07-فبراير-2021

صورة أرشيفية: غالبًا سيتم جمع الأدلة من لاهاي، حيث مقر المحكمة | gettyimages

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

مازال قرار محكمة الجنايات الدولية يسيطر على العناوين العريضة في "إسرائيل"، بعد أن قررت المحكمة، يوم الجمعة الماضي، أن لها صلاحيات التحقيق في "جرائم حرب" يشتبه ارتكابها في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس. ومن هنا جاء تقرير صحيفة "هآرتس" المنشور في نسختها الورقية الصادرة، الأحد، الذي حاولت فيه الإجابة على أسئلة رئيسية حول هذه التحقيقات.

التحقيقات لن تقتصر على "إسرائيل"، بل تتعلق أيضًا بإعلان حركة حماس استهداف مناطق "مدنية" إسرائيلية

وفي إجابتها على سؤال ما هي الجرائم المقصودة في القرار؟ أشارت "هآرتس" إلى تقدير نشرته المدعية العامة لمحكمة الجنايات فاتو بنسودا سنة 2019، تطرقت فيه إلى ثلاثة جرائم الحرب محتملة: أولاً، "الجرائم" التي وقعت خلال حرب 2014، وهذه لن تقتصر على "إسرائيل"، بل تتعلق أيضًا بإعلان حركة حماس استهداف مناطق "مدنية" إسرائيلية.

اقرأ/ي أيضًا: نتنياهو للجنائية الدولية: سنحمي جنودنا من الملاحقة القانونية

وبحسب تقدير بنسودا، فإن القسم الثاني هي الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال خلال قمعه لمسيرات العودة سنة 2018. أما الثالث فهو توطين "إسرائيل" للمستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967.

ماذا سيحدث الآن؟

توقعت "هآرتس" في تقريرها أن تبلغ المدعية العامة، الدول الأعضاء في المحكمة -إضافة إلى إسرائيل- أنها تنوي فتح تحقيق ضد الأخيرة، وسيكون بعدها أمام "إسرائيل" مهلة 30 يومًا لإبلاغ المحكمة بنيتها التحقيق بنفسها مع مواطنيها الذي يُشتبه بارتكابهم جرائم حرب.

وقالت، إنه في حال أصرَّت المدعية العامة على فتح تحقيق فوري، سيتوجب عليها أخذ موافقة المحكمة، منوهة أنه لا يتوجب عليها تسليم إشعار فتح التحقيق ضد "إسرائيل" خلال فترة زمنية محددة.

 لا يتوجب على المدعية العامة تسليم إشعار فتح التحقيق ضد "إسرائيل" خلال فترة زمنية محددة

ومن المقرر أن تنتهي ولاية المدعية العامة الحالية فاتو بنسودا في شهر حزيران/يونيو المقبل، بينما يُتوقع أن تعلن المحكمة هوية الشخصية التي ستشغل مكانها بعد نهاية مهامها.

اقرأ/ي أيضًا:  إيلان بابيه يفضح "فكرة إسرائيل"

ونقلت "هآرتس" عن المحامي نيك كوفمان -من محكمة الجنايات الدولية- قوله إن بنسودا ستمتنع عن اتخاذ قرارات هامة بعد قرار المحكمة الأخير، حتى لا تقيد المدعي العام الذي سيخلفها.

ماذا يعني تحقيق إسرائيلي داخلي؟

أجاب على هذا السؤال المحامي كوفمان، الذي عمل سابقًا في مكتب المدعي العام وقدم نصائح للحكومات في مواقف مشابهة، حيث قال: "يتوجب التفريق بين الشكوك المتعلقة بالنشاط على حدود غزة في السنوات القليلة الماضية وتلك المتعلقة بالمشروع الاستيطاني. فبخصوص غزة سيتم التحقيق إن كان تم الاستخدام غير المتناسب للقوة العسكرية من جانب القوات العسكرية".

أما المشروع الاستيطاني، يضيف كوفمان، فهو "أصعب، كونه يعتبر جزءًا من السياسة العامة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة".

كيف سيجري تحقيق المحكمة؟

بيّن التقرير، أنه في المرحلة الأولى سيتم جمع شهادات من ضحايا "الجرائم"، مضيفًا أن التوقعات تشير إلى أن "إسرائيل" لن تسمح لممثلي المحكمة بدخول أراضيها، وبالتالي سيتم جمع الأدلة في مدينة لاهاي الهولندية، حيث مقر المحكمة، أو في أي دولة أخرى.

المهمة الأصعب التي ستواجه الادعاء العام هي الحصول على أدلة تربط بين صناع القرار والجرائم 

وأوضح، أن الخطوة التالية هي جمع الأدلة على إجراءات إطلاق النار وكيفية تنفيذها، وذلك من قبل منظمات حقوق الإنسان والخبراء، وربما جنود سابقين في جيش الاحتلال.

اقرأ/ي أيضًا: "إسرائيل" تحمي جنودها القتلة.. تفاصيل جديدة

واعتبر التقرير، أن المهمة الأصعب التي ستواجه الادعاء العام هي الحصول على أدلة تربط بين صناع القرار والجرائم التي تم تنفيذها على الأرض، مبينًا أنه في حال العثور على هذه الأدلة، سيتم تحديد المشتبه بهم في ارتكاب الجرائم، وسيطلب الادعاء العام من المحكمة إصدار أوامر اعتقالهم.

وأضاف، أنه حتى تصل التحقيقات لمرحلة إصدار أوامر الاعتقال ربما تكون قد انقضت عدة سنوات، منوهًا أن أوامر الاعتقال -في العادة- تصدر سرًا، ويطلب من الدول الأعضاء في المحكمة تنفيذها.

من هم المستهدفون المحتملون في "إسرائيل"؟

أوضحت "هآرتس" في تقريرها، أن الدائرة المستهدفة في الأساس هم صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية وكبار قادة الجيش.

 الدائرة المستهدفة في الأساس هم صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية وكبار قادة الجيش

وأضافت، أن وزارة جيش الاحتلال أعدَّت قائمة سرية تضم مئات المسؤولين الإسرائيليين الذين قد يجدون أنفسهم قيد التحقيق، منوهة أنه لا توجد مبررات لتخوف الجنود الصغار من هذه التحقيقات.

ما هي الحجج الإسرائيلية المضادة؟

وفق تقييم أعده المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلة أفيحاي مندلبيت، فإن محكمة الجنايات الدولية لا تتمع بصلاحية تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس، لأن الدول ذات السيادة فقط هي التي تملك منح المحكمة الولاية القضائية والجنائية.

اقرأ/ي أيضًا: قضاة إسرائيليون: "الشاباك" يجبر أبرياء على الاعتراف

ورأى مندلبليت، أن السلطة الفلسطينية لم تستوفي شروط الدولة وفق القانون الدولي، والاتفاقيات الموقعة بين "إسرائيل" والسلطة تنص على أن الطرفين يلتزمان بحل الخلافات بينهما عبر المفاوضات. وبالتالي، وفق مندلبليت، فإن تقديم السلطة شكوى لدى محكمة لاهاي يمثل "التفافًا" على الترتيبات المتفق عليها بين الجانبين.

ويعتقد مندلبليت أنه لا مكان لتدخل محكمة الجنايات الدولية في شؤون "إسرائيل"، فهي، وفق زعمه، "دولة ديمقراطية تحترم القانون، ولديها جهازٌ قضائيٌ مستقلٌ وملتزم بالقيم الإنسانية الأساسية للقانون الدولي وقادرة على فحص المزاعم حول انتهاك القانون".

وتابع مزاعمه بأن الجهات القانونية والسياسية الإسرائيلية "تتعامل مع محاولات استدراج المحكمة للانخراط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومستعدةٌ لكل السيناريوهات المتوقعة".

هل تسطيع "إسرائيل" الاسئناف على قرار المحكمة؟

بحسب مصادر حكومية إسرائيلة، فإن ليس بمقدورها الطعن في نتائج تحقيقات المحكمة، لأنها لم تكن شريكة في العملية.

ماذا يعني القرار للفلسطينيين؟

أعربت السلطة الفلسطينية عن رضاها لقبول طلبها بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، لكن القرار يتيح أيضًا التحقيق مع حركة حماس. ونقلت "هآرتس" عن كوفمان قوله إنه سيكون من السهل على المحكمة فتح تحقيق ضد الفلسطينيين.

كوفمان: لن يعترف أحدٌ بمحكمة حماس كمحكمة مستقلة

وقال كوفمان: "الملفات السهلة هي تلك التي تتعلق بصواريخ كتائب القسام من غزة"، مضيفًا أن حركة حماس لن تحقق مع نفسها في هذا الملف، ولن يعترف أحدٌ بمحكمتها كمحكمة مستقلة.

هل تعترف المحكمة بفلسطين دولة ذات سيادة؟

يؤكد كوفمان،  أن محكمة الجنايات لا تعترف بفلسطين كدولة ذات سيادة، رغم أنها دولة عضو في المحكمة، ولديها القدرة على المطالبة بالتحقيف في جرائم الحرب على أراضيها، مشيرًا إلى القضاة شدّدوا أن أي حكم لا يتعلق بالنزاع الحدودي بين "إسرائيل" وفلسطين.


اقرأ/ي أيضًا: 

هآرتس: الشرطة الإسرائيلية تتواطَأ مع إرهابيي "تدفيع الثمن"

تحقيق إسرائيلي يكشف تفاصيل مرعبة إبان النكبة