بعد 10 سنوات من الحظر الكامل، بدأ قطاع غزة المحاصر بتصدير الملابس إلى الأراضي المحتلة عام 48، ضمن آلية جديدة أعلن عنها الاحتلال أواخر شهر آب/أغسطس الماضي، يتم بموجبها تسويق منتجات القطاع مباشرة في السوق الإسرائيلية.
الآلية الإسرائيلية الجديدة؛ وهي النقل المباشر إلى الأراضي المحتلة، أحيت آمال التجار بانتعاش اقتصادي سيعيد تشغيل ما يقارب 110 مصانع، و10 آلاف عامل، وذلك بعد أن كانت الآلية السابقة تنص على نقل البضائع إلى أسواق الضفة الغربية، ومنها إلى أراضي 48، ما يكبد التجار تكاليف الشحن مرتين.
إسرائيل سمحت بنقل الملابس المصنعة في غزة إلى سوقها مباشرة، وتوقعات بأن يؤدي ذلك لتشغيل 110 مصانع، وتشغيل 10 آلاف عامل
"ألترا فلسطين" التقى بشير البواب، رئيس مجلس إدارة شركة "يونيبال 2000" لإنتاج الملابس، وهي الشركة التي صدّرت أول شحنة للسوق الإسرائيلي. يقول البواب: "أول شحنة ملابس تم تصديرها للجانب الإسرائيلي شملت ما عدده 3500 قطعة، قبل أن يتطور الأمر لتصل أعداد الشحنات الصادرة إلى ثلاث شحنات أسبوعيًا، بحمولة تترواح من (10-15) ألف قطعة مصنعة محليًا، وهذا العدد يعتمد على حجم الطلب".
اقرأ/ي أيضًا: ملايين الدولارات خسائر غزة نتائج خداع الربح عبر الانترنت
وبحسب البواب، فإن التكلفة الإجماليّة للشحنات عالية جدًا، فهي تتراوح بين (50 ألف- 70 ألف شيكل)، على أن الجانب الإسرائيلي هو من يقوم باختيار شكل القطعة، وتقوم المصانع الفلسطينيّة بخياطتها وفق المواصفات المطلوبة.
وتحتوي الملابس المصدّرة على قطع تناسب كافة الفئات العمرية، من القمصان وبناطيل الجينز لموسميّ الخريف والشتاء. يضيف البواب، "بذلك تكون منتجات مصانع غزة محلية 100% ابتداءً بالتصميم، وانتهاء بالقطعة مغلفة وجاهزة للتصدير، والتي يميزها التجار في الضفة الغربية نظرًا لجودتها".
ويأمل البواب أن يتم تسويق الشحنات القادمة بدون "فاتورة مقاصة"، التي استطاع الحصول عليها مؤخرًا من وزارة الماليّة في الضفة الغربيّة لأول مرة منذ عام 2007، بل أن تتم عبر "إرساليات نقل البضائع"، بحيث يكون لكل مصنع إرسالية خاصة به ورقم مشتغل مرخص.
ويقدر عدد العمال في شركة "يونيبال 2000" بين 270 – 300 عامل، لكن البواب يأمل أن يصل العدد إلى 500 عامل حتى نهاية عام 2017 الجاري.
يذكر أن صناعة الملابس بدأت في القطاع، بعدما دخلت "إسرائيل" اتفاقية الجاتGATT"، وهي الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركيّة والتجارة، التي عقدت في تشرين الأول/أكتوبر 1947، بين عدد من البلدان بهدف التخفيف من قيود التجارة الدولية، وخاصة القيود الكمية، مثل تحديد كمية السلعة المستوردة، وهو ما يعرف بنظام الحصص، وقد تضمنت خفض الرسوم الجمركيّة على عدد من السلع.
ويشرح تيسير الأستاذ، رئيس اتحاد الصناعات والنسيج بغزة، أن الآلية الجديدة لتصدير الملابس، التي أفضت قبل أسابيع إلى نقل شحنة ثانية من الملابس، من شأنها العمل على تحسين عملية التسويق، وتوفير مزيدٍ من فرص العمل للشباب الفلسطيني.
يُتوقع أن يرتفع عدد مصانع الألبسة الغزيّة العاملة للسوق الإسرائيلي من 25 مصنعًا في العام الماضي، إلى 40 مصنعًا خلال العام المقبل
ويرى الأستاذ، أن هذه الخطوة ستساهم في إعادة تشغيل أهم القطاعات الاقتصادية، واستعادة الزبائن في السوق الإسرائيلي، إذ بدأت مصانع الخياطة في غزة بإرسال طلبيات شراء مستلزمات الإنتاج من دول مختلفة (تركيا-الصين)، متوقعًا أن يصل عدد المصانع العاملة للسوق الإسرائيلي 40 مصنعًا خلال العام المقبل.
اقرأ/ي أيضًا: أعشاب سامة في "دكاكين الأعشاب" في غزة
يشار إلى أن عدد مصانع الملابس في غزة؛ العاملة للضفة الغربية تصاعد عام 2016 من 16 إلى 26 مصنعًا، وقد بلغ حجم مبيعاتها حوالي 6 ملايين شيقل. أما عدد مصانع الملابس في غزة؛ العاملة للسوق الإسرائيلي، فزاد من 15 إلى 25 مصنعًا، وبلغ حجم مبيعاتها في العام ذاته حوالي 8 ملايين شيقل، أي أنها سجلت فارقًا نسبته 60% مقارنة بالعام 2015، إلا أنها ما زالت تواجه العديد من العقبات المتعلقة بارتفاع تكاليف الإنتاج وانقطاع الكهرباء.
وفي أعقاب التحديات التي اعترت التسويق المباشر للسوق الإسرائيلي، فإن التحدي الأكبر يتمثل في إعادة خلق حالة تنافسية بين البضائع الفلسطينية في السوق الإسرائيلي، والبضائع المستوردة من الدول الأوروبية، والتركيز على مدى ملاءمتها لحاجة السوق والقدرة الشرائية، وفقًا لما أفاد به ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة.
ويوضح الطباع، أن التفوق في المنافسة يحتاج للمزيد من الجهود المتكاتفة لإعادة تأهيل العمال الفلسطينيين بعد سنوات الانقسام، للعمل على تطوير قدراتهم لإنتاج قطع عصرية تناسب أذواق المستهلكين، منوّهًا إلى أن دور الحكومة الفلسطينية يتمثل في تذليل العقبات أمام التاجر الفلسطيني، ورفع الجمارك المفروضة على البضائع.
ويشير الطباع إلى أن قطاع النسيج والخياطة، بات بعد عام 2007 يعمل بقدرة إنتاجية لا تتجاوز 25% فقط، وانخفض عدد العاملين فيه لنحو ألفي عامل، بعد أن منعت إسرائيل المصانع من تصدير منتجاتها المختلفة للسوق الإسرائيلية، وأغلق الاحتلال في الوقت نفسه أمامها أسواق الضفة الغربية.
اقرأ/ي أيضًا:
في مؤسسات غزة.. ذوات الإعاقة للاستغلال فقط