"أعمل بالفندق خلال ساعات النهار، ولكن ليلة الأربعاء وردني اتصال من إدارة الفندق والصحة، يبلغني بضرورة الحضور إلى الفندق لإجراء فحوصات، تجمّعنا أنا والعاملين وقمنا بإجراء الفحوصات، وبعدها عدنا إلى المنازل لانتظار النتائج".
هذه كانت اللحظات الأخيرة للشاب أسامة كنعان (31 عامًا) خارج فندق "الانجل"، قبل أن يبلغ بإصابته صباح يوم الخميس الماضي بفايروس (كوفيد 19) المعروف بكورونا المستجد.
يروي أسامة كنعان تفاصيل لحظات ما قبل وأثناء وبعد إعلان إصابته بفايروس كورونا، وعن الأجواء في الفندق الأشهر في بيت لحم وفلسطين هذه الأيام
ظهرت النتيجة يوم الخميس وكان كنعان من أولى الحالات المصابة في فلسطين. يقول إنه فوجئ في اليوم التالي باتصال يبلغه بضرورة ألا يتواصل مع أي أحد. ثم حضرت سيارة إسعاف تابعة للصحة لأخذه من المنزل وتم الحجر عليهم داخل الفندق.
حول اللحظات الأولى عقب الإعلان يقول كنعان لـ الترا فلسطين "كنّا في حالة تخبّط، وفي اليوم التالي بدأنا في استيعاب الوضع، وقمنا بترتيب أنفسنا. الأمور الآن أفضل وكل شيء متوفّر من طعام وأدوية وأدوات تطهير وفيتامينات وإنترنت وكل شيء".
أمّا كيف أصيب بالعدوى فيقول كنعان إنه يعمل في قسم السفرة بالفندق، والعاملون في هذا القسم مع عُمّال الاستقبال هم أكثر من يتعاملون مع الزبائن، من حيث الشرح والمساعدة وتقديم الطلبات.
مجموعة واتس اب كورونا
يتابع أسامة كنعان خلال حديثه مع "الترا فلسطين" عبر الهاتف، أنهم أنشأوا منذ اليوم الأول مجموعة عبر تطبيق "واتس أب" تضم المصابين وغير المصابين داخل الفندق للحديث مع بعضهم ورفع المعنويات، وهو ما يساعدهم بشكل كبير.
وأكد أن هناك التزامًا تامًا بإجراءات الوقاية، فهو لا يختلط بالآخرين، ويصل الأكل إليه عند الباب دون أن يشاهد من يوصلونه، "لأننا حريصون على عدم نقل العدوى لأي أحد".
وعن متابعة وزارة الصحة لهم، قال إنه في اليوم الأول والثاني كان هناك تقصير من الصحة، ولا يعرفون السبب إن كان إجراءً متعمدًا أم حالة تخبّط، وكان الأصل أن يوجد كادر طبي لرعاية 14 حالة داخل الفندق، ولكن منذ أول أمس حضر طبيب وقام بقياس الحرارة، واليوم صباحًا حضر طبيب لقياس الحرارة والمتابعة.
يقول كنعان بنبرة متفائلة إنه يتواصل باستمرار مع عائلته، فهو متزوج ولديه ثلاثة أطفال يتحدث معهم عبر تقنية الفيديو، وأن المعنويات ممتازة.
يضيف كنعان "أكثر شيء مطمئن كان بالنسبة لي هو عدم نقل العدوى لعائلتي حيث كانت كل فحوصاتهم سلبية وهم غير مصابين".
متطوعون داخل الفندق
انطوان السقا صديق مقرب لمالكي فندق "الانجل" وأحد العاملين فيه، كان قد تواصل معهم قبل الإعلان عن الإصابات.
يقول السقا لـ"الترا فلسطين"، إنه اجتمع مع ثلاثة أصدقاء للاطمئنان على "مريانا" مالكة الفندق، وبعد أن أبلغتهم أن هناك إصابات، ذهبوا لإجراء فحوصات نتيجة احتكاكهم بالمصابين.
يروي السقا تفاصيل الساعات الأولى من صباح الخميس، عندما نزلوا إلى الموقع وشاهدوا الوضع الذي شبّهه بـ "النكسة"، ففضّلوا حجر أنفسهم داخل الفندق للمساعدة، بكل حرية دون أن يفرض عليهم أحد البقاء.
يوجد داخل فندق "الانجل" 42 شخصًا وهم: 14 مصابًا بالفايروس، وعدد آخر من غير المصابين تم حجرهم، ووفد من السيّاح الأمريكيين، بالإضافة إلى انطوان وأصدقائه الثلاثة و6 من العاملين في الفندق، تطوعوا عشرتهم للمساعدة.
يبين أنطوان السقا أن كل شخص مصاب تم حجره في غرفة وحده وهم في طابق مشترك، أما غير المصابين فجرى حجرهم داخل غرف في طابق آخر.
وأضاف "نراقب حالة الشباب ودرجة الحرارة ولا توجد أي أعراض حتى الآن. يستيقظ المرضى صباحًا ويتحركون مدة 15 دقيقة عند الاستيقاظ، يفتحون النوافذ لدخول الهواء والشمس".
وتابع "نحضّر صباحًا وجبة الإفطار، ومعها الفيتامينات لتقوية المناعة، وتطبيق أي تعليمات تصل إلينا من الصحة ومن الأمن الوطني".
ومن الأعمال التي يقومون بها توزيع أنفسهم على فترات مناوبة حتى يحافظوا على الوضع، "ونتلقى هواتف من المرضى ونتعامل مع كل الطلبات، ونتلقى هواتف من الخارج، ونقوم بالحد من الحركة لغير المصابين وحجرهم في غرفهم، ونتحرك لتزويدهم بالطلبات".
أكد السقا أن هناك تواصلًا مستمرًا مع مكتب وزيرة الصحة ومع الأمن الوطني لمساعدتهم في توصيل الطلبات، ويحضر الأطباء لإجراء الفحوصات للمرضى.
أما المشاكل التي واجهتهم في البداية وتم حلها، فهي رفض عمال النظافة التخلص من النفايات خوفًا من نقل العدوى إليهم، ولكن بحسب أنطوان السقا تم الحديث مع الأمن الوطني وحل المشكلة والتخلص من النفايات دون أن يحدد إلى أين نقلت.
أشهر فندق في فلسطين
لم يخطر ببال عائلة العرجا التي تعمل في مجال السياحة والضيافة منذ التسعينيات، أن يصبح فندقهم "الآنجل" حديث الفلسطينيين جميعهم. ويتردد اسمه (يعني بالعربية الملاك) في مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية، ويصير الفندق المكون من 100 غرفة ويتسع لـ200 نزيل، أشهر فندق في فلسطين خلال يومين فقط.
هذه الشهرة للفندق الذي تأسس عام 2009 في شارع السهل ببيت جالا، لم تكن نتيجة نجاح تجاري أو مزايا خاصة وخدمات فريدة يقدمها وإن حظي منها بنصيب، وإنما بسبب اقترانه بالفايروس الذي يشغل العالم حاليًا.
تمكث مديرة الفندق مريانا العرجا داخل غرفتها في الحجر الصحي بعد إصابتها بفايروس "كورونا" ولا تدري إن كانت هذه الشهرة المفاجئة ستحمل للفندق فرصة تجارية مستقبلًا أم العكس.
اقرأ/ي أيضًا:
كورونا في طولكرم.. مجمل الإصابات 25
الأطفال.. لغز فيروس كورونا الجديد
كورونا: فايروس خارج عن القانون الفلسطيني