27-نوفمبر-2017

KHALIL MAZRAAWI/AFP/Getty Images

تنشغل حليمة العنكسوري في مشغل صغير لا تتجاوز مساحته مئة متر مربع وسط مخيم جرش للاجئين الفلسطينيين شمال عمّان، بتطريز شال أزرق سيباع في متاجر راقية في باريس ولندن ولوزان ودبي.

   سيّدات من مخيّم جرش الذي يعرف باسم مخيم غزة، ينتجن مُطرّزات تُسوّق للعالم   

وتقول حليمة (54 عامًا) التي ارتدت ملابس سوداء وحجابًا أحمر وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة، إنّها تحب وتعشق التطريز وتشعر بالفخر بأنّ هذه الأشياء التي تُصنع في هذا المكان، كُتب عنها في أرقى المجلات المتخصصة في الموضة.

وتضيف حليمة الأم لسبعة أطفال لوكالة "فرانس برس" أن زميلاتها في المشغل ينتجن أشياء بأسلوب عصري جميل، وبألوان زاهية ونقشات فلسطينية وإسلامية خفيفة مختلفة عن الأشياء التقليدية القديمة.

الشال الذي بين يديها بطول 140 سنتمترًا وعرض 60 سنتيمترًا، مصنوع من قماش كتان إيطالي وخيوط محليّة بلون أزرق فاتح، وكانت تطرز على جانبيه نقشة أندلسية.

   "أقلّ قطعة من المُطرّزات يستغرق إنجازها ما لا يقل عن أسبوع"   

وتقول حليمة بنبرة حزينة "أغلبنا يعاني العوز والحاجة في المخيم، وهذا العمل يساعدنا نوعًا ما في تحسين أوضاعنا المعيشية، رغم أنّ ما نتقاضاه عن القطعة الواحدة قليل ويتراوح بين 15 إلى 20 دينارًا أردنيًا أي ما يعادل (20 إلى 30 دولارًا)".

ورغم تعبها بسبب طول ساعات العمل ودقته، تقول العنكسوري إنها تشعر بسعادة غامرة في هذا المكان الذي تلتقي فيه النساء كل صباح ويتبادلن الحديث عن أمورهن المنزلية فضلًا عن العمل. وتقول "الشيء الجميل في عملنا أننا نستطيع إكماله في أوقات فراغنا ونحن في المنزل"، مشيرة إلى أن "أقلّ قطعة يستغرق إنجازها ما لا يقل عن أسبوع".

اقرأ/ي أيضًا: قطاع الملابس بغزة يحيك نفسه من جديد

وفي غرفة صغيرة داخلها ماكينات خياطة، تعمل هبة الهودلي (37 عامًا) على حياكة حقيبة نسائية زرقاء عليها نقوش إسلامية. وتقول هبة، وهي أم لستة أطفال ولديها شهادة دبلوم في تصميم الأزياء من كلية عجلون، "أصبح هذا المكان بيتنا الثاني نعمل فيه ونلتقي فيه ونتغدى فيه ونسلي أنفسنا فيه".

وتضيف "أحصل على حوالي 150 دينارا شهريا (210 دولار) أساعد بها زوجي الميكانيكي على تحمّل أعباء المنزل. فالحياة صعبة والحصول على عمل في هذا المخيم مهمة شبه مستحيلة".

   يضم الأردن 10 مخيمات للاجئين الفلسطينيين، ويستضيف أكثر من مليوني لاجىء مسجلين

وتأسس مخيم جرش عام 1968 لإيواء 11500 فلسطيني غادروا قطاع غزة نتيجة حرب 1967. وهو يعرف محليًا باسم مخيّم غزة، ويضم حاليًا أكثر من 29 ألف لاجىء مُسجّلين لدى الأمم المتحدة.

ويعاني سُكّان المخيّم من ظروف معيشية صعبة وفقر وبطالة. كما أنّ معظم منازله صغيرة وقديمة، وشوارعه ضيّقة تفتقر إلى البنى التحتية.

ولكل منطقة في فلسطين رموزها ونقوشها، منها تُعرف المرأة من أي منطقة، وكذلك طبيعة وضعها الاجتماعي؛ فالمرأة المتزوجة حديثًا ترتدي ثوبًا مُطرّزًا بخيط نبيذي، أما البنت المراهقة فثوبها مطرّز بالأزرق الفاتح، والأكبر سنًا باللون الأزرق الغامق النيلي، والأرملة تلبس الأسود المطرّز باللون الأخضر.

اقرأ/ي أيضًا: صور | رموز "يهودية" تُحاك في مخيّم بغزة!

وتقول مديرة المشغل نوال عرادة إنّ "المشروع بدأ عام 2013 بعشر سيدات، واليوم يناهز عددهن الـ300"، حيث يصنعن قمصانًا وشالات وحقائب يدوية وفرشًا ووسادات ومناشف وشراشف أسرّة وكل ما له علاقة بديكور المنزل".

على طاولات المشغل كوفيات مخصصة للنساء ملونة عليها نقوش وورود والوان مختلفة، وشالات كشمير، وأقمشة كوفيات أردنية حمراء وفلسطينية سوداء، وحقائب يد نقشت عليها صورة شخصية حنظلة التي رسمها رسام الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي عام 1973. وألصقت على جدران المشغل رسومات أطفال العاملات برزت عليها الخارطة والعلم الفلسطيني.


اقرأ/ي أيضًا:

العرس الفلسطيني: ماذا عن كسوة العروس؟

نساء غزة يطرّزن ذاكراتهن

الفلسطينيون في تشيلي.. البداية من اللا شيء!