14-مارس-2017

 يعدل وقفته ويشد عضلاته ويحرك ذراعيه وساقيه كأنه يتدرب على أحد فنون القتال اليابانية، إلا أنه فعليًا يُصوب ليقذف كرة صغيرة، محاولًا إيصالها لقفاز الملتقط الذي يجلس القرفصاء مقابله، فإن نجح سجل نقطة، وإن ردها منافسه الذي يحمل مضربًا تُسجل نقطة للفريق الخصم.

هذا مشهدٌ معتادٌ ومعروفٌ في رياضة كرة القاعدة الأميركية، المعروفة عالميًا باسم "بيسبول"،  لكن هذا المشهد يعد فريدًا وغير معتادٍ عندما نراه في مدينة غزة، وتحديدًا حين يتشارك 40 شابًا وشابةً بحبهم لهذه الرياضة رغم قلة شعبيتها عربيًا، ونقص الإمكانيات لممارستها في قطاع غزة المحاصر، الذي يعاني أصلًا من تردي أنواع الرياضة المنتشرة شعبيًا.

وتعد هذه المجموعة نواة انتشار هذه الرياضة في فلسطين، بعد الاجتماع التأسيسي للاتحاد الفلسطيني لكرة البيسبول للرجال والسوفتبول للنساء، الذي تم في شهر كانون الأول/يناير 2017، وسبقه الحصول على الاعتراف الرسمي من وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الفلسطينية.

تأسيس اتحاد لرياضة البيسبول في فلسطين، استعدادًا لإطلاق دوري محلي وتشكيل منتخبٍ وطنيٍ يشارك في أولمبياد طوكيو

وقال رئيس الاتحاد ومؤسس ومدرب المجموعة محمود طافش، إنه تم وضع خطةٍ ستطبق على مدى ثلاثة أشهرٍ لإنشاء دوري محلي تشارك فيه خمس أندية كبداية، وهي: خدمات البريج، ونادي نماء، ونادي الهلال، ونادي الجزيرة، ونادي الشاطئ، تمهيدًا لتشكيل منتخبٍ وطنيٍ يشارك في أولمبياد طوكيو 2020، التي اعتمدت البيسبول كرياضة رسمية لديها.

اقرأ/ي أيضًا: فيديو | "سبايدر مان" فلسطيني!

وأوضح طافش لـ"ألترا فلسطين"، أن أولى الدول العربية التي مارست هذه الرياضة هي العراق وتونس ومصر، مشيرًا إلى أن فلسطين تأتي كرابع الدول في نشر هذه الرياضة في الوطن العربي.

وبيّن أن المجموعة الحالية لديه تتكون من 20 شابًا و20 شابة، ومنهم سيتم تخريج لاعبين وحكامًا ومدربين، للاستعداد للمشاركة وتمثيل فلسطين في البطولات الآسيوية والقارية.

وأكد أن الإقبال على هذه الرياضة كبيرٌ من قبل الشباب والطلاب تحديدًا، وأن "مستوى تطورهم جيدٌ ومبشرٌ بنتائج مرضيةٍ خلال الفترة المقبلة"، مبينًا، أنه تم الاتفاق مع كلية التربية الرياضية في جامعة الأقصى على تقديم مساقاتٍ تعليميةٍ حول البيسبول، لتخريج فوجٍ رياضيٍ تعلم أصول الرياضة بشكل صحيح.

وأضاف، أنه يركز حاليًا في التدريب على عملية الرمي والالتقاط التي تمثل جوهر اللعبة، ومن بعدها سيتحول تركيزه إلى عملية الركض والتنقل بين القواعد الأربع.

وأساس اللعبة هو المواجهة بين رامي الفريق الأول ضد ضارب الفريق الخصم، إذ يجب على الرامي إيصال الكرة عبر مساحةٍ وهميةٍ معينةٍ يراقبها الحكم، لتصل إلى قفاز الملتقط، بينما مهمة الضارب هي إبعاد الكرة خارج حدود الملعب، حتى يتمكن فريقه من تحقيق نقاطٍ أكثر من خلال الركض عبر القواعد.

وعن توفر الإمكانيات، قال طافش إن كل المعدات التي يعملون بها تم توفيرها بشكل شخصيٍ ومجهودٍ ذاتي، فهناك قفازٌ واحدٌ حصلوا عليه من خلال قافلةٍ إغاثيةٍ وصلت غزة، أما المضارب والكرات وحتى تكاليف تنقل الفريق يدفعها هو بشكلٍ شخصي.

وأكد أن هذه المجموعة تحتاج للدعم والتمويل، وتوفير أبسط المعدات والإمكانيات، بدءًا بالمضارب والقفازات والألبسة، وصولًا إلى ملعبٍ كبيرٍ يتسع للركض وضرب الكرة لمسافاتٍ كبيرة، ونهايةً بتأسيس نوادٍ أكثر للكشف عن المواهب وتطويرها.

و"البيسبول" لعبةٌ رياضيةٌ رائجةٌ ضمن رياضات الولايات المتحدة الأمريكية، يقوم فيها اللاعبون بضرب كرةٍ صغيرةٍ بمضربٍ خشبيٍ، ويركضون في الملعب لإحراز النقاط، ويسعى كل فريقٍ لإيقاف الآخر عن طريق التقاط الكرة وإعادتها قبل إكمال اللاعب الخصم الركض إلى منطقةٍ معينة.

ويتكون كل فريقٍ في البيسبول من تسعة لاعبين على الأقل، هم الملتقطون والضاربون والرامون، وليس لها وقتٌ معين، إنما تمتد على طول تسعة أشواط، وينتهي الشوط مع نهاية دور كل فريقٍ في رمي الكرة.

40 شابًا وشابة يشكلون نواة انتشار البيسبول في فلسطين، ويتم تدريبهم لتخريج لاعبين ومدربين وحكام، رغم قلة الإمكانيات

اللاعب عدنان العفيفي، قال إنه "يستمتع جدًا بممارسة رياضة البيسبول، ويعد الساعات والأيام بين التدريب والآخر، إذ يتدرب ليومين فقط في الأسبوع"، وينصح الرياضيين في فلسطين بالإقبال على هذه الرياضة، لأنها "مسلية وممتعة"، حسب تعبيره.

وأكد العفيفي لـ"ألترا فلسطين"، أنه كان من أول المنتسبين لهذه الرياضة في غزة، "لأنه وجد فيها رياضةً متكاملةً تعتمد على حركة الأقدام في الركض، والذراعين في قذف الكرة والتقاطها وضربها".

ويأمل العفيفي أن تتوفر المزيد من الإمكانيات والمعدات لهذه الرياضة، من خلال التمويل من قبل الاتحاد أو المؤسسات، وذلك لأنها غير متوفرة في قطاع غزة، مضيفًا، "اضطررنا لاستخدام كرات التنس الأرضي بدلًا من كرات البيسبول، وذلك ليس فعالًا لأنها تتلف بسرعة، ووزنها وخواصها مختلفة".

أما اللاعبة إيمان المغير، فتقول إن علاقتها باللعبة بدأت عندما صادفت إعلانًا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حول رياضة البيسبول في فلسطين، وفور ذلك تواصلت مع المسؤولين في الفريق وانضمت له، ودعت صديقاتها أيضًا، وذلك بدعمٍ من عائلتها التي شجعتها على ممارسة الرياضة، كما تقول.

وأكدت إيمان لـ"ألترا فلسطين"، أنها تستمع بشكلٍ كبيرٍ في ممارسة السوفتبول، "لأنها رياضة تعاونية بشكل أساسي وتعزز قيمة الوحدة والعمل ضمن فريق لتحقيق هدف مشترك".

وبيّنت أنها مهتمة جدًا في الرياضة، وتتدرب بمفردها في المنزل، وتبحث عن تفاصيل قوانين اللعبة عبر الإنترنت، حتى تتطور وترفع من مستواها بشكل أسرع، استعدادًا للتدريبات الجماعية رفقة زميلاتها في الفريق.

الصحافية الرياضية تغريد العمور، وعضو مجلس إدارة نادي الهلال، ترى أن ممارسة رياضة البيسبول في غزة ومشاركة الإناث بها يعتبر "إنجازًا بحد ذاته، بسبب ظروف الحصار المفروض منذ سنوات، وبسبب النظرة المجتمعية التي ترفض المشاركة الأنثوية في الرياضة".

وتقول تغريد، إن بدء ممارسة الإناث لرياضة السوفتبول في غزة قد يمثل مدخلًا لإعادة دمجهن بالرياضة الفلسطينية، وإيجاد مساحاتٍ صديقةٍ لهن ضمن مختلف أنواع الرياضة المنظمة تحت تمثيل الأندية والاتحادات.

وأشارت إلى أن هناك رغبة من العنصر النسائي للمشاركة في الجانب الرياضي بشكل فعّال ومنتظم، وليس فقط بشكلٍ شخصيٍ أو ذاتي.

اقرأ/ي أيضًا:

محترفون فلسطينيون في الخارج.. تجارب ناجحة؟

رمال شاطئ غزة ملاذهم الوحيد

في الخليل.. فتاة تُحكِّم مباريات كرة القدم