06-أكتوبر-2022
Getty

الترا فلسطين | فريق التحرير

نشرت مجلة "زمان يسرائيل" مقالًا مطوّلًا حمل عنوان: "فصل مجهول في تاريخ العلاقات الإسرائيلية الإيرانية: التعاون مع نظام الخميني"، كتبه يعقوب هكت، وتحدّث فيه عن العلاقة بين "إسرائيل" وإيران خلال مرحلة الشاه، وما تبعها عقب ثورة الخميني، وعن الحرب العراقية الإيرانية، وحجم الأسلحة الذي حصلت عليه طهران من تل أبيب في تلك المرحلة. 

تشير التقديرات إلى أن "إسرائيل" باعت أسلحة لإيران في الأعوام 1980-1986 بمعدل يزيد عن 2.5 مليار دولار

ويعقوب هكت كاتب المقال، محاضر وخبير في العلاقات الدولية، زميل باحث في كرسي تشيكين للجيوستراتيجي في جامعة حيفا، ومتخصص في تاريخ النزاعات، وفي قضية انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي، وسبق وأن عمل صحفيًا ومحررًا اقتصاديًا.

يستهل الباحث مقاله بتصوير الأوضاع عشية التعاون بين "إسرائيل" وإيران بعد مرحلة الشاه (حكم إيران 1941 إلى 1979)، بالقول: "انطلق التعاون بين "إسرائيل" وإيران آية الله الخميني خلال الثمانينيات، وخاصة خلال السنوات الخمس الأولى من الحرب الإيرانية العراقية. وهذا على الرغم من أن إيران أطلقت على "إسرائيل" اسم "الشيطان الصغير" ودعت فعليًا إلى القضاء على ما أسمته "الكيان الصهيوني". وقد تم هذا التعاون على خلفية التغييرات الاستراتيجية الكاسحة التي حدثت في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي في النصف الثاني من السبعينيات، ففي إيران بلغت الثورة ذروتها عام 1979 وأطاحت بنظام الشاه حليف "إسرائيل" الأبرز في المنطقة، وأقيم نظام ديني يقوده الخميني. كما أنّ مصر أكبر دولة عربية خاضت حروبًا مع "إسرائيل" وقّعت في آذار/ مارس 1979 اتفاقية سلام كاملة مع "إسرائيل". وفي العراق، استمر صدام حسين الملقب بـ "الرجل القوي في بغداد" بتوطيد أركان نظام حكمه بعد أن أبعد عن مساره خصومه السياسيين في حزب البعث ومراكز القوة الأخرى. 


اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات إيران تتوسع والنظام متمسك بسردية التدخل الخارجي


وأضاف: في 22 أيلول/ سبتمبر عام 1980، غزا العراق إيران بهدف احتلال منطقة خوزستان الواقعة في الركن الجنوبي الغربي من إيران. وهي منطقة غنية بمخزون النفط، والحقول ويسكنها في الغالب العرب الذين تربطهم علاقات عشائرية بالسكان العرب في العراق. وبهذه الخطوة كان صدام حسين يأمل الاستفادة من الفوضى التي سادت إيران بعد الثورة، للسيطرة على معبر شط العرب المهم في الخليج العربي.

ويستعرض المقال موقف "إسرائيل" من الحرب العراقية الإيرانية بالقول: "في إسرائيل، نُقل عن رئيس الوزراء مناحيم بيغن قوله، بسخرية إلى حد ما، إنه يتمنى النجاح للطرفين في الحرب. لكن في الواقع، سعت إسرائيل لضمان أن تكون إيران أكثر نجاحًا في الحملة العسكرية حتى لو لم تكن صاحبة اليد العليا. وذلك لأنه في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وفقًا للتصوّر الاستراتيجي الذي تبلور في إسرائيل بعد توقيع اتفاقية السلام مع مصر، فإن العراق وما يعرف بـ "الجبهة الشرقية" قد يقيم تعاونًا عسكريًا مع سوريا، وتحت ظروف معينة أيضًا مع السعودية، الأمر الذي يشكل تهديدًا عسكريًا ملموسًا لأمن ووجود "إسرائيل".


اقرأ/ي أيضًا: حوار | جابر أحمد: الشعب العربي الأهوازي مع فلسطين


ومضى يعقوب هكت بالقول: "هذه المخاوف في إسرائيل دعمتها تقييمات وكالات المخابرات الأمريكية، التي ذكرت أن صدام حسين يسعى لتحقيق هيمنة إقليمية في الشرق الأوسط، وأنه في المرحلة الأولى لتحقيق هذا الطموح سيسعى إلى احتلال منطقة خوزستان، والكويت. وذلك من أجل نقل مصادر نفطية إضافية إلى سيطرته، والتي ستدر عائدات بمليارات الدولارات. وكان العراق وسوريا على رأس ما سمي بجبهة الرفض العربية، التي عارضت بشدة عملية السلام بين إسرائيل ومصر، والتي بدأت بزيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل في تشرين ثان/ نوفمبر 1977".

وعن بدايات ما وصفه الكاتب بـ المساعدات الإسرائيلية لإيران في حربها مع العراق: "في إسرائيل، طلبوا مساعدة إيران بالتزود بالأسلحة والذخيرة، لأن هذا البلد الشيعي كان يخضع لعقوبات أمريكية شديدة منذ شهر تشرين ثان/ نوفمبر 1979، بعد أن استولى ما يسمى بـ "الطلاب" الإيرانيين على مجمع السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 من الأمريكيين بينهم عسكريون ودبلوماسيون. وقد قطعت هذه العقوبات على الفور جميع المساعدات العسكرية الأمريكية للجيش الإيراني الذي كانت قواته الجوية ووحداته العسكرية الأخرى مجهزة بأحدث أنظمة الأسلحة الأمريكية وأكثرها تقدمًا. وفي خريف 1980، عُقدت اجتماعات بين مسؤولين حكوميين إسرائيليين وإيرانيين في باريس وجنيف، وتم الاتفاق على أن تُقدّم "إسرائيل" المساعدات العسكرية لإيران التي ستدفع في مقابلها الأسعار المقبولة في أسواق السلاح الدولية.


اقرأ/ي أيضًا: هل هناك استراتيجية إسرائيلية جديدة بشأن إيران؟


واستعرض الكاتب المساعدات الإسرائيلية لإيران، وقال إنها شملت طيفًا واسعًا من الترسانة العسكرية التي تمتلكها "إسرائيل" وتمثلت بآلاف الصواريخ المضادة للطائرات، والصواريخ المضادة للدبابات، والمحركات وقطع غيار الطائرات والدبابات المقاتلة ومدافع الهاون والقذائف وغيرها من الذخائر، وقد تم إرسالها مباشرة إلى إيران على متن رحلات جوية مباشرة غادرت "إسرائيل" أو دول أوروبية تحت أسماء أخرى للتمويه على شركات الطيران التي تشغّل طائرات الشحن، أو على متن سفن الشحن التي غادرت ميناء إيلات وأفرغت حمولتها العسكرية في ميناء بندر عباس الإيراني.

"إسرائيل" كانت تزوِّد إيران بالسلاح رغم العقوبات الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة 

ووفقًا للكاتب يعقوب هكت: اكتشفت المخابرات الأمريكية بسرعة أن "إسرائيل" كانت تزوِّد إيران بالسلاح رغم العقوبات الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة. وروى زبيغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، في مذكراته أنه علم بالمعلومات المتعلقة بالمساعدة العسكرية السخية التي قدمتها "إسرائيل" لإيران، في شهر تشرين أول/ أكتوبر 1980 وأدى ذلك إلى "الدهشة والغضب من إسرائيل في البيت الأبيض. وقد أدى هذا الاكتشاف إلى محادثة غاضبة بين الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في منتصف شهر تشرين ثان/ نوفمبر 1980". 

وأضاف: أكد بيغن لكارتر أن "إسرائيل" ستتوقف عن إمداد إيران بالأسلحة المتطورة، على حد تعبيره. لكن في الوقت الذي جرت فيه المحادثة، كان يُنظر للرئيس الأمريكي على أنه "بطة عرجاء" سياسيًا، بعد أن هزم قبل أسبوعين فقط في الانتخابات الرئاسية على يد المرشح الجمهوري رونالد ريغان. 

وأشار إلى أن كارتر كرس كل وقته حتى مغادرته البيت الأبيض في (20 كان ثان/ يناير 1981) للإفراج عن الرهائن الأمريكيين من طهران، إذ خيّمت قضية الرهائن الأمريكيين في طهران على العام الأخير من ولاية كارتر في البيت الأبيض ولعبت دورًا مركزيًا في هزيمته في الانتخابات الرئاسية لمنافسه ريغان. و"في الواقع، استمر توريد الأسلحة الإسرائيلية في الأعوام 1981-1986، وتم ذلك أيضًا من خلال قنوات غير مباشرة من خلال تجار ووسطاء إسرائيليين وأجانب. مع استمرار تزويد إيران بالسلاح الإسرائيلي، التقى وزير الدفاع الإيراني، الذي كان يخشى على كرسيه، أو ينبغي أن أقول رأسه، في ظل استمرار الإمداد بالسلاح الإسرائيلي، بالمرشد الأعلى الخميني وأبلغه بذلك".


اقرأ/ي أيضًا: كتاب "التحوط الاستراتيجي في السياسة الإيرانية".. طريق وسطى


ويزعم يعقوب هكت أن الخميني وافق على التزوّد بالسلاح عبر "إسرائيل"، حيث جاء في تقرير من وزير الدفاع الإيراني إلى الخميني أنه في ظل المأزق الإيراني الخطير في الحصول على الأسلحة بسبب الحرب المستمرة والعقوبات الأمريكية الصارمة، تشتري إيران أسلحة وذخائر عبر وسطاء من دول مختلفة، بما في ذلك "إسرائيل". ووافق الخميني على استمرار شراء الأسلحة والذخائر من "إسرائيل"، طالما تم ذلك من خلال قنوات غير مباشرة، من خلال تجار السلاح والوسطاء من مختلف الأنواع وليس مباشرة من "إسرائيل".

وطبقًا للكاتب: فإنه وللمرة الأولى كشف وزير الجيش الإسرائيلي خلال زيارة رسمية لواشنطن في أيار/ مايو 1982 أنّ "إسرائيل" تزود إيران بمنظومات أسلحة وذخيرة. وقد كشف السفير موشيه آرنتس في تشرين أول/ أكتوبر 1982 أن مبيعات أنظمة الأسلحة وقطع الغيار، الغالبية العظمى منها أمريكية الصنع، وقد تم ذلك بمعرفة وتنسيق المستويات العليا في إدارة الرئيس ريغان.


اقرأ/ي أيضًا: علي شريعتي.. المفكر ذو الأبعاد المتعددة


وعن نطاق صفقات السلاح بين "إسرائيل" وإيران الخميني كتب هكت في مقاله: "تشير التقديرات إلى أن "إسرائيل" باعت أسلحة لإيران في الأعوام 1980-1986 (بما في ذلك صفقات الأسلحة التي أبرمت في 1985-1986 بمعدل يزيد عن 2.5 مليار دولار)، وفي تقديرات اليوم، هذا مبلغ يساوي أكثر من 6 مليارات دولار".

وعن تأثير السلاح الذي زوّدت به "إسرائيل" إيران الخميني على مسار الحرب يرى يعقوب هكت، أن "توريد الأسلحة والذخيرة من قبل إسرائيل لعب دورًا مهمًا في نجاح إيران في 1981-1982 في وقف الغزو العراقي لأراضيها، واستقرار الخطوط الأمامية وحتى اختراق عدة مناطق في جنوب العراق وتبدد أمل صدام حسين في غزو منطقة خوزستان في لمح البصر، وتحولت الحرب العراقية الإيرانية لحرب دموية، حصدت دماء أكثر من مليون ضحية، واستمرت 8 سنوات حتى إعلان وقف إطلاق النار بين الطرفين في آب/ أغسطس 1988". 

دلالات: