نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن هجوم مسيّرة حزب الله على معسكر غولاني كشف نقطة ضعف لدى الدفاعات الجويّة الإسرائيلية، جاء هذا في مقال للمحلل العسكري عاموس هرئيل.
وقال هرئيل إنه "حتى يومنا هذا، لم يتم تطوير نظام فعال للتعامل مع الطائرات بدون طيار، على الرغم من أن المؤسسة الأمنية تتعامل مع هذا الأمر منذ عقد من الزمن. ويبدو أنها لم تركز على هذه القضية بشكل كافٍ".
عاموس هرئيل: "كثرة الهجمات والمصابين مع امتداد أمد الحرب قد جعلت من الأخبار السيئة روتينًا للجمهور الإسرائيلي، إلا أن ضرب المجندين الجدد في قاعدة بعيدة عن الجبهة أثار هذه المرة ردود فعل قوية وغاضبة"
واعتبر المحلل العسكري أن الهجوم الذي شنته الطائرة بدون طيار يوم الأحد الماضي على قاعدة تدريب لواء غولاني في رجافيم "كان الهجوم الأشد لحزب الله منذ بدء الحرب قبل أكثر من عام. والهجوم أدى إلى مقتل أربعة جنود من لواء غولاني وإصابة عشرات آخرين، وكشفت الصعوبات التي تواجهها منظومات الدفاع الجويّ ضد الطائرات بدون طيار، مقارنة بالنجاحات التي تحققها أنظمة الدفاع الجوي ّفي اعتراض الصواريخ والقذائف الباليستية. وتمكّن حزب الله هذه المرة من استغلال نقطة ضعف في جيش الاحتلال وذلك بسبب التعليمات المتساهلة التي سمحت بتجمع عدد كبير من الجنود، ما أدى إلى أقصى ضرر.
وأضاف المحلل أن "كثرة الهجمات والمصابين مع امتداد أمد الحرب قد جعلت من الأخبار السيئة روتينًا للجمهور الإسرائيلي، إلا أن ضرب المجندين الجدد في قاعدة بعيدة عن الجبهة أثار هذه المرة ردود فعل قوية وغاضبة. هذه الردود ربما تكون بسبب أن المواطنين لا يعتبرون المجندين الجدد في الوحدات القتالية من الأشخاص الذين يمكن أن يتعرضوا للخطر في الحرب. وارتباط الهجوم باللواء غولاني، الذي يعد رمزًا إسرائيليًا والوحدة العسكرية الأكثر تضررًا في هجوم 7 أكتوبر، زاد من حدة الغضب".
ولفت هرئيل إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يشنّ فيها حزب الله هجومًا مركزًا على هذه المنطقة، فقد سبق له في أيّار\مارس 2023 أن أرسل مسلحًا اجتاز الحدود من لبنان، ووصل إلى مفترق مجدو حيث زرع عبوة ناسفة أدت إلى إصابة سائق سيارة. هذا الهجوم اعتُبر دليلاً على استعداد حزب الله لتحمل مخاطر أكبر، وهو الآن في ذروة حرب طويلة يستخدم فيها كل الوسائل.
وأوضح المحلل العسكري أن الطائرة بدون طيار التي نفذت الهجوم كانت تعتمد على نظام ملاحة بالأقمار الصناعية (GPS)، مما سمح لها بضرب الهدف بدقة. وقد وجهها مشغلوها إلى قاعة الطعام في القاعدة، حيث أصابت المبنى بشكل مباشر، مما أدى إلى أضرار كبيرة. وهذه الضربة تعتبر إنجازًا لحزب الله لأنها استهدفت هدفًا عسكريًا محددًا، وهو ما ينسجم مع محاولات جماعات أخرى مثل الحوثيين في اليمن لإرسال طائرات مسيّرة دقيقة.
بحسب هرئيل، "سيتخذ الجيش الإسرائيلي تدابير أوسع في المستقبل لضمان تشغيل صافرات الإنذار بشكل فوري في المناطق المهددة، حتى لو لم تكن هناك دلائل واضحة على وجود طائرات مسيرة"
وأكد هرئيل أن "أكثر من 23 ألف صاروخ ومسيرة قد أطلقت باتجاه إسرائيل منذ بداية الحرب، منها 1200 مسيرة. تم إسقاط 221 مسيرة داخل إسرائيل، بينما تم اعتراض البقية بنجاح نسبته 80%. ورغم هذه النجاحات، تبقى الطائرات المسيرة الصغيرة، التي تطير على ارتفاعات منخفضة، صعبة الكشف، وهو ما يعطي التنظيمات المختلفة مثل حزب الله ميزة تكتيكية".
كما أضاف المحلل العسكري أن "التحقيقات الأولية أظهرت أن ثلاث طائرات مسيرة أُطلقت مساء السبت، وتم إسقاط واحدة بواسطة سفينة تابعة لسلاح البحريّة، وأخرى عبر القبة الحديدية، في حين فُقدت الثالثة قرب عكا. وعلى الرغم من تلقي بلاغات من مواطنين عن جسم طائر مشبوه في السماء، لم يتم تحديد موقع الطائرة المسيرة حتى انفجارها في قاعدة غولاني".
وبحسب هرئيل، "سيتخذ الجيش الإسرائيلي تدابير أوسع في المستقبل لضمان تشغيل صافرات الإنذار بشكل فوري في المناطق المهددة، حتى لو لم تكن هناك دلائل واضحة على وجود طائرات مسيرة". وأشار إلى "وجود مشكلة إضافية تتعلق بقواعد الجيش في الجبهة الداخلية، حيث لا تتوفر حماية كافية ضد الصواريخ والطائرات المسيرة في كثير من القواعد".
وأضاف أن هناك بعض الإجراءات الأمنية الأخرى التي تحدّ من تواجد الجنود في الأماكن العامة، مثل غرف الطعام أو قاعات الاجتماعات، إلا أن هذه التدابير ليست كافية في كثير من الأحيان. وأوضح أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواجه صعوبة في توفير الحماية الكافية للجنود في الخيام، على الرغم من التجارب السابقة في التعامل مع تهديدات أخرى مثل جائحة كورونا.
واختتم المحلل العسكري مقاله بالقول إن "اليمين المتطرف في إسرائيل يهرب إلى نظرية المؤامرة مع كل هجوم منذ 7 أكتوبر، مشيرًا إلى أن الادعاءات التي ظهرت بعد الهجوم بساعة فقط، التي تزعم أن عمالاً من القرى العربية المجاورة نقلوا معلومات إلى حزب الله، هي مجرد محاولات لتبرئة الحكومة من مسؤوليتها".