10-مايو-2018

صورة توضيحية: صحافيات فلسطينيات في الميدان

تختص مؤسسات إعلامية بقضايا المرأة في قطاع غزة؛ البقعة المحاصرة منذ أكثر من 10 سنوات، ولازالت تدفع الثمن الأكبر لـ الانقسام، هذا عدا عن التزام المواطنين فيها بمنظومة أفكار تجاه المرأة تستند إلى عادات وتقاليد جعلت - وفق رأي كثيرين - وضع المرأة أكثر صعوبة من سواها في القطاع. فما الذي فعله الإعلام النسوي تجاه ذلك خلال سنوات عمله؟ وهل استطاع أن يحدث خرقًا ما في أي من المحظورات تجاه نساء غزة؟

الترا فلسطين، وفي إطار بحثه في هذا الملف، تأكد من وجود جهات إعلامية نسوية عديدة في قطاع غزة، وهي موقع "نوى" التابع لمؤسسة "فلسطينيات"، وإذاعة "صوت نساء غزة"، وإذاعة "حواء" الإلكترونية، وقناة "طيف"، ومجلة "الغيداء" التابعة لمركز شؤون المرأة، وشركة "لونا" للإنتاج الإعلامي، وهي شركة خاصة، وملحق"صوت النساء" التابع لطاقم شؤون المرأة، لكنها توقفت عن الصدور مؤخرًا لعدم توفر التمويل.

الترا فلسطين يبحث في جدوى الإعلام النسوي في غزة وإنجازاته في ظل عقبات التمويل والعادات والحصار

 إذاعة "صوت نساء غزة" كانت أول إذاعة في قطاع غزة مهتمة بقضايا النساء، تأسست بجهود ذاتية، وتقوم على إداراتها وإنتاج برامجها إعلاميات وناشطات في حقوق المرأة.

اقرأ/ي أيضًا: نساء من غزة: نستطيع

تبيّن إسلام البربار، مديرة الإذاعة، أنها تُقدم برامج متخصصة في النساء، مثل "أسيرات من بلادي" الذي يسلط الضوء على حياة الأسيرات الفلسطينيات، و"نون سبورت"، وهو برنامج رياضي يبرز إبداع النساء في الرياضة، و"الكأس على السطح"، وهو برنامج سياسي، مشيرة إلى أن أغلب العاملات في الإذاعة متطوعات لا يتلقين أجرًا، في ظل غياب مصادر الدخل.

[[{"fid":"71858","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":571,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

وتوضح البربار أن الإذاعة تطرّقت في برامجها إلى "قضايا حساسة" وفق وصفها، مثل العنف ضد النساء، وسفاح ذوي القربى، واستئصال أرحام ذوات الإعاقة، مؤكدة أن الموضوع الأخير لم يكن أحد على علم  به من ناشطي حقوق الإنسان، الأمر الذي أثار ضجة في المجتمع، خاصة بعد رصد عدة حالات لنساء ذوات إعاقة خضعن لعمليات استئصال رحم بسبب تخوّف عائلاتهن من تعرضهن للاغتصاب.

"مجلة الغيداء" الفصلية، تتبع لمركز شؤون المرأة، وتناقش في كل عدد قضية نِسوية، فيحمل غلاف مجلتها عناوين حول العنف، والصحة الإنجابية للمرأة، والزواج المبكر، والتحرش، والأسيرات، وأزمة الكهرباء، وغيرها.

تقول سمر الدريملي، سكرتيرة تحرير "الغيداء"، إن المجلة تناولت "مواضيع مجتمعية حساسة" في أعدادها، وكان منها قتل النساء على خلفية الشرف، إضافة إلى النساء ذوات الإعاقة اللواتي تم الحديث عن قضاياهن في أكثر من ملف عدد.

وأضافت أن 30 - 40 صحافيًا وصحافية يكتبون في المجلة، مقابل مكأفآت مالية وليس رواتب، أو وفق نظام القطعة، أما الموظفات بشكل ثابت في المجلة، فلا يتجاوز عددهن أربع صحافيات، هن هيئة التحرير.

[[{"fid":"71859","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":368,"width":655,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

وتعتقد الدريملي أن أهمية وجود إعلام نسوي تنبع من قدرة هذا الإعلام على نقاش قضايا المرأة الخاصة بعمق، وليس "بسطحيةِ طرحِ بقية المؤسسات الإعلامية القائمة"، معتبرة أن وجود الإعلام النسوي "يُقوي المرأة".

قناة "طيف" للمرأة، انطلقت في شباط/فبراير 2018 من خلال مواقع التواصل. تقول مديرتها منى عوكل، إنها جاءت نتيجة الشعور بضرورة وجود منبر إعلامي يتحدث عن المرأة ومشاكلها، في ظل عدم وجود قناة إعلامية مختصة، مبينة أن قناة طيف "مستقلة"، ذاتية الجهود، بالشراكة بين شركة حيفا وشركة "كلر بارز".

تبيّن عوكل أن ثماني إعلاميات، و10 معدات برامج، يُنتجن برامج قناة "طيف"، لكنهن متطوعات لا يتلقين رواتب، مضيفة أن "الوضع المالي حاليًا لا يسمح بالتشغيل".

تعتمد المؤسسات الإعلامية النسوية على المتدربات والمتطوعات بشكل أساسي، بسبب وضعها الاقتصادي الصعب

واجهت "طيف" صعوبات منذ بداية عملها، تمثلت في التشكيك برسالتها، واتهامها بأنها تعمل بأجندات خارجية، وتخضع لجهات مشبوهة تقدم لها التمويل، وفق ما أفادتنا به عوكل، التي أشارت إلى أن المواضيع التي تطرحها القناة "لا تتناسب مع المجتمع". وأكدت أن قناة "طيف"، "فلسطينية لا تتلقى أي تمويل مشبوه أو خارجي، وتسعى لتقديم المرأة الفلسطينية بصورتها الأصيلة والمبدعة، وتقديم نماذج من النساء الرائدات للعالم".

اقرأ/ي أيضًا: "زهرات" تحكي كيف تقضي الأسيرات القاصرات أيامهن

الترا فلسطين استطلع آراء عاملين في الإعلام من الجنسين حول الإعلام النسوي، ومدى أهميته بالنسبة للمرأة، ونجاحه في الذهاب إلى حيث لا يذهب الإعلام الفلسطيني بشكل عام. توافقت أغلب الأراء على ضرورة توحيد جهود هذه المؤسسات، بينما فصّل كل منهم في نقاط أخرى محددة.

يقول ماجد تربان، عميد كلية الإعلام في جامعة الأقصى، إنه لا بد من ترتيب أولويات القضايا النسائية التى توصلنا لصحافة المرأة، مبينا أنها "صحافة موسمية، وأغلبها تعمل وفقًا للتمويل، أو لمشاريع دولية، وتركز على قضايا حسب أجندة الممول، بالتالي تكون المعالجة تحت الرقابة وليس بالشكل المطلوب، وهذا غيّب صحافة المرأة" وفق قوله.

[[{"fid":"71860","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"4":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":570,"class":"media-element file-default","data-delta":"4"}}]]

ويرى تربان أن الوسائل الإعلامية النسويه قليلة ولا تخضع لاستراتجية موحدة، وهي تحتاج إلى منظومة إعلامية تلم شمل هذه الجهود المبعثرة، مثل إنشاء صحيفة نسوية منتظمة الصدور؛ قائمة على رؤية واضحة، تُبنى عليها آليات تطبق قضايا المرأة وتعالجها.

ويشير تربان إلى المعضلة المالية لدى أغلب المؤسسات الإعلامية النسوية، فهي إن سلِمت من التمويل الخارجي؛ لن تستطيع توظيف إعلامات بعقود رسمية ودفع أجورهم، ولذلك فهي تعتمد على المتدربات والمتطوعات بشكل أكبر.

دعوات إلى وضع منظومة إعلامية تلم شمل المؤسسات الإعلامية النسوية في غزة وتنظم عملها

واتفقت الصحافية ماجدة البلبيسي، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة، مع تربان في ضرورة وجود منظومة إعلامية تنضم عمل هذه المؤسسات، مؤكدة في الوقت ذاته أن عدد العاملات في مجال الإعلام النسوي قليل، نظرًا لعدم توفر عائد مالي يرضيهن، وغياب فرص التشغيل، "رغم أن هذه الجهات الإعلامية النسوية تنادي بحقوق المرأة وتناقشها".

[[{"fid":"71861","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"5":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":570,"class":"media-element file-default","data-delta":"5"}}]]

الإعلامية علا كساب، نائب مدير عام إذاعة صوت فلسطين في المحافظات الجنوبية، أكدت أيضًا على ضرورة توحيد جهود المؤسسات الإعلامية النسوية، ورأت أن هناك "رهبة  واضحة في تناول بعض المواضيع  والقضايا المتعلقة بالنساء"، مؤكدة أن ضعف الجانب الاقتصادي أهم أسباب ضعف إمكانيات الإعلام النسوي.

يُشار إلى أن المؤسسات الإعلامية بشكل لا زالت تضع الإعلاميات في إطار محدد، وفق ناشطات في شؤون المرأة، يشتكين من تغييب الإعلاميات عن برامج سياسية واقتصادية، وحصرهن في برامج المنوعات، هذا إضافة لشكاوى من تغييبهن عن المناصب العليا مثل رئاسة التحرير، وكذلك التمييز بينهن وبين الرجال في الأجور والحقوق أحيانًا.


اقرأ/ي أيضًا:

ترميم الأثداء بعد سرطان الثدي بين الكذب والحقيقة

أمهات عاملات: حتى نكون بر الأمان

فنانون غزيون هجّرهم الحصار والناس