02-أبريل-2024
جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة

جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة

مع اقتراب مرور بدء الشهر السابع على عمليّة السابع من أكتوبر التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، وما تلاها من عدوان إسرائيليّ مستمرّ على قطاع غزة، يرى اللواء احتياط اسحق بريك الذي تنبأ بـ "الطوفان" أنّ تدمير "إسرائيل" لحركة حماس "وهم". ويذهب عوفر شيلح، رئيس اللجنة الفرعية للعقيدة الأمنية في لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، أبعد من ذلك حين يقول إنّ "إسرائيل تقف حاليًا على عتبة هزيمة استراتيجية تاريخية".

اللواء احتياط اسحق بريك: السياسيون والعسكريون في إسرائيل أدخلونا في متاهة غزة بسبب غرورهم وعجرفتهم وهروبهم من الحقيقة، وغياب الرؤية الاستراتيجية لديهم

ونشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية مقالًا كتبه اللواء احتياط اسحق بريك، رئيس المدارس العسكرية في جيش الاحتلال سابقًا، حمل عنوان: "يقودوننا إلى الخراب: لا يمكن الثقة بنتنياهو وغالانت ورئيس الأركان". وكتب بريك في مقاله أن بنيامين نتنياهو فقد تفكيره العقلاني تمامًا، وهو يروي قصصًا غير معقولة عن العملية البرية الإسرائيلية وعن اجتياح رفح. ورغم أن هناك تهديدات وجودية على إسرائيل أكبر بكثير من رفح، فإنه (أي نتنياهو) يتحدث حصرًا عن التهديد القادم من غزة من أجل النجاة سياسيًا، بينما يجُرُّنا إلى الدمار".

بريك: ندفع ثمن عجرفة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين

ورأى بريك الذي كان حذّر المستويات السياسية والأمنية مرارًا من سيناريو على غرار ما جرى في السابع من أكتوبر، أنه طالما أن القرارات على المستوى السياسي والعسكري تأتي انطلاقًا من العواطف والمصالح الضيّقة والسياسة والمعتقدات والأيديولوجية والغرور والعجرفة والغطرسة، وليس من الحقيقة الواضحة والسياسة الواقعية، فلن نكون قادرين على الخروج من المتاهة التي أدخلنا فيها السياسيون والعسكريون في إسرائيل. وقال إنهم يتصرفون بهذه الطريقة بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية، وبسبب الهروب من الحقيقة لأنهم يستخدمون القوات في الحرب بناءً على الهلوسة والأوهام، بسبب الرغبة الشديدة لدى المستوى السياسي في النجاة سياسيًا وبأي ثمن".

ويعتقد اللواء احتياط اسحق بريك أنّ التدمير الكامل لحركة حماس "وهم"، وأنّ دخول رفح بريًا للقضاء على 4 كتائب عسكرية متبقية لحماس في قطاع غزة لن يأتي بالنتيجة المرجوّة، بل العكس هو الصحيح. وهذا الدمار سيضع إسرائيل في مرتبة أدنى من جنوب أفريقيا في السنوات التي كانت تتبع فيها سياسة الفصل العنصري، ويدفع باتجاه انهيار إسرائيل جرّاء المقاطعة العالمية، وهو ما أصبح واضحًا بالفعل على أرض الواقع.

التعمّق الإسرائيلي في غزة يجعلها تخسر أكثر فأكثر، وعلى مختلف الصُعد

ويُدرك اسحق بريك أنّه كلما واصلت إسرائيل التورّط في رمال غزة فإنها ستفقد المزيد من الجنود، وكذلك ستفقد المزيد من الأسرى الإسرائيليين، كما أنها ستفقد أمن مواطنيها، وتخسر اقتصادها كما تخسر أصدقاءها. وقال إنّ إسرائيل ستخسر نفسها في أي حرب إقليمية ستندلع مستقبلًا لأن اندلاعها مسألة وقت فقط، ونحن لسنا مستعدين لها، ولا يبدو أننا نستعد لاندلاعها حتى الآن.

نتنياهو يُركّز على شعارات التدمير الكامل لحماس، ولكنّه يقف متفرّجًا على التهديد الأعظم المتمثّل في البرنامج النووي الإيراني الذي يتقدّم بوتيرة جنونية، يقول اللواء احتياط اسحق بريك ويضيف أنّ إسرائيل تفقد قدرتها على التعامل مع التهديدات الرئيسة والوجودية التي تواجهها، والرامية لتدمير دولة إسرائيل، وهي تهديدات تتعاظم بوتيرة جنونية، وكل يوم نتعرض لتهديد أسلحة تقليدية متمثلة بمئات آلاف الصواريخ والقذائف والطائرات دون طيار التي تملكها إيران وأتباعها، وهي تهديدات أخطر بمئات آلاف المرّات من تهديد حماس.

ورأى أن الطريقة التي يقود بها نتنياهو، ويدير بها يؤآف غالانت وهيرتسي هاليفي الحرب، ستجعل إسرائيل في دوامة لسنوات قادمة، ودون هزيمة حماس، فيما يواصل حزب الله منع عودة الإسرائيليين إلى مستوطنات الشمال.

اسحق بريك: إمّا أن بنيامين نتنياهو فقد تفكيره العقلاني تمامًا، أو يمارس الخداع ضدنا، وتصريحاته بشأن اجتياح رفح تهدف لكسب الوقت والبقاء في السلطة

ولفت اسحق بريك إلى أنه من وقت لآخر يظهر رئيس الحكومة الإسرائيلية على القنوات التلفزيونية ويقول للشعب الإسرائيلي "إذا لم ندخل رفح للقضاء على حماس فإن التهديد الذي تشكّله حماس على إسرائيل يتعاظم"، لقد فقد الرجل تفكيره العقلاني تمامًا، أو يمارس الخداع ضدّنا.

وفيما يتعلق باجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتي يتكدّس فيها أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني غالبيتهم من النازحين. قال بريك إن الأمريكيين اشترطوا لاجتياح رفح إنشاء مدينة خيام جديدة في مكان آمن، ويتم إجلاء 1.4 مليون لاجئ إليها وهذا سيكون شرطًا ضروريًا بدونه لن تسمح الولايات المتحدة للجيش الإسرائيلي باجتياح رفح. وأشار إلى أنه إذا كان نتنياهو ينوي دخول رفح فعلًا، لشهدنا منذ أسابيع بناء مدينة الخيام. وغياب أي إشارة لبدء بنائها يؤشّر إلى نيّة نتنياهو الحقيقية هي عدم الرغبة في دخول رفح، وذلك لإدراكه أن ذلك سيترتب عليه الصدام مع أصدقائنا في العالم.

ورأى أن تصريحات نتنياهو بشأن دخول رفح تهدف لكسب الوقت السياسي والبقاء في السلطة، وهو غير مهتم بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار حتى لا تنتهي الحرب، ولو كان الثمن باهظًا جدًا.

عوفر شيلح: "إسرائيل" تقف على عتبة هزيمة استراتيجية تاريخية، وتأثيراتها الوجودية علينا ستكون كبيرة جدًا 

من جهته، خلص عوفر شيلح، رئيس اللجنة الفرعية للعقيدة الأمنية في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وعضو الكنيست السابق عن حزب "هناك مستقبل" أن إسرائيل تقف حاليًا على "عتبة هزيمة استراتيجية تاريخية".

وقال شيلح الباحث حاليًا في معهد الأمن القومي للقناة الإسرائيلية 12، إنّ "إسرائيل" تقف على عتبة هزيمة استراتيجية تاريخية، وتأثيراتها الوجودية علينا ستكون كبيرة جدًا، لأن أعداءنا يراقبون. ورأى أنّ إسرائيل ستكون في مواجهة قريبة مع أعدائها، وبدون الولايات المتحدة، وبدون تحالف إقليمي وبدون أي شيء.

وأضاف عوفر شيلح أنّ إسرائيل بحاجة لصفقة تبادل أسرى، ليس فقط من أجل القيام بالواجب الأخلاقي تجاه هؤلاء الأشخاص الذين تخلينا عنهم مرة بعد أخرى، ولكن من أجل بناء الآلية التي ستُنهي هذه الحرب. فهذه الحرب بالوتيرة التي تجري بها، ستقودنا إلى هزيمة سيتردد صداها لسنوات، وأعتقد أن هذا واضح للجميع وبشكل كافٍ.

وشدد على أنّ الحقيقة التي يتوجّب قولها تتمثّل في أن المماطلة الإسرائيلية حول عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم مقابل المحتجزين الإسرائيليين، والسماح للمستوطنين بالعودة إلى شمال القطاع، تخدم شخصًا واحدًا فقط، وهو بنيامين نتنياهو الذي يريد استمرار الوتيرة الحالية، وهذا النقاش يخدمه في أن نمضي يومًا بعد يوم، في الاتجاه الخطير.