02-يناير-2024
أطفال يلعبون

الترا فلسطين | فريق التحرير 

كشفت مقابلة نشرها الإعلام العبري، الأسبوع الماضي، لجندي يعترف أن زميله الذي قتل في أحد المعارك في قطاع غزة، قد خطف طفلة رضيعة ونقلها إلى الداخل المحتل.

وخلال مداخلة مع إذاعة جيش الاحتلال، يوم الأحد المنصرم، تحدث الجندي الإسرائيلي شاحار مندلسون عن خطف رضيعة فلسطينية على يد صديقه الضابط في "لواء غفعاني" هارئيل إيتاخ، الذي قُتل في معارك شمال قطاع غزة في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وذلك بعد استشهاد  عائلتها بالقصف العنيف.

اختطف الاحتلال خلال فترة السبعينات والثامنينات أكثر من مئتي طفل فلسطيني ووضعوهم للتبني في هولندا والسويد.

وزعم مندلسون أن صديقه نقل الرضيعة إلى مستشفى في "إسرائيل"، دون ذكر اسم المستشفى، ولم يتم إيضاح لماذا لم يتم إرسالها إلى المستشفيات الفلسطينية أو العائلات القريبة من المنزل، وكذلك لم يتم الكشف أين تم العثور عليها بالضبط. 

وأثارت هذه الحادثة غضبًا فلسطينيًا كبيرًا على المستوى الشعبي والسياسي، إذ طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتسليم الرضيعة فورًا إلى السلطة الوطنية، وأكدت أنه لا يوجد تأكيدات أن هذه هي الحادثة الأولى أو الأخيرة، وتساءلت عن الطرق التي تم فيها نقل الرضيعة وتهريبها بشكل علني وعلى علم من الجنود والضباط الآخرين.

 فيما أكد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان، أن مئات العائلات في قطاع غزة أبلغت عن فقدان أطفالها، وأضاف أنه من الصعب التحقق من مصير الأطفال بسبب استمرار التوغل الإسرائيلي، وصعوبة إزالة الركام وتعذر الاتصالات والإنترنت وتشتت العائلات بسبب النزوح القسري.

وأشار المرصد إلى أن هذه حالة الرضيعة ليست منفردة إذ تبين العديد من الشهادات التي تلقاها المرصد قيام قوات الاحتلال بشكل متكرر باحتجاز وخطف أطفال فلسطينيين دون معرفة مصيرهم، إضافة إلى البلاغات المتكررة التي ترد من عائلات فلسطينية فقدت اتصالها بأطفالها، في المناطق التي توغل فيها جيش الاحتلال.

 

تاريخ من عمليات الاختطاف

ذكرت مقابلة أخرى ظهر فيها المواطن رشدي الظاظا بعد الإفراج عنه، الذي اعتقل من بيته في حي الزيتون قبل شهر، أن قبل اعتقاله قام جيش الاحتلال الإسرائيلي باقتلاع ابنه محمد، 4 سنوات، وابنه زين، 6 شهور، من حضن والدتهم، وأخذهم أحد الجنود خارج المنزل، ومن ثم قاموا باعتقاله مع زوجته، ولا يزال لا يعرف أي معلومات عن أطفاله وزوجته حتى اللحظة.

هذه الحادثة، وحادثة اختطاف الرضيعة تعيد إلى الأذهان التاريخ الإسرائيلي الطويل في اختطاف الأطفال الفلسطينيين، وإبعادهم عن أهلهم وإخفاء تفاصيل تواجدهم.

كما حدث مع قضية الطفلة نوران الكرمي، 7 أعوام، التي اختطفت من أمام منزلها في طولكرم عام 2002، على يد عملاء للشاباك الإسرائيلي، وتم بيعها في الداخل المحتل، ولا يزال الغموض يكتنف مصيرها.

وكانت حكومة الاحتلال قد اعترفت عام 2019، عن إرسال 214 طفلًا فلسطينيًا مسلمًا للتبني في السويد وهولندا في سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وذلك خلافًا للقوانين الإسرائيلية التي تحظر نقل أطفال للتبني خارج "إسرائيل"، وضرورة تحويل الطفل المتبنى إلى عائلة من الديانة والقومية نفسيهما. 

ورغم اعتراف الاحتلال بهذه الجريمة إلا أنه تكتم على الآليات والوسائل والدوافع لإرسال الأطفال الفلسطينيين إلى أوروبا، ولم يفصح عن المقابل الذي حصل عليه مقابل ذلك.

وذكر رئيس محكمة الاستئناف الشرعية السابق، بروفيسور أحمد ناطور، في مقابلة مع عرب ٤٨، أن الأطفال المختطفين كانوا من الداخل المحتل والقدس والضفة الغربية وحتى قطاع غزة. 

وأكد أن "الدولة العبرية"، بمختلف مؤسساتها الرسمية، عملت على "تصدير" الأطفال الفلسطينيين المسلمين بشكل يتعارض والقوانين والتشريعات الإسرائيلية، وليس من المستبعد أن تكون هذه الإجراءات طالت أطفالًا من مختلف المناطق الفلسطينية الواقعة تحت السيادة التامة لسلطات الاحتلال والحاكم العسكري في حينه.

 

الاحتلال سرق أطفالًا يهودًا عرب 

لم تنفك "إسرائيل" باختطاف الأطفال الفلسطينيين فقط، بل عمدت بعد عام 1948، باختطاف آلاف الأطفال اليهود العرب ومن دول البلقان، وتسليمهم لعائلات يهودية من أصول غربية، كما أكد تحقيق نشرته صحيفة معاريف العبرية عام 2015. 

وكشفت الصحيفة أن آلاف الأطفال اليهود من اليمنيين والتونسيين والليبيين، اختطفوا في فترة الخمسينيات، وتم تقديمهم لعائلات يهودية غربية لتبنيهم، ضمن سلسلة من التعامل العنصري مع اليهود الشرقيين.

وذكرت معاريف أنه تم اختطاف بعض الأطفال من أمهات أنجبن في مراكز ومخيمات مؤقتة استطون فيها يهود اليمن، وتم أخذ الأطفال وبعد بضعة أيام ادعوا أنهم ماتوا، وبعضهم تم اختطافهم من أمهات أنجبن في الكيبوتسات بعد مرض الأطفال، ونقلهم للعلاج ومن ثم الادعاء أنهم ماتوا.

وقال ناشطون إسرائيليون إن الأطفال الذين سرقوا أعطوا لعائلات يهودية من أصول غربية في "إسرائيل" وفي الخارج ممن لا يستطيعون إنجاب الأطفال.

ومنذ موجة الهجرة اليهودية اليمنية 1950 إلى "إسرائيل"، اتهم ناشطون يمنيون المستشفيات والمراكز الصحية في مخيمات استيعاب المهاجرين بسرقة المئات من أطفالهم الرضع، الذين أعلن الأطباء وفاتهم دون تسليمهم شهادة وفاة أو الجثث.  

 

تجارة الأعضاء في "إسرائيل"

وتثير أنباء الخطف المخاوف حول تجارة الأعضاء، إضافة إلى مخاوف عرض الأطفال إلى التبني، ففي عام 2002، قتل جنود الاحتلال الإسرائيلي، ثلاثة أطفال، عادت جثامنيهم دون أعضائهم الحيويّة.

وتحدثت وقتها جمعيات حقوقية عن 250 حالة مشابهة لفلسطينيين، عادوا إلى ذويهم دون أعضائهم الحيوية. وفي عام 2005 تحدّث جنديٌّ إسرائيلي عن أنّ طبيبًا من الجنود، كان يستخدم أحد أجساد الفلسطينيين لتكون مثالًا يعطي من خلاله دروسًا في التشريح، مشيرًا إلى أنّ الجسد كان خاليًا من الأعضاء الحيوية، ومليئًا بشقوق الرصاص.

ومؤخرًا اتهم المكتب الإعلامي في غزة الاحتلال بسرقة الأعضاء الحيوية من جثامين 80 فلسطينيًا من ضحايا العدوان على قطاع غزة المستمر منذ السابع من تشرين الأول\أكتوبر 2023. 

واعترف المدير السابق لمعهد أبو كبير للطب الشرعي لدى الاحتلال يهودا هس بسرقة أعضاء الفلسطينيين في فترات مختلفة بين الانتفاضتين الأولى والثانية تحت غطاء القانون، وأكدت شبكة CNN عام 2008، تورط إسرائيل في جرائم اختطاف وقتل للفلسطينيين لسرقة أعضائهم، فيما وجهت صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية اتهامات إلى معهد أبو كبير بسرقة الأعضاء والاتجار بها ضمن شركات دولية غير شرعية.