29-ديسمبر-2016

الصحافيّون الذي يعملون ابتداءً من الرابعة فجرًا، وبلا توقّف في أكثر المناسبات والأيّام، ويسهرون لساعات متأخرة ليلًا، وبالطبع يُدمنون متابعة مواقع التواصل الاجتماعيّ، لا بُدّ أن يكونوا قد فكّروا بالارتباط بشريك حياة يعي متطلّبات "مهنة المتاعب".

تُحذّر التقارير الإخباريّة الصحفيين من اختيار شريك من ذات المهنة، لكنّ عددًا من صحفيي غزة، حاولوا أن يثبتوا أن الحقيقة أيضًا، قد تكون العكس!

فكرة الارتباط بصحفيّ لم تكن غائبة عن ذهن الصحفية ديما اللبابيدي من غزة، فهي ترى أنّ المهن غير الروتينية كالإعلام، تحتاج إلى شريك من ذات الوسط، يتفهم ظروف عملك ويساعدك في طريقك المهنيّ، لذا كان قرارها "نعم" حين عَرض عليها الصحفي سعدي حمد، الزواج، بعدما رأت أنّ طريقة تفكيره تنسجم مع تفكيرها، ونظرتها للحياة.

اللبابيدي التي تعمل حاليًا مع زوجها في فضائيّة "فلسطين اليوم"، تقول لـ "الترا فلسطين: إنّ زواج أبناء المهنة الواحدة يتيح تقاربًا أفضل، ويخلق مساحات حوار أكثر بين الزوجين، وكثيرًا ما يتم تبادل الأفكار بينهما، كأن تُقدّم ديما برنامجًا يحمل أفكارًا اقترحها زوجها سعدي، والعكس صحيح أيضًا، وهذا يخلق أجواءً إيجابية بين الطرفين، وفق ما تقول.

ورغم أنهما يعملان في ذات المؤسسة، إلّا أنّ مواعيد دوامهم تختلف، وكذلك أماكن عملهم، فديما ترى أيضًا أنّ تشابه التوقيت والأماكن في العمل، قد يخلق نوعًا من الملل، ما يؤدي إلى مشاكل أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: في بلادنا الرجال يأكلون أولاً

الغيرة المهنيّة هل لها متسع بين الأزواج الزملاء؟ لم تنف ديما وجود هذا النوع من الغيرة بينها وبين زوجها، فلكلٍّ شخصيّته وطموحاته. لكنّ الذي يُضاف إلى هذه المنافسة بين الزوجين، أنّ كُلّ منهما يعاون ويشدُّ من أزر الأخر، سواء في الحياة المهنيّة، أو الأسرية.

وعن الأخيرة تحديدًا، تقول ديما إنّه وبعدما رُزقا بطفل، بدأا تقاسم المسؤوليّة تجاهه؛ فعندما يكون عملي في الفضائية مساءً هو يجلس معه في البيت والعكس، وقد يحدث أن يُشاركهما طفلهما ساعات الدوام أحيانًا، خلال ضغط العمل، ما يجعله هو الأخر قريب من البيئة الإعلاميّة.

المحافظة على العلاقات الشخصية والجو الأسريّ بعيدًا عن ضغوط العمل قد تبدو صعبة على الأزواج الذين يعملون في ذات المهنة

ورغم ما يحققه هذا الارتباط من انسجام وتوافق بين الطرفين، إلا أن المحافظة على العلاقات الشخصية والجو الأسريّ بعيدًا عن ضغوط العمل قد تبدو صعبة على الأزواج الذين يعملون في ذات المهنة، فتقول ديما: "إذا ما قررنا الخروج لفسحة، تلقائيًا ومن غير قصد نجد مشاكل العمل حاضرة بيننا، وغالبًا ما يكون الحديث في البيت عن العمل".

اقرأ/ي أيضًا: كريمة.. المصوّرة الفلسطينية الأولى

"التقارب الفكري ومدى الانسجام الذي حققه زواجنا، عزز لدينا قيمًا غير رائجة كثيراً وسط الأزواج، كاحترام الرأيّ الآخر حتى لو كان مخالفًا"، هكذا بدأ الصحفي عبد لله التركماني حديثه عن تجربته بالزواج من الصحفية رشا أبو جلال.

عبدالله ورشا، زوجان صحفيان يعملان في مؤسستين مختلفتين، لكنهما يُساعدان بعضهما في اختيار الأفكار الصحفية، ومناقشتها ضمن حدود لا يتجاوزها أيّ طرف، تتمثل بعدم التعدي على البصمة الصحفية لكل منهما، على حد قول عبدالله.

انسجام بعد غيظ!

وعندما تعرّفت رشا على عبد لله للمرة الأولى قبل الزواج في إحدى المؤسسات الصحفية التي جمعتهما للعمل سويًا، أخذت عنه انطباعًا بأنه شخص متكبر، فهو حينها كان يُحرر المواد الصحفية، وفي إحدى المرات وضع ملاحظاته على تقرير كانت قد أعدته رشا، وهذا ما جعلها تغتاظ منه كثيرًا. مرّت الأيام على هذا الموقف ولم تكن تعرف رشا أن زميلها عبد لله هو من سيكون نصفها الأخر، وتقول إنّها اكتشفت بعد الزواج أنّه من أكثر الشخصيات تواضعًا.

تُعدّ رشا أغلب تقاريرها الصحفية من بيتها، وهذا ما يُضاعف حجم مسؤوليّة عبد الله كما يقول، خاصة عندما تُجري زوجته المقابلات، فيتابع أبناءه بشكل جيّد، بحيث لا يؤثر الأمر على سير عمل زوجته.

لقاء من حضانة أطفال!

يستذكر عبدالله موقفًا طريفًا حدث مع زوجته رشا، حين أرادت إجراء مقابلة هاتفيّة مع شخصيّة رفيعة المستوى، فارتفع صراخ الأطفال فجأة، حتى ظنّ الضيف أنّها تُجرى اللقاء من حضانة أطفال.

ويتخوّف الزوجان من أن يؤثّر عملهما الصحفيّ على أبنائهم مستقبلًا، ولا يُخفيان أنّهما يشعران أحيانًا بالملل والروتين في حياتهما.

اقرأ/ي أيضًا: غزة.. و"بديهيات الحب" في "حارة العبيد"

وفي بيتِ آخر من بيوت غزة التي يتشارك فيها الزوجان حياتهما المهنية والأسرية، تعيش الصحفية لميس الهمص مع زوجها الصحفي محمد أبو قمر تجربة زواجِ ناجحة رغم ما يُشكّله هذا الارتباط من ضغط على كليهما، يؤثر على حياتهما الأسرية وأطفالهم.

"شريك حياتك من نفس المهنة يُقدِّر ضغط عملك، ويفهم أدقّ التفاصيل التي تُحدِّثه عنها، لأنه يتشارك معك واقعك العمليّ، ويكون لديكما العديد من الاهتمامات المشتركة"، كما تقول لميس التي تعمل مع زوجها في ذات الصحيفة.

حدود التعامل

أما الصحفي محمد اللالا، فيصِف العلاقة المهنية التي تجمعه بزوجته في عملهما بإذاعة الشعب من غزة: "نلتزم حدود الرسمية في التعامل المهنيّ، فأنا أكتب وهي تقرأ لي على الهواء، وعلى سبيل المثال لو اختلفت هي مع أحد الزملاء مهنيًا، فأنا لا أتدخّل إلّا بالقدر المتُاح لي كزميل وليس كزوج"، وكغيرهما من الأزواج الصحفيين  يتبادلان الأفكار لتطوير عملهما والارتقاء بالإذاعة.

ورغم أنهما يختلفان في مواعيد الدوام، إلّا أن ميزة عملهما سويًا في ذات المؤسسة، يُسهّل عليهما أخذ الإجازات في نفس الوقت، ومن البديهي إذا تزوج الصحفيّ المذيع من صحفية مذيعة أن يُنجبا أطفالًا يتحدّثون بطلاقة، تأثرًا بوالديهم، كما يُشير محمد مازحًا.

وبالطبع، التجارب أعلاه لا يُمكن أن تؤخذ على نطاق تعميميّ، فهُناك أشخاص لا تروقهم فكرة هذا النوع من الزواج، وأيضًا لهم أسبابهم ومنطقهم الذي قد يكون مقنعًا أيضًا.. ماذا عنكم؟ 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مزادات الفرح في فلسطين

سرطان الثدي قد يعني الطلاق بغزة

مدارس بلدية الاحتلال في القدس: تحرش ومخدرات وأكثر