26-يوليو-2018

عند إحدى الطرق المزدحمة بمركبات الفلسطينيين المارة بالقرب من مدينة نابلس، تربع أربعة فتية من المستوطنين على قارعة الطريق، بجانب "بسطة" فاكهة، يبيعون فيها التين.

آلاف المركبات الفلسطينية تعبر شارع حوارة جنوب نابلس بشكل يومي، بينما لا يكاد يخلو هذا الشارع من جيبات جيش الاحتلال، ومركبات المستوطنين التي تعبره أيضًا. وعند مدخل شارع 60 الذي يربط بين نابلس وقلقيلية؛ ولقربه من مستوطنة "يتسهار" يسميه الناس "مفترق يتسهار"، اختار المستوطنون الأربعة أن يبيعوا الفاكهة المسروقة من أرضٍ فلسطينية.

فلسطينيون من عصيرة القبلية شاهدوا المستوطنين الذين باعوا التين في حوارة خلال اعتداءات وسرقات سابقًا

مستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضي قرى حوارة وبورين ومادما وعصيرة القبلية وعوريف وعينابوس، استولت على آلاف الدونمات من الأرضي المزروعة بأشجار الزيتون والعنب والتين والتوت والإجاص على جبل سلمان ومحيطه، حيث تقام المستعمرة.

اليوم، يقف أربعة فتية من المستوطنين، لا تزيد أعمارهم عن العشرين عامًا، ليلوحوا لمركبات المستوطنين، ومركبات ضباط الاحتلال التي تمر بشكل شبه دائم، كي يبيعوهم التين الطازج.

أهالي قرية عصيرة القبلية جنوب نابلس، تعرفوا على المستوطنين الباعة، فهم يشاهدونهم دومًا في كل مواجهة أو هجوم ينفذه مستوطنو "يتسهار" على المنازل المطرفة في القرية، كما أنهم أكدوا أن هذا التين مسروق من شجرهم وأراضيهم التي منعهم الاستيطان والاحتلال من الوصول إليها.

يقول إبراهيم مخلوف لـ الترا فلسطين: "هؤلاء المستوطنين يبيعون التين، وما هو واضح في الصورة ثلاثة أنواع من التين، تين سوادي وتين بياضي، هذين النوعين التقطها المستوطنون من أرض أبو مثقال، بينما التين العناقي فهي من أرض والدي".

لا يزال أصحاب الأراضي يعرفون عدد أشجار التين والعنب واللوز المزروعة بالقرب من بير عصيرة، بئر المياه الذي سرقه أيضًا المستوطنون، حيث كانت نبعة تزوده بالمياه، وتزود قرية عصيرة كاملة بالمياه، لكنها سُرقت وحولت لصالح المستوطنة بشكل كامل.

يقول مخلوف وهو أحد أصحاب المنازل المطرفة في القرية، والذي تعرض منزله لهجمات عديدة من مستوطني "يتسهار"، إنه شاهد قبل يومين مستوطِنَة وأبناءها حول أشجار التين، وكانت تعتلي الشجرة وتلتقط ثمار التين وتوزعه على أبنائها، "وهو ما يؤكد لنا بأن التين الذي عرضه المستوطنون للبيع اليوم، هو من أرضنا ومن أشجارنا" كما قال.

ولا يخفي مخلوف حسرته وحزنه لعدم مقدرته على الوصول إلى أرض والده التي تبعد عن منزله مسافة 150 مترًا على الأكثر، وهي التي كانت سابقًا متنزها لأهالي القرية، وأرضًا خصبة يحافظ عليها المزارعون قبل أن تحرمهم إجراءات الاحتلال وامتداد المستعمرة من الوصول إليها، إذ يعد الاقتراب من المكان خطرًا وربما يؤدي إلى الاعتقال أو الإصابة بنيران جنود الاحتلال المتواجدين في نقطة عسكرية قريبة من المستعمرة.

هذه المرة الأولى - كما أنها تعد سابقة - بأن يفترش المستوطنون الأرض على شارع عربي ويبيعوا التين، غير أنهم رفضوا بيعه للعرب، إذ قال عبد الوهاب لـ الترا فلسطين: "وأنا في طريق العودة من العمل، رأيت المستوطنين يبيعون التين، تفاجأت بهم، وسألتهم عن ثمن علبة التين، لكنهم أجابوني بالعبرية: لو عربيم لو عربيم، أي أنهم لا يبيعون للعرب". بينما واصلوا التبسّم للسيارات التي تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية، ودعوتهم إلى التوقف وشراء التين.