25-سبتمبر-2024
إسرائيل تضرب لبنان بإجماع يسار ويمين

(Getty)

كشف العدوان الإسرائيلي المتصاعد والمفتوح على لبنان، عن إجماع إسرائيلي على "حرب لبنان"، حتى مما يوصف بـ"المعارضة الإسرائيلية"، التي تهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتختلف معه في عدة قضايا.

وفي يوم أمس، قال رئيس حزب معسكر الدولة وعضو حكومة الحرب الإسرائيلية سابقًا بيني غانتس: "لدى الحكومة وقوات الأمن الدعم الكامل لمواصلة العمل لإعادة سكان الشمال بأمان". وأضاف غانتس الذي خرج من الحكومة نتنياهو الخلاف مع نتنياهو "إذا لم يتوقف نصر الله عن إطلاق الصواريخ سنضطر إلى القيام بعملية برية لإعادة سكان الشمال".

يسار ويمين إسرائيل يجمع على حرب لبنان، ومعارضة نتنياهو تدعمه في التصعيد

وذهب غانتس إلى موقف أبعد، إذ قال قبل أيام: "علينا فرض أثمان باهظة لا فقط على حزب الله، بل أيضًا على دولة لبنان ذات السيادة"، مضيفًا: "لبنان دولة ذات سيادة يتحمل مسؤولية الإرهاب القادم إلينا من أراضيها"، وفق تعبيره.

وتناول مقال منشور على صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تحت عنوان "المعارضة الإسرائيلية لا تثق بنتنياهو في غزة.. لماذا تدعمه في ضرب لبنان؟"، موقف المعارضة الإسرائيلية الداعم للحرب على لبنان.

وقالت الكاتبة الإسرائيلية نوعا لاندو: إن "نظرة أعمق إلى الدوائر الداخلية للمعارضة الإسرائيلية هذا الأسبوع ــ وهو الإجراء الذي يتطلب مجهرًا الآن ــ تكشف أن الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وحزب الله تحظى عمومًا بتعاطف كبير وتفهم بين بعض أعظم معارضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

وأضافت: "في الأسبوع الماضي، حظيت "عملية البيجر" بتصفيق حتى في المعسكرات السياسية التي تحتقر الحكومة وزعيمها. ومنذ ذلك الحين، أصبحت التقارير الإعلامية الإسرائيلية عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين اللبنانيين نادرة، حتى بالمقارنة بالتقارير عن الخسائر المدنية في غزة (أي: غير موجودة). وفي الوقت نفسه، فإن أي حل دبلوماسي محتمل لوقف إطلاق النار في لبنان، أي دفع حزب الله إلى التراجع إلى نهر الليطاني وتقليص قدراته الباليستية، لا يحظى بالقدر نفسه من الاهتمام في المجال العام مقارنة بوقف إطلاق النار في غزة".

واستمرت في القول: "تتعدد الأسباب وراء ذلك. أولًا، من المهم أن نتذكر أن المعارضة الإسرائيلية لنتنياهو هي حركة تعارض الرجل نفسه في المقام الأول. في البداية، كان هذا بسبب قضايا الفساد المرفوعة ضده، وعلى مر السنين أيضًا؛ بسبب التحركات التي قادها نتيجة لذلك، في المقام الأول الهجوم على سيادة القانون".

وواصلت القول: "عندما يتعلق الأمر بالأمن المتشدد، فإن معسكر ’أي شخص ما عدا بيبي’ (أي المعارضة لشخص نتنياهو) قريب للغاية من سياسة نتنياهو. وهذا ينطبق بالتأكيد على الفصيل الأكثر يمينية في المعارضة، وهو الفصيل الذي يمثله حاليًا أفيغدور ليبرمان، منذ التقارير التي تفيد بأن جدعون ساعر يتفاوض على طريقه إلى الحكومة".

كما أشارت إلى أن الأمر ينطبق على معسكر "الوسط في إسرائيل"، مشيرةً إلى حركة معارضة معروفة لنتنياهو تحت اسم "الإخوة والأخوات في السلاح"، والتي تصف نفسها بأنها "صهيونية وعسكرية في جوهرها، وتتجنب أي قضايا يُنظر إليها على أنها أكثر يسارية مثل الاعتراض على الاحتلال. هذا الفصيل البارز، والذي يقود الاحتجاجات المناهضة لنتنياهو، يرى نفسه في الواقع مدافعًا عن المؤسسة الإسرائيلية والدولة ضد الإصلاحية التي يتبناها نتنياهو".

وقالت نوعا لاندو: "لقد وسعت حركة بيبي ــ الموالين المتشددين لنتنياهو ــ على مر السنين نطاق هجماتها على المؤسسة الإسرائيلية (النخبة القديمة أو الدولة العميقة) لتشمل المؤسسات الأمنية مثل الجيش وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت). وقد اشتد هذا التحول إلى حد كبير منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، عندما أدرك نتنياهو وأنصاره أنهم لا بد أن يلقوا بكرة اللوم عن الفشل على الجيش من أجل إنقاذ أنفسهم".

واستمرت في القول: "في هذه المرحلة، تنظر حركات المعارضة إلى الحرب في لبنان باعتبارها هجومًا تقوده المؤسسة العسكرية ووزير الأمن غالانت لأسباب ’موضوعية’، على النقيض من الحرب في غزة، حيث يُعزى الركود فيها إلى إصرار نتنياهو السياسي على التشبث بالسلطة من خلال تجنب التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وتحقيق وقف إطلاق النار. وهذا على الرغم من حقيقة مفادها أن نفس الحكومة ونفس مجلس الحرب هما اللذان يتحكمان أيضًا في الجبهة الشمالية".

واستمرت في حديثها عن موقف المعارضة الإسرائيلية، بالقول: "علاوة على ذلك، فقد وجدت المعارضة الإسرائيلية منذ فترة طويلة فرصة لتحدي نتنياهو من اليمين في قضية أمنية من خلال الإشارة إلى ضعفه في مواجهة حزب الله، وحقيقة أن الشمال وسكانه قد تخلت عنهم الحكومة. والآن، بعد أن قرر إطلاق عملية تهدف إلى ’إعادة سكان الشمال إلى ديارهم’، تم تحييد هذا الادعاء ضده".

وتابعت التحليل: "على النقيض من الاختلافات في الرأي (وهي قليلة، ولكنها موجودة) حول كيفية تعامل إسرائيل مع القتال في غزة من منظور إنساني، لا يوجد خلاف من هذا القبيل على الإطلاق بشأن الحرب ضد حزب الله، والتي ينظر إليها حتى أجزاء كبيرة من اليسار الإسرائيلي على أنها عادلة وضرورية. وهذه المرة، تتضمن مبررات التصعيد من جانب وسط اليسار الادعاء بأن إسرائيل لا ينبغي أن تقبل بإصرار حزب الله على ربط الجبهة الشمالية بالقتال في غزة، أي ربط وقف القتال في الشمال بوقف القتال في غزة. وهناك حجة أخرى سمعت من يسار الوسط لصالح الهجوم على لبنان وهي أن إسرائيل لا تستطيع الاعتماد على الاتفاقات الدبلوماسية، لأن الاتفاق القائم الذي كان من المفترض أن يدفع حزب الله إلى نهر الليطاني تحت إشراف دولي قد تآكل".

وقالت نوعا لاندو: "لكن كما حدث في حالة القتال في غزة، والذي اعتبرته أغلبية ساحقة من الجمهور اليهودي في إسرائيل مبررًا وضروريًا، فإن الدعم الشعبي للقتال في لبنان سوف يتآكل مع مرور الوقت وتزايد التعقيدات. وسوف يحدث هذا إما بسبب الضرر الواسع النطاق الذي قد يلحق بالمدنيين على الجبهة الداخلية نتيجة لرد حزب الله، أو بسبب الضرر الواسع النطاق الذي قد يلحق بالمدنيين في لبنان، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى استنزاف الشرعية الدولية لإسرائيل. إن مثل هذه التعقيدات سوف تدفع حركات المعارضة الإسرائيلية إلى التعرف على هذا الضعف والبدء في نسب الفشل إلى نتنياهو. وبالتالي فإن الحبل الذي يمدونه له الآن في الشمال قابل للسحب".

وفي مقالة أخرى، تناولت يائير جولان، الجنرال السابق في جيش الاحتلال، الذي كان في حزب ميرتس سابقًا، وانتقل إلى حزب العمل. وقال جولان في مقابلة مع إذاعة كان بيت العامة إنه يقترح  "احتلال شريط بعرض نصف كيلومتر داخل لبنان". وقبل شهرين، أعلن في تغريدة على تويتر دعمه "للدخول إلى لبنان" و"نشر قوات الدفاع الإسرائيلية وفقًا لخطة وضعت لغزو بري لجنوب لبنان، بما في ذلك إنشاء شريط أمني بعرض كيلومترين يمتد من الحدود".

وفي أعقاب حادثة مجدل شمس، كرر يائير جولان، موقفه قائلًا إن "دولة ذات كرامة لا بد أن تخلق منطقة عازلة أمنية في لبنان... نحن قادرون على فعل هذا، ولكن من أجل القيام بذلك نحتاج إلى تغيير الحكومة ووضع أمن إسرائيل في أيدي أشخاص يفهمون مثل هذه الأمور".

وقالت "هآرتس": "بدلًا من تقديم بديل، اختار يائير جولان انتقاد الحكومة ليس من اليسار، بل من اليمين. والمشكلة، على حد تعبيره، هي أن الحكومة ببساطة ليست متحمسة بما يكفي لخوض المعركة، ولم تبدأ بعد عملية احتلال جنوب لبنان".

وأضاف المقال: "نتنياهو عازم على بذل كل ما في وسعه لإفشال أي صفقة، والعمل على تمديد الحرب في غزة وتوسيعها إلى لبنان. ولا يتلخص دور اليسار في مساعدته على تحقيق هذا الهدف، بل في تقديم رؤية بديلة والقتال من أجلها. وفي هذا الاختبار يفشل جولان فشلًا ذريعًا. وبدلًا من إحباط نتنياهو، فإنه يساعده".