفي حال فعل ترامب ذلك، فإنه سيقطع طريق أي دعمٍ غربيٍ لقطاع غزة، وكل مشاريع إعمار المباني والبنى التحتية ستتوقف. والنتيجة: حماس ستصبح أكثر تطرفًا في مواقفها، وستعتمد فقط على الداعم الوحيد الذي تبقى لها، وهي إيران. وبهذا يصبح لديكم برميل المتفجرات".
اقرأ/ي أيضًا: كيف اخترقت "حسناوات حماس" هواتف جنود الاحتلال؟
أما أليئور ليفي المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت" أيضًا، فقد رأى أن "اختيار السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحماس في غزة، يحمل في طياته إمكانية أن يطرأ تغييرٌ على الخط السياسي للحركة، ستنطلق بعده في سباقٍ تنافسيٍ بين بؤر القوة الإقليمية للتأثير على الحركة".
وأضاف، "مثلاً مصر ستحاول التقرب من حماس لإيقاف دعمها لداعش سيناء، وستستخدم مصر لهذه الغاية معبر رفح. وإيران ستدرك بسرعة أن تسخين العلاقات مجددًا مع حماس في غزة سيؤدي لبناء قاعدةٍ خاضعةٍ لإمرتها مقابل استئناف تزويد حماس بالسلاح، والسنوار بخلاف مشعل يدعم استئناف العلاقات مع إيران".
ويختم ليفي بالقول: "على الرغم من كل ذلك، فإن الاعتقاد السائد هو أن السنوار ومقربيه في القيادة لا يريدون البدء في مغامرةٍ عسكريةٍ في مواجهة إسرائيل الآن. في المرحلة الأولى سيركزون على إعادة توجيه التنظيم وبلورة صورةٍ جديدةٍ ومختلفةٍ لحماس: أكثر تحديًا وأيدلوجيًا وأكثر تمسكًا بالدين، والتأييد لكتائب القسام لا يعني بالضرورة أن تبدأ القيادة العسكرية بالسيطرة على التنظيم بالكامل".
وتحت عنوان "إعرف عدوك"، وفي مربعٍ باللون الأحمر، كتبت الصحيفة تعريفًا شخصيًا بالسنوار، أشارت فيه إلى أنه "مؤسس مخابرات حماس التي تسمى بجهاز المجد".
أجمعت الصحف العبرية على وصف السنوار بالشخص الصلب والعنيد، فيما ركزت "هآرتس" على أنه عسقلانيٌ في إشارةٍ لجذور أسرته
صحيفة "هآرتس" أيضًا، كتبت عنوانًا عريضًا على الصحفة الأولى قالت فيه: "القائد الجديد لحماس في غزة قائد الخط المتطرف في التنظيم". ورأى الصحفي جاكي خوري، والمعلق العسكري للصحيفة عاموس هرئيل في تقريرٍ مشترك، أن "اختيار السنوار، وهو رجل الجهاز العسكري، لشغل منصبٍ سياسيٍ رفيعٍ يرمز إلى تعاظم قوة خط الصقور والمستوى العسكري في حماس".
وأضاف الكاتبان: "السنوار يعتبر الرجل القوي في الجهاز العسكري، الذي نجح بتجاوز مكانة الرجلين الكبيرين الآخرين في قيادة القسام، وهما محمد الضيف ومروان عيسى. إنه يعتبر متطرفًا داخل تنظيمه، وهو من يقود الخط المتصلب لحماس في قضايا الأسرى والمفقودين الإسرائيليين".
وكانت الولايات المتحدة أدرجت السنوار في شهر أيلول/سبتمبر من العام الماضي على قوائم "الإرهاب"، وهو ما أعادت السفارة الإسرائيلية في واشنطن التأكيد عليه، فور انتخاب السنوار رئيسًا لحماس قبل يومين.
وبعد انتخاب السنوار، نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية كاريكاتيرًا ساخرًا بأن وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان قد أدرج السنوار في "بنك الأهداف" للفترة القريبة.
[[{"fid":"57291","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"attributes":{"height":281,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"},"link_text":null}]]
تجدر الإشارة إلى أن السنوار تحرر بعد صفقة "وفاء الأحرار" التي أبرمتها كتائب القسام مع سلطات الاحتلال، وأفرجت بموجبها عن الجندي الأسير جلعاد شاليط، مقابل الإفراج عن 1027 أسيرًا وأسيرةً فلسطينيين.
اقرأ/ي أيضًا:
رئيس سابق لـ"الموساد": فاوِضوا قادة المقاومة