08-يونيو-2024
حرب غزة وجو بايدن

(Getty) يتزايد الاحتجاج داخل إدارة بايدن على موقفها من الحرب على غزة

الترا فلسطين | فريق التحرير

ينظم العشرات من موظفي الحكومة الأميركية، حملة على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، للتعبير عن احتجاجهم على موقف إدارة بايدن من العدوان على غزة. كما تنظم مجموعة أخرى نفسها، قدمت استقالتها من الحكومة الأميركية لتنظيم احتجاجها.

وانتشرت ملاحظة مكتوبة فوق الشارة الحكومة الرسمية لموظف في وزارة العدل الأميركية، كُتب عليها "مشغلنا يقتل الأطفال". وكان هذا المنشور من بين أكثر من 50 رسالة من موظفين فيدراليين يحتجون على سياسة إدارة بايدن في غزة من خلال التقاط صور لملاحظات شخصية فوق شاراتهم الحكومة.

وقال أحد موظفي وزارة الخارجية الأميركية لموقع "ذا إنترسبت"، والذي يتمتع بخبرة تزيد عن عقدين من الزمن، والذي انضم إلى الحملة: "لقد تلقينا الكثير من الانتقادات بسبب قيامنا بإرسال رسائل مجهولة المصدر. من المهم أن يعرف الناس أننا بشر حقيقيون وموظفون حكوميون حقيقيون".

موظفون في الحكومة الأميركية يحتجون على موقف إدارة بايدن من العدوان على غزة، بالاستقالة ونشر انتقادات للحكومة

وحملة الاحتجاج عبر الإنترنت هي أحدث حملة من قبل "الفيدراليين من أجل السلام"، وهي مجموعة من الموظفين الفيدراليين في الحكومة الأميركية وتنظم نفسها للتعبير عن معارضة موقف واشنطن بشأن حرب غزة. 

وقد انطلقت الحملة بعد أن بدأت إسرائيل هجماتها على مدينة رفح، وفقًا لموظف في وزارة العمل ساعد في إطلاقها. 

وحذرت إدارة بايدن قبل أسابيع من قطع إمدادات الأسلحة إذا شنت إسرائيل هجومًا على رفح، لكنها تجنبت القول إن الغارات الجوية الأخيرة تجاوزت أي "خط أحمر".

وتأتي الملاحظات من موظفين في وكالات مختلفة، بما في ذلك وزارات التجارة والعدل والأمن الداخلي والعمل والخارجية، بالإضافة إلى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وإدارة الضمان الاجتماعي، وفقًا للمنظمين. بعض الشارات المنشورة تخص موظفي الكونجرس، وأحدها جواز سفر دبلوماسي.

وقال موظف وزارة العدل: "عندما يصل الأمر إلى النقطة التي يقوم فيها الموظفون الفيدراليون بشيء شخصي وموجه نحو العمل المباشر، فهذا يدل على التحول".

وقال المنظمون لموقع "ذا إنترسبت" إن العديد من الموظفين الذين انضموا إلى الحملة على وشك الاستقالة.

قال أحد موظفي وزارة الأمن الداخلي: "بالنسبة لي، وصلت للتو إلى نقطة الإحباط التام. إننا نرى التلاعب بالعقول فوق غزة". لكن آخرين يرون أن منشورات وحملات إنستغرام التي يقوم بها الموظفون الفيدراليون المهنيون هي تكملة لموجة الاستقالات التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة. وقال موظف آخر في وزارة الخارجية: "لا أزال أشعر بصدق أنني أستطيع أن أكون أكثر إنتاجية بالبقاء في الحكومة".

وفي سياق متصل، كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية، عن تعاون مجموعة من المسؤولين الأميركيين الذين استقالوا علنًا بسبب سياسة إدارة بايدن في غزة، لدعم المعارضة المستمرة والضغط على الحكومة لتغيير مسارها.

وترك أكثر من ستة أشخاص من مختلف أنحاء الحكومة الأميركية وظائفهم للاحتجاج العام على موقف إدارة بايدن، قائلين إنهم لم يعد بإمكانهم العمل في الإدارة، بل إن المزيد غادروا بهدوء. وقال العديد من المسؤولين الذين استقالوا علنًا إنهم سيسعون بدلًا من ذلك إلى التأثير خارج الحكومة.

قال المسؤولون السابقون الذين استقالوا علنًا، وهم: جوش بول، وهاريسون مان، وطارق حبش، وأنيل شيلين، وهالا هاريت، وليلي جرينبيرج كول، وأليكس سميث، وستايسي جيلبرت، إنهم شعروا بأن وجهات نظرهم وخبراتهم ومخاوفهم لم يتم الالتفات إليها، وأن الإدارة كانت تتجاهل بوعي الخسائر الإنسانية الناجمة عن الحرب العسكرية الإسرائيلية. وتحدثوا عن الضرر الذي شعروا به بسبب سياسة الولايات المتحدة بشأن الحرب على مصداقية البلاد والشعور بأن الإدارة لم تدرك بشكل كامل هذا التأثير.

وقال جميع المسؤولين الذين استقالوا علنًا وتحدثوا مع شبكة "سي إن إن" إن لديهم العديد من الزملاء الذين ما زالوا داخل الحكومة لكنهم يدعمون قرارهم بالمغادرة.

وأوضحت المجموعة، أن "تقديم الدعم والمشورة لهؤلاء الزملاء، سواء اختاروا المغادرة أو الاستمرار في المعارضة من الداخل، يعد أحد الأسباب الرئيسية التي جعلتهم يجتمعون معًا بشكل جماعي"، مع الإشارة إلى أن اجتماعهم يأتي بهدف "زيادة الضغط على الإدارة الأميركية لتغيير مسارها".

وقال بول، المسؤول بوزارة الخارجية الذي استقال علنًا احتجاجًا في تشرين الأول/أكتوبر، ليصبح أول مسؤول أميركي يفعل ذلك: "إننا نفكر في كيفية استخدام همومنا المشتركة ومواصلة الضغط معًا من أجل التغيير".

وقال مان لشبكة "سي إن إن": "عندما يكون لديك العديد من المهنيين والمعينين الرئاسيين... الذين استقالوا بسبب هذه السياسة، فهذا مؤشر على أن هناك خطأ ما".

الحكومة الأميركية والاستقالة وحرب غزة

بدورها، قالت جيلبرت، وهي دبلوماسية محترفة تتمتع بخبرة تزيد عن عقدين من الزمن، لشبكة "سي إن إن" إنها كانت تعمل على التقرير الذي طال انتظاره حول استخدام إسرائيل للأسلحة الأميركية وما إذا كانت قد فرضت قيودًا على المساعدات الإنسانية، ولكن بعد ذلك، تم إبعاد الخبراء الذين كانوا يعملون على هذا التقرير، وتم نقله إلى مستوى أعلى.

ولم تطلع على التقرير حتى نشره علنًا في 10 أيار/مايو، الذي وجد أنه "من المعقول تقييم" أن الأسلحة الأميركية قد استخدمت من قبل الجيش الإسرائيلي في غزة بطرق "تتعارض" مع القانون الإنساني الدولي، لكنها لم تصل إلى حد القول رسميًا إن إسرائيل انتهكت القانون، وخلص أيضًا إلى أن إسرائيل لم تمنع المساعدات الإنسانية عن غزة في انتهاك للقانون.

وقال جيلبرت إنه في حين أن الاستنتاج الأول كان "أكثر صدقًا مما رأيته من قبل"، فإن الاستنتاج الثاني كان "غير صحيح على الإطلاق".

وأضافت: "هذا ليس رأي الخبراء في الحكومة الأميركية، ولا الخبراء في المساعدة الإنسانية. وهذا ليس رأي المنظمات الموجودة على الأرض في غزة. لذا، فإن رؤية ذلك في التقرير، كما ورد بوضوح شديد، يجعلنا نقيم أن إسرائيل لا تمنع المساعدات الإنسانية، كان الأمر مروعًا، كان مروعًا تمامًا. وعندها قررت الاستقالة"، ووصفت نتيجة التقرير بأنها "سياسية".

من جانبها، قالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، سامانثا باور: "لدينا الكثير من وجهات النظر في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي تنتقد السياسة الخارجية الأميركية. لدينا وجهات نظر تعتقد أننا ندفع ونبذل كل ما في وسعنا، ومهمتي هي الاستماع إلى تلك الآراء، وخاصة تلك التي تسترشد بالحقائق على الأرض والأفكار حول ما يمكننا القيام به أكثر".

وأضافت: "لأن الوضع سيء. ويعيش المدنيون في رعب لا يمكن تصوره وفي حرمان لا يمكن تصوره. لذا، إذا لم يكن هناك أشخاص، خاصة في وكالة مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي لها جذورها في مهمة إنسانية وتنموية، غير راضين عن الوضع الذي نحن فيه، فسيكون ذلك مخيبًا للآمال في حد ذاته".

"المستقيلون"، كما أسماهم الموظف السابق سميث، كانوا جميعًا على اتصال ببعضهم البعض، ويأملون في استخدام القوة الجماعية للتحدث في البيانات الصحفية لإسماع الأصوات بشكل جيد، والتحدث نيابة عن العديد من الموظفين الذين ما زالوا يعملون ولا يمكنهم التحدث لأنهم يرغبون في الاحتفاظ بوظائفهم، و"هو أمر عادل للغاية”.

قال العسكري الأميركي السابق مان إنه نصح الأشخاص الذين لديهم مخاوف "بكتابتها ومطالبة مشرفك أو مطالبة سلسلة قيادتك بإعطائك تأكيدًا مكتوبًا باسمهم بأن ما تفعله يتوافق مع القانون الدولي والقانون الأميركي ومع المعايير الأخلاقية للمنظمة التي تعمل بها".

وأوضح سميث، الذي عمل لمدة أربع سنوات في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إنه كان يجد دائمًا أن السياسات تجاه غزة "ناقصة" وأن إحباطاته بشأن السياسات الأميركية بشأن الحرب كانت تتزايد. وأضاف أن "القشة التي قصمت ظهر البعير" كانت إلغاء العرض الذي كان من المقرر أن يقدمه حول الآثار الصحية للأم والطفل الناجمة عن "العقاب الجماعي للمدنيين".

وقال بعض المسؤولين الذين استقالوا علنًا إنهم أدركوا في أعقاب هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر أن رد فعل "الحكومة الإسرائيلية من المرجح أن يكون عنيفًا".

وقالت ليلي غرينبرغ كول، الموظفة السابق في وزارة الداخلية والتي أصبحت أول معينة سياسية يهودية تستقيل علنًا، لشبكة "سي إن إن": "لقد أمضيت الأسابيع القليلة الأولى بعد ذلك أعاني من التعامل مع الصدمة وتأثير ذلك والحزن على فقدان الناس، ولكن أدركت أيضًا على الفور تقريبًا أن كل ما سيحدث، كرد فعل، سيكون وحشيًا حقًا، وفظيعًا حقًا".

وأشارت إلى أنها شعرت "بخيبة الأمل" منذ البداية بسبب رد الإدارة، لكنها "أرادت أن ترى ما يمكنها فعله من الداخل بسبب قربها من السلطة".

وقالت لشبكة "سي إن إن" إنها شعرت بأن المخاوف التي أعربت عنها قد تم تجاهلها، و"إذا كان هناك أي شيء، فقد تم تصنيفي إلى حد ما على أنني مثيرة للمشاكل". مضيفةً: "لقد وصلت للتو إلى نقطة لم يعد بإمكاني فيها شخصيًا أن أكون صادقةً مع نفسي وأمثل الإدارة". يشار إلى أن ليلي قامت بالاستقالة في ذكرى يوم يوم النكبة 15 أيار/مايو.

واتخذ مان، ضابط الجيش الأميركي الذي عمل في وكالة استخبارات الدفاع، قرار الاستقالة في تشرين الثاني/نوفمبر، بعد أسابيع فقط من 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهو يهودي وأول عضو في مجتمع الاستخبارات يقدم استقالته علنًا.

وقال: "لقد كانت وظيفة اليأس بشأن مسار الحرب على غزة"، مضيفًا لشبكة "سي إن إن" أنه بدا واضحًا له في وقت مبكر أن "الإسرائيليين سيقتلون أعدادًا كبيرة من المدنيين بشكل عشوائي".

صارت ليلي جرينبيرج كول، أول مسؤولة يهودية معينة في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تستقيل من منصبها على خلفية رفضها للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعم إدارة بايدن المفتوح لها.

وتركت ليلي جرينبيرج منصبها في 15 أيار/مايو الماضي، ونشرت مقالًا على صحيفة "الغارديان" البريطانية، بعنوان: "كان بايدن رئيسي. لقد استقلت لأنني كيهودية لا أستطيع أن أؤيد كارثة غزة".

قال جميع المسؤولين الذين استقالوا علنًا وتحدثوا مع شبكة "سي إن إن" إن لديهم العديد من الزملاء الذين ما زالوا داخل الحكومة لكنهم يدعمون قرارهم بالمغادرة

وقدمت ليلي جرينبيرج كول في مقالها نقدًا لإدارة بايدن وسلوكها في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، داعية إلى إعلان بايدن موقفه من وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى وفك الحصار عن غزة.

وقالت ليلي جرينبيرج كول: "حتى الأسبوع الماضي، كان الرئيس بايدن رئيسي. في الأسبوع الماضي، استقلت من منصبي في وزارة الداخلية الأميركية، لأصبح أول مسؤول يهودي معين سياسيًا في الإدارة يستقيل علنًا احتجاجًا وحزنًا على تأييد الرئيس بايدن للإبادة الجماعية في غزة، حيث قُتل أكثر من 35 ألف فلسطيني".

وأضاف: "لقد كان هذا قرارًا صعبًا للغاية، لكنه كان ضروريًا، وقرارًا بدا أكثر إلحاحًا، حيث أفسد رئيس الولايات المتحدة باستمرار فكرة السلامة اليهودية، مستخدمًا مجتمعي كسلاح لتفادي المساءلة عن دوره في الحرب وهذه الفظائع".

وفي المقال جاء، "هناك دروس يمكن تعلمها من إيماننا وتاريخنا، حيث نشاهد التجريد نفسه من الإنسانية الذي وقع على مجتمعي، وهو ينزل الآن على مجتمع آخر. في كل يوم، أرى صورًا للنازحين في غزة، وأتذكر ذكرى عائلتي عن أحبائهم الذين قتلوا في المحرقة، والتي بدورها تذكرني بالنكبة: المأساة التي وقعت في عام 1948 عندما كان المجتمع الفلسطيني محاصرًا، وهجر ما يقدر بنحو 700000 فلسطيني من وطنهم لتشكيل إسرائيل الحديثة اليوم. المحرقة والنكبة تعنيان الشيء نفسه بالعبرية والعربية: الكارثة".

وختمت مقالها، بالقول: "لقد استقلت يوم الأربعاء 15 أيار/مايو، الذكرى السادسة والسبعين للنكبة، لأنني لم أعد أستطيع أن أخدم رئيسًا يرفض وقف كارثة أخرى".