24-مايو-2023
أشباح بيروت

بدأت شبكة "شو تايم" الأمريكية، وشبكة "يس" الاسرائيلية، عرض مسلسل "أشباح بيروت"، الذي تدور أحداثه حول شخصية عماد مغنية، القيادي في حزب الله، منذ الطفولة ثم في فترة مطاردته وصولاً إلى اغتياله. المسلسل من تأليف الصحفي آفي يسخاروف، وهو ذاته مؤلف مسلسل "فوضى: المستعربون" الذي حاز نجاحًا كبيرًا في "إسرائيل" ثم لدى الجمهور الغربي، خاصة في الولايات المتحدة.

أثبت مسلسل "فوضى" فعاليته في ترفيه الإسرائيليين عبر قصصٍ عنصر التشويق فيها قتل الفلسطينيين دون عناء معرفة المزيد عن خلفياتهم على نحو يبعث على الملل

نجاح مسلسل "فوضى" كان يقوم على كثافة عمليات اغتيال الفلسطينين لقتل الملل لدى الجمهور الإسرائيلي في المقام الأول، ثم الجمهور الغربي لاحقًا بعد نجاح المسلسل، غير أن مسلسل "أشباح بيروت" استهدف الجمهورين الإسرائيلي والأمريكي معًا، ويكون هذا ذاته عامل الفشل له.

الصناعات العسكرية الإسرائيلية تتعامل مع قطاع غزة والضفة الغربية كمختبرات لفحص كفاءة سلاحها وتقنيات التجسس التي تطورها، فتلك أنجع طرق التسويق بالنسبة لشركات التصنيع العسكري الإسرائيلي في الغرب؛ الذي لا يدفع المال قبل التحقق من الكفاءة والفوائد المرجوة. وما حدث في مسلسل "فوضى" يشبه ذلك، فقد أثبت المسلسل فعاليته في ترفيه الإسرائيليين عبر قصصٍ عنصر التشويق فيها قتل الفلسطينيين دون عناء معرفة المزيد عن خلفياتهم على نحو يبعث على الملل.

كان هذا القتل المكثف هو سر نجاح "فوضى"، فالمشاهد وقته ثمين وليس لديه متسع للغرق في تفاصيل حول القتيل، بل يهمه براعة القاتل، ويكفي أن يكون القتيل يتحدث العربية، ولون بشرته أسود أو قمحي، بينما القاتل أشقر جميل اضطره عمله للتنكر في هيئة فلسطينيي دميم الخلقة. كل هذه العناصر استغلها آفي يسخاروف ببراعة في مسلسل "فوضى"، لكنه تجاهلها في مسلسل "أشباح بيروت"، فشق طريقه نحو الفشل.

مسلسل "أشباح بيروت"، وبخلاف مسلسل "فوضى"، قتل العربي فيه يتطلب تمهيدًا يمتد لعدة حلقات، يتخللها تبرير فلسفي يتراوح بين العرض الدارمي  والنمط الوثائقي

أما مسلسل "أشباح بيروت"، وبخلاف مسلسل "فوضى"، فقتل العربي فيه يتطلب تمهيدًا يمتد لعدة حلقات، يتخللها تبرير فلسفي يتراوح بين العرض الدارمي  والنمط الوثائقي، بإجراء مقابلات مع ضباط كبار في جهاز"الموساد" الإسرائيلي، وجهاز "CIA" الأمريكي، وهذا مسار أوصل "أشباح بيروت" إلى الفشل منذ حلقته الأولى، فهو يفرد مساحة طويلة لتبرير المُبرر أصلاً.

سببٌ إضافيٌ لفشل مسلسل "أشباح بيروت"، يتعلق بحرق المسافات والبحث عن ممثلين أرخص ثمنًا، ففي "أشباح بيروت" لعب دور البطولة الممثلون الذين أدوا دور الكومبارس في مسلسل "فوضى"، وهم ممثلون فلسطينيون من ذلك النوع الذي يقدم خدماته مقابل الشهرة لترسيخ الرواية الإسرائيلية ضد شعبه، تمامًا كما كانت تستخدم السينما الأمريكية الهندي الأحمر لتشويه صورة أبناء شعبه من السكان الأصليين في أمريكا وتبرير إبادتهم.

وكما أن أي مسلسل أمريكي كان سيواجه الفشل لو كان بطله من الهنود الحمر، فإنه ليس عنصر جذب للجمهور الإسرائيلي أن يتم إسناد دور البطولة للفلسطينيين، فهذا الجمهور قد يتسامح مع وجود هؤلاء الممثلين في أدوار كومبارس، مثل مسلسل "فوضى"، وأن يكون ذلك للضرورة الدرامية، عندما يستدعي المشهد وجود شخص يحمل ملامح فلسطينية.

دلالات: