27-يونيو-2024
معركة الشجاعية

(Getty) قالت حركة حماس: إن القصف المكثّف على حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، هو استمرار لحرب الإبادة

عاد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ظهر اليوم الخميس، إلى اقتحام منطقة الشجاعية شرقي مدينة غزة، بعد عدوانه السابق على المدينة، الذي انتهى في كانون الثاني/يناير من العام الجاري.

وأفادت مصادر محلية باقتحام حي الشجاعية في مدينة غزة، من جهته الشرقية، للمرة الثانية منذ بداية عدوان الاحتلال على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وأكد الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لـ "الترا فلسطين"، أن جيش الاحتلال استخدم كثافة نارية عالية، ومن مختلف الآليات والطائرات في هجومه على حي الشجاعية الذي بدأ به ظهر يوم الخميس، ونتيجة لذلك لا تستطيع الطواقم الطبية الوصول لجثامين الشهداء والمصابين.

الاحتلال خرج من الشجاعية بعد كانون الثاني/يناير، بعد حوالي شهر من عدوانه المباشر على الحي

وأوضح محمود بصل، أن طواقم الدفاع المدني انتشلت جثامين شهداء من منزل عائلة حسنين إثر قصفه صباح اليوم، قبل أن تُفاجأ بتقدم آليات الاحتلال، وقصف عدد من المنازل بالطائرات الحربية في بداية الهجوم على حي الشجاعية، وعلى أثر ذلك اضطرت الطواقم للانسحاب من الحي.

وبين محمود بصل، أن جثامين 7 شهداء وصلت إلى المستشفى المعمداني من حي الشجاعية، مشيرًا إلى وجود شهداء وجرحى في الطرقات، ومنازل تم استهدافها، ولم تتمكن الطواقم الطبية من الوصول إليها، ولذلك لا يمكن معرفة الرقم الدقيق للضحايا.

وأضاف، أن دخول الطواقم الطبية والدفاع المدني إلى حي الشجاعية "صعبٌ جدًا، وكل من يتحرك يتم قتله"، مؤكدًا أن الاحتلال يمنع الطواقم الطبية من دخول الحي، "وهذا مخالف للقانون الدولي".

وأكد محمود بصل، أن القصف الإسرائيلي استهدف مربعات سكنية، وهناك عدد كبير من العائلات محاصرة في حي الشجاعية ولم تتمكن من النزوح بسبب كثافة النيران.

بدورها، قالت حركة حماس: "إن القصف المكثّف على حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، والذي بدأه جيش الاحتلال المجرم صباح اليوم، ونَشْرِه إنذارات بإخلاء الحي، والبدء في عملية توغّل فيه، وارتقاء أعداد من الشهداء ودفع الآلاف للنزوح عنه تحت وطأة قصفٍ واستهدافٍ ممنهج للمدنيين العزّل؛ هو استمرار لحرب الإبادة التي تشنها حكومة الاحتلال الفاشية على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، بدعم وتغطية كاملة من الإدارة الأميركية الشريكة في هذه الجرائم".

وأضافت حماس: "إن هذه السياسة الفاشية، بالاستهداف المتكرر للمدن والمخيمات والأحياء، وتعمُّد قتل المدنيين وتدمير البُنَى التحتية، بهدف تعميق معاناة أبناء شعبنا؛ هي جريمة حرب مكتملة الأركان، تحدث تحت سمع وبصر العالم أجمع، وهو ما يتطلب تحرّكًا فوريًا من المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم، ومحاسبة قادة الكيان الإرهابي عليها".

واستمرت في القول: "نؤكد أن هذه الجرائم والسياسات الاحتلالية النازية لن تزيد شعبنا إلا إصرارًا على الثبات على أرضه، وتحدّيًا للاحتلال ومخططاته، وأن مقاوتنا الباسلة ستواصل تصديها لهذا الجيش الفاشي وآلته الإرهابية، وإثخانها في جنوده وضباطه، حتى كسر العدوان، ودحره عن أرضنا".

ماذا تريد إسرائيل؟

جاء العدوان على الشجاعية، بعد أيام من تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، التي قال فيها بأن "المرحلة المكثفة" من الحرب على وشك الانتهاء.

ونشر المتحدث باسم جيش الاحتلال أوامر إخلاء من عدة مناطق في حي الشجاعية، مع دعوة للتوجه نحو "المنطقة الإنسانية" عبر شارع صلاح الدين جنوبًا.

ومن غير الواضح الهدف المباشر من العملية، وفق المصادر الإسرائيلية المفتوحة. إذ تقول صحيفة "جيروزالم بوست" إنها تلقت مؤشرات متناقضة من مصادر في الجيش الإسرائيلي حول ما إذا كانت هذه العملية الأخيرة أشبه بعملية "جباليا 2.0"، عندما أعاد الجيش الإسرائيلي اقتحامًا لعدة أسابيع، أو أشبه بعملية "النصيرات 2.0"، عندما أعاد الجيش الإسرائيلي اقتحام تلك المنطقة الواقعة في وسط غزة بهدف تحويل الانتباه عن الوضع من أجل تهيئة الظروف المناسبة لعملية استعادة الأسرى.

وقال مصدر سياسي لصحيفة "يسرائيل هيوم": "إن اقتحام الشجاعية ليس عملًا غير عادي، ولكنّه جزء من مرحلة الغارات التي ستستمر في غزة حيثما تحاول حماس إعادة تأهيل نفسها"، وفق تعبيره.

ووفق القناة الـ12 الإسرائيلية، أبلغ المجلس الإقليمي سدوت نيغيف أن قوات الجيش الإسرائيلي تنفذ عملية شمال قطاع غزة، وبالتالي ستسمع أصداء انفجارات وأصوات عالية في المنطقة.

وبحسب القناة نفسها، فإن العملية تأتي "على غرار العمليات السابقة في حي الزيتون وجباليا شمال قطاع غزة". وأضافت: "تراكمت معلومات استخباراتية تفيد بأن عناصر الفصائل الفلسطينية يعودون إلى الحي ويحاولون استعادة البنية التحتية".

مواجهة الشجاعية

انطلق عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأول على حي الشجاعية في كانون الأول/ديسمبر الذي انتهى بعد شهر على الأقل. وخلال هذا العدوان قُتل قائد الكتيبة 13 التابعة للواء جولاني، تومر جرينبيرج، في منتصف ديسمبر/كانون الأول. وكانت وحدته قد تكبدت بالفعل خسائر كبيرة في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وقال مراسل صحيفة "جيروزاليم بوست" سيث جيه فرانتزمان: إن "أي عودة إلى هذا الحي لها أهمية كبيرة"، مضيفًا: "الصورة العامة في شمال غزة هو أن حماس تواصل العمل ولديها قوات. لديها أسلحة، ولديها أيضًا مناطق يبدو أنها احتفظت بها لنفسها. ويشمل ذلك بعض مناطق مدينة غزة، بما في ذلك الأحياء القديمة".

وأشار إلى أن جيش الاحتلال دمر أكثر من 100 بناية في حي الشجاعية، وبالأخص شرقي الحي.

وتحت سؤال: "تكرار الفشل أم تكتيك جديد ناجح؟"، قال: "السؤال العام الذي تثيره تجربة الشجاعية هو ما إذا كانت هذه ستصبح جباليا أخرى أم أنه سيتم إنجاز المزيد. ومع تداول الحديث عن قيام الجيش الإسرائيلي بتخفيض كثافة العمليات بشكل أكبر في غزة وإنهاء عملية رفح، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الغارات الكبيرة ستستمر".

وأضاف سيث جيه فرانتزمان: "لا يزال من غير الواضح أيضًا ما قد يحدث في وسط غزة، حيث تواصل حماس العمل بقوة. وتشير التقارير التي تفيد بأن حماس تمكنت من إخراج قواتها من رفح وتفخيخ المنازل ومن ثم الانتظار إلى أنها تلعب نوعًا من ’لعبة الكأس’ في غزة، حيث تتحرك من مكان إلى آخر متقدمة بخطوة على الجيش الإسرائيلي".

وختم بالقول: "تستمر حماس في تبني العديد من الهجمات، وهذا يثبت أنها لا تزال تمتلك قوة بشرية. وربما تكون قد تكبدت خسائر، ولكنها على الأرجح نجحت في تجنيد المزيد منهم. وهذا سوف يظل يشكل تحديًا"، وفق تعبيره.

الشجاعية تقاوم

ومنذ لحظة الاقتحام الأولى، فإن المقاومة الفلسطينية تواجه جيش الاحتلال في حي الشجاعية، ورغم إعلان الاحتلال سابقًا عن اغتيال قائد كتيبة الشجاعية في كتائب القسام وسام فرحات، إلّا أن القسّام تمكن من إصدار عدة بلاغات منذ ظهر اليوم.

وقالت كتائب القسام إنها استهدفت "دبابة صهيونية من نوع "ميركافا 4" بعبوة "شواظ" في حي الشجاعية شرق مدينة غزة". وأضافت في بلاغ آخر: "تمكن مجاهدو القسام من استهداف ناقلة جند صهيونية من نوع "نمر" بقذيفة "الياسين 105" ما أدى إلى تفحمها وقتل من فيها في حي الشجاعية شرق مدينة غزة". وأضافت في بلاغ آخر أنها استهدفت ناقلة جند بقذيفة "الياسين 105" في حي الشجاعية.

بدورها، قالت سرايا القدس: "دمرنا آليتين عسكريتين صهيونيتين وقعتا في حقل من العبوات الأرضية البرميلية في أرض قنديل بحي الشجاعية شرق مدينة غزة".

وأضافت: "أكد مجاهدونا تفجيرهم عبوة أرضية من نوع "زلزال" بآلية عسكرية صهيونية متوغلة في شارع بغداد بحي الشجاعية شرق مدينة غزة". وفي مساء اليوم نفسه، نشرت مقطع فيديو لعملية استهداف الجرافة الإسرائيلية.

من جانبها، قالت كتائب المجاهدين: "يخوض مجاهدونا اشتباكات ضارية مع قوات العدو الصهيوني بالأسلحة المناسبة والمتنوعة في محور التقدم شرق مدينة غزة".

كمين الشجاعية

أحد أبرز كمائن حرب غزة، كان كمين الشجاعية، الذي وقع ليل 12 كانون الأول/ديسمبر، وحينها أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية، على أن كمين حي الشجاعية في مدينة غزة، والذي أسفر عن مقتل 9 من جنود جيش الاحتلال، بأنه من "الأصعب" في العدوان البري على قطاع غزة.

وجاء الكمين، بعد حديث وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، عن نية جيش الاحتلال "إغلاق الدائرة" مع الشجاعية، في إشارة للمعارك التي دارت بالحي عام 2014، وأدت إلى مقتل 7 سبعة جنود، وأسر الجندي شاؤول آرون، وهي العملية التي يتهم وسام فرحات بالوقوف خلفها.

وحينها، وصف موقع "واللا" ما حدث بالشجاعية في مدينة غزة بـ"المعركة الصعبة"، إذ وقعت قوة من جيش الاحتلال في "سلسلة الأفخاخ المتطورة التي كانت تنتظر" قوات الاحتلال.

وفي وقتها، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إنّ فعاليّة التفوّق الاستخباري التكنولوجي الإسرائيلي تتراجع على نحو يسفر عن مزيد من الخسائر في عناصر جيش الاحتلال المتوغلة في قطاع غزة.

فشل الشجاعية

أمّا أبرز فشل إسرائيلي في حرب غزة، كان قتل جيش الاحتلال ثلاثة أسرى في حي الشجاعية، وجاء ذلك في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي.

كما انتشر مقطع مصور لجنود جيش الاحتلال على مواقع التواصل، في 22 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، يُظهر جنود لواء غولاني من جيش الاحتلال، وهم يحتفلون بعد الخروج من قطاع غزة.