06-يناير-2018

ستعلن إذاعة الاحتلال الإسرائيلي أسماء الأسرى المحكومين بالإعدام وتواريخ تنفيذ الحكم، ستنعتهم بــ"المخربين"، وستسرد مذيعة النشرة "جرائمهم البشعة"، وستنوه بأسى إلى أن عائلة الجندي المقتول كانت تنتظره ليلة مقتله ليتناولوا طعام العشاء معاً ولكنه لم يحضر. هذه المشاهد آتية من مخيلتي، ولكنها تبدو حقيقية جداً بحيث أكاد أسمع صوت المذيعة الناطقة بالعربية تقرأ ما كُتب أعلاه.

"إسرائيل لا تبقينا على قيد الحياة، فلا داعي لأن نقلق بخصوص قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين الذي صادق عليه الكنيست بقراءته التمهيدية". هذا ما قالته صديقتي بقهر بعدما انتهت من قراءة الخبر. كثيراً ما يقترن وصف الحالة المزرية التي يعيشها شعب تحت الاحتلال بالموت مثل: "نحن نعيش من قلة الموت" أو " نحن نرى الموت كل يوم" أو "الموت أرحم من هذه الحياة" وبين الموت الحقيقي والموت كاستعارة يختبر الاحتلال صبرنا وصمودنا بالموت كقانون هذه المرة.

بين الموت الحقيقي والموت كاستعارة يختبر الاحتلال صبرنا وصمودنا بالموت كقانون هذه المرة

الموت ليس مخيفاً هنا، بل إننا كثيراً ما نكتب عن قلقنا من انتشار حالة عدم الخوف من الموت بين الفلسطينيين. أما عن تشريع عقوبة الإعدام، فإنه شكل جديد لممارسة الظلم بشكل قانوني، والإسرائيليون بارعون في فعل ذلك. 

اقرأ/ي أيضاً: عمر العبد لا يندم وراض عن ما فعل

ليس الموت هو الحدث المخيف في مشهد الإعدام، ولكنه الأسى الذي يرافق قلوب الناس وهي تراقب تعليق مشنقة أحد أبنائها بعجز تام وقهر لا يوصف. وفي حالة تشريع دولة الاحتلال لقانون الإعدام بحق الاسرى؛ فإنها هي من عليها أن تخاف وتقلق من مرحلة جديدة، وشكل مختلف للغضب الفلسطيني، فالفلسطينيون جربوا الموت السريع والإعدام المفاجئ في الشوارع، أما أن يكون قانوناً يراقبون مراحل تنفيذه خطوة بخطوة فهذا حتماً بابٌ من الغضب سيندم الاحتلال على فتحه، على الأقل هذا ما أتخيله.

الخوف من التصعيد والغضب الفلسطيني هو ما تخشاه بعض مؤسسات دولة الاحتلال الرافضة لمشروع قانون الإعدام، حيث جاء في تقرير نشره "الترا فلسطين" بعنوان (الكنيست في قراءة أولى: الإعدام لمنفذي العمليات) أن جهاز "الشاباك" يرفض تطبيق عقوبة الإعدام بحق الفلسطينيين، باعتبار أنّ ذلك سيقود لموجة من عمليات خطف تستهدف اليهود في العالم، من جانب الفلسطينيين وأنصارهم.

الأحكام العالية التي يقضيها الكثير من الأسرى الفلسطينيين، وقد تصل إلى 67 مؤبداً مثل الأسير عبد الله البرغوثي، أو 57 مؤبداً التي يقضيها الأسير إبراهيم حامد، تبدو كأرقام فلكية لا تصدرها محاكم دول العالم، وتنفرد بها المحاكم الإسرائيلية التي كانت تراهن بها على ليّ ذراع الفلسطينيين وترهيبهم. وعلى الأغلب فشلت في ذلك، ولا أعلم إذا كان اللجوء إلى الإعدام  ليس إلا تصعيداً للتدليل على هذا الفشل.

لا أحد يعلم إلى أين سيأخذنا هذا الشكل الجديد من الموت الذي تجربه دولة الاحتلال علينا في حال تم إقراره، هل سيأخذنا إلى حيث تحب "إسرائيل" من خوف واستسلام؟ أم أنه سيكون كما يتوقع  جهاز المخابرات الإسرائيلي "الشاباك"  باباً جديداً للمقاومة الفلسطينية؟ وفي حال سُئلنا عن رغبتنا نحن، فيصعب  أن نتمنى أي شيء إلا السلامة والحرية للأسرى.


اقرأ/ي أيضاً:

إعدام الشريف.. اعترافات إسرائيلية جديدة

مصور إعدام الشهيد الشريف يعيش حالة رعب

سكاكين المطابخ هي الإرهاب