30-ديسمبر-2017

هكذا ودون موت أيّ أحد أو خسارة أي أرض، دون أخبار عاجلة أو هاشتاجات طارئة، يُبقي الجزائريون على باب الحب بينهم وبين فلسطين مفتوحًا دائمًا. وعلى غير عادة الآخرين معنا، وعلى غير عادتنا نحن مع أنفسنا، لا يحتاج الجزائريون لحلول أيٍ من مناسباتنا الحزينة ليُطلّوا بقلوبهم علينا.

  كيف نجا هذا الحب من عالم مثقل بالحروب، متضارب المصالح، مليء بالموت؟ كيف يمكن لقضية أن تظلّ مهمة ومئات القضايا تُخلق كل يوم؟  

يقولون إنّ هذا الحُبّ مردّه الألم المشترك بين الشعبين، فالجزائريون يعرفون تمامًا ما هو الاحتلال، وكيف يكون وجعه. ويقولون أيضًا إن تاريخ الوفاق السياسي بين البلدين وما قدّمته الجزائر من دعم لمنظمة التحرير، هو السبب. ويبدو أنّ معظم الروايات ترجّح أن تكون القرارات السياسية الداعمة للقضية الفلسطينية قد ألقت بظلالها على الحياة الاجتماعية في الجزائر، فتربى الجزائريون على المشاركة الماديّة والمعنوية مع الفلسطينيين، فأحبّوا فلسطين والتزموا بهذا الحُب.

اقرأ/ي أيضًا: لاعب جزائري يتضامن مع القدس بطريقته

في حديث عقلانيّ يمكننا سرد الكثير من الأسباب الداعية لنشوء هذا الحب، موثّقة بالتواريخ وأحيانًا بالصور والإحصاءات، قد تساعدنا الكتب ومواقع الانترنت في ذلك. ولكنّ التساؤل العاطفيّ عن أسباب الالتزام بالحب لا يمكن رصده بالأرقام أو البيانات.

كيف نجا هذا الحب من عالم مثقل بالحروب، متضارب المصالح، مليء بالموت؟ كيف يمكن لموت إنسان أن يظلّ حدثًا مؤلمًا عندما يموت المئات كل يوم؟ كيف يمكن لقضية أن تظلّ مهمة ومئات القضايا تُخلق كل يوم؟ أيّها الجزائريون كيف يظل حب فلسطين محافظًا على مكانه العالي في نفوسكم بعد كل هذا الوقت؟

  أيّها الجزائريون كيف يظل حب فلسطين محافظًا على مكانه العالي في نفوسكم بعد كل هذا الوقت؟  

سيكون مذهلًا لو تمكنّا من حشد بعضٍ من هذا الحب الجزائري وتوجيهه نحو القضايا الإنسانيّة حول العالم، لو تعلّمنا كيف نخلق مثل هذا الحب.. هذا ليس غزلًا بعواطف الجزائريين ومشاعرهم فقط، بل هو أشبه بحلٍّ سياسيّ للكثير من الحروب والمجاعات والويلات حول العالم.

لو أنّ هناك طريقة ما، وصفة بالأعشاب الطبيعة، أو تعويذة من الجدّات لمحاربة اعتياد الموت والتراخي أمام نشرة الأخبار والبرود أمام الظلم.

اقرأ/ي أيضًا: حضور قويّ للقدس في ميادين الرياضة

الوحدة لا تفتك بالفرد فقط بل يمكنها أن تفتك بشعب بأكمله. شيئان يبددان وحدة الفلسطيني، الأول: عندما يرى العلم الفلسطيني في فعاليات إنسانية لا صلة لها بفلسطين، والثاني عندما يرى أناسًا من أجناس وأديان مختلفة في فعاليات لدعم فلسطين.

   "كان العالم كثيرًا وكنت أنا وحدي"    

وعن الوحدة، كثيرًا ما أتذكّر ما كتبته بثينة العيسى "كان العالم كثيرًا وكنت أنا وحدي"، ولهذه الجملة قدرة عجيبة على أخذك نحو الحزن خاصة إذا خطرت لك وأنت في متجر أمريكي تبحث عن خارطة للعالم دون أن تحتوي على كلمة "إسرائيل"، ستنظر إلى الخارطة وسيبدو لك العالم كثيرًا وسنبدو لك وحدنا تمامًا، لا أحد يستطيع رؤيتنا ولا مساعدتنا، نحن مدفونون بالكذب الإسرائيلي. ولكنّك ستنجو من هذا الحزن عندما تتذكر أنّ لك أصدقاء يؤمنون بك بشكل غير مشروط، ويؤكدون لك أنّك لست وحيدًا ولست مجنونًا لتحارب من أجل ذات الشيء منذ سنوات. ستتذكرهم وتبتسم وكأنّك انتصرت، في الحقيقة نحن ننتصر على الاحتلال في كل مرّة ينضم إلينا أصدقاء يشاركونا معركتنا ضدّه بكثير من الحب الذي يستمر طويلًا دون تعب، دون ملل ودون أي مقابل.


اقرأ/ي أيضًا:

كنت فدائيًا في فلسطين

 لو كنتُ فلسطينيًا لرفعتُ العلم الجزائري

جزائريون للسفير السعودي: لا تختبر عشقنا لفلسطين