17-يونيو-2024
موكب نفايات عشوائي يتسع يوما بعد يوم بعد الكثافة العالية في المواصي اثر النزوح الكبير من مدينة رفح على وقع العملية العسكرية البرية-

موكب نفايات عشوائي يتسع يومًا بعد يوم بعد الكثافة العالية في المواصي إثر النزوح الكبير من مدينة رفح على وقع العملية العسكرية البرية-

"والله هذه ليست حياة بشر"، بهذه الكلمات عبّر النازح السيد ريحان عن معاناته وأسرته جراء انتشار الروائح الكريهة والحشرات والقوارض في منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بسبب تكدّس آلاف أطنان النفايات الصلبة على مقربة من خيام النازحين.

نزح ريحان من بلدة جباليا في شمال القطاع عقب اندلاع العدوان الإسرائيلي في 7 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، ولجأ بأسرته إلى مدينة رفح في جنوب القطاع، التي غادرها على وقع عملية عسكرية إسرائيلية بريّة في 7 أيّار/مايو الماضي، وقد اضطر إلى نصب خيمة قرب "تلال من النفايات" محاذية لجامعة الأقصى في منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس.

استحدث النازحون مكبًا عشوائيًا للنفايات عقب النزوح الكبير من مدينة رفح نحو منطقة المواصي في مدينتي خانيونس ودير البلح، ويواجهون بسبب ذلك مخاطر بيئية وصحية كارثية جراء تكدّس أطنان كثيرة من النفايات

ويخشى ريحان، 47 عامًا، على أسرته المكونة من 7 أفراد، إصابتها بأمراض تهدد حياتهم أو تشكل خطورة على صحتهم، في ظل انتشار الأمراض المعدية بين النازحين كالأمراض التنفسيّة والمعوية والتهاب الكبد الوبائي، بحسب بيانات رسمية صادرة عن لجان الطوارئ المركزية في القطاع.

تذمر في أوساط النازحين في مواصي خان يونس جراء انتشار اطنان من النفايات-أحلام حماد-الترا فلسطين
تذمر في أوساط النازحين في مواصي خانيونس جراء انتشار اطنان من النفايات | الترا فلسطين

مكبات عشوائية

واستحدث النازحون مكبًا عشوائيًا للنفايات عقب النزوح الكبير من مدينة رفح نحو منطقة المواصي في مدينتي خانيونس ودير البلح، ويواجهون بسبب ذلك مخاطر بيئية وصحية كارثية جراء تكدّس أطنان كثيرة من النفايات، في وقت تعجز فيه البلديات عن القيام بمهامها بسبب الحصار الإسرائيلي المطبق، ومنع إدخال الوقود اللازم لتشغيل ما تبقى من آليات ومعدات لديها، فيما دمر الاحتلال الكثير منها في إطار عمليات الاجتياح البري.

ويمنع الاحتلال منذ اندلاع الحرب طواقم البلديات من الوصول إلى مكبات النفايات الرئيسية الواقعة في مناطق متاخمة للسياج الأمني الإسرائيلي شرق القطاع، الأمر الذي تسبب بتراكم النفايات في مكبات عشوائية تنشر الروائح الكريهة والأمراض بين السكان والنازحين.

ويقول ريحان "نزحت من رفح لمنطقة المواصي في خانيونس وكانت المنطقة مزدحمة جدًا، ولم أجد فيها متسعًا لنصب الخيمة إلا في المنطقة المجاورة لجامعة الأقصى وعلى مقربة من هذه الأكوام من النفايات، ومنذ شهر تقريبًا نقيم هنا ونعاني معاناة شديدة".

غالبية المراجعين يوميًا طلبًا للعلاج هم من الأطفال وكبار السن، ويشكون من الإصابة بأمراض كالإسهال والتقيؤ وارتفاع درجات الحرارة

ويشكو هذا النازح الأربعيني وقد بدت على وجهه علامات التعب والإعياء، من انتشار الروائح الكريهة والحشرات مثل البعوض والذباب بشكل مخيف في المكان سواء بالنهار أو الليل، وهو ما يشكّل مصدر إزعاج وقلق لأسرته، ولمئات آلاف النازحين في المنطقة.

وبحسب مصادر طبية محلية في هيئات صحيّة ميدانية تُقدم خدماتها للنازحين في منطقة المواصي، فإن غالبية المراجعين يوميًا طلبًا للعلاج هم من الأطفال وكبار السن، ويشكون من الإصابة بأمراض كالإسهال والتقيؤ وارتفاع درجات الحرارة.

ويقول ريحان إن أطفاله وجميع أفراد أسرته لم يصابوا بهذه الأعراض، لكنهم يعانون بشدة من لدغات البعوض والذباب، وعدم القدرة على النوم، مطالبًا البلديات وأيّ جهة دولية مختصة بضرورة العمل الفوري على إزالة مكب النفايات من هذه المنطقة، ومساعدة النازحين الذين يعيشون أوضاعًا مأساوية.

يطالب النازحون في المواصي البلديات والجهات الدولية المختصة بضرورة ايجاد أي حل ينهي معاناتهم مع اطنان النفايات وانتشار الأوبئة-أحل
يطالب النازحون في المواصي البلديات والجهات الدولية المختصة بضرورة ايجاد أي حل ينهي معاناتهم مع اطنان النفايات وانتشار الأوبئة | الترا فلسطين

حياة بائسة

ويشكو النازح الستيني نضال شعث من عدم قدرته على التنفس السليم، بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من مكبّ النفايات العشوائي القريب من خيمته، التي تؤويه وأسرته عقب اضطرارهم للنزوح من بلدة النصر شمال شرقي مدينة رفح.

ومنذ نزوحه من منزله في بلدة النصر مع بدء العملية البريّة الإسرائيلية في رفح، ولجوئه إلى خيمة بالقرب من مكب النفايات في مواصي خانيونس، يشعر شعث بالهزال الشديد، ويقول إنه لا يستطيع تناول الطعام بشكل طبيعي جراء الانتشار الكبير للذباب والبعوض.

1.7 مليون نازح فلسطينيّ يمثلون أكثر من ثلثي سكان القطاع يعيشون في منطقة المواصي ومحيطها في مدينتي خانيونس ودير البلح

وفي الخيام المجاورة لخيمة شعث، 60 عامًا، تنتشر حالات الإصابة بحساسية الجلد والحكة والإسهال، ويخشى على نفسه وأسرته من الإصابة بالعدوى.

وإضافة إلى معاناته من فقدان الشهية للطعام بسبب الروائح وانتشار الحشرات والقوارض فإن شعث يشكو من عدم قدرته على النوم، ويتساءل بأسى: "كيف يمكنني النوم وسط هذه المزبلة؟".

روائح كريهة وحشرات تنتشر في أوساط النازحين بسبب آلاف أطنان من النفايات الصلبة-أحلام حماد-الترا فلسطين
روائح كريهة وحشرات تنتشر في أوساط النازحين بسبب آلاف أطنان من النفايات الصلبة | الترا فلسطين

وبحسب تقديرات صادرة عن منظمة المساعدة الإنسانية الدولية (أوكسفام) عقب الاجتياح البريّ الإسرائيلي لرفح الشهر الماضي، فإن 1.7 مليون نازح فلسطينيّ يمثلون أكثر من ثلثي سكان القطاع يعيشون في منطقة المواصي ومحيطها في مدينتي خانيونس ودير البلح، وعلى مساحة تقدر بخمس المساحة الإجمالية للقطاع المقدرة بـ 365 كيلو متر مربع، وتفتقر لأدنى مقومات الحياة الأساسية نتيجة الحرب الضارية والحصار الخانق للشهر التاسع على التوالي.

وبحسب بيانات لجان الطوارئ الصحية المركزية فإن لتكدّس النفايات تداعيات سلبية خطيرة جدًا على الصحة العامة وسلامة البيئة، فضلًا عن التسبب بانتشار الأمراض والأوبئة بشكل كبير، وأخطرها الكوليرا.