21-مارس-2017

photo by: abbas momani

أصدقائي؛ لو تجرّدنا من أحكامنا المسبقة التي نطلقها على بعض الشخصيات، فربما نخرج بنتيجةٍ سعيدة، وأخبار سارة.

في البداية، ضع المبادئ والأخلاق، وكلّ القيم التي تعلمتها وستتعلمها يومًا ما، على جانب، وانظر إلى الرؤساء عباس والسيسي وترامب من منظور ثالث. ستجد أنهم شخصيات جديرة بالاحترام، فلولاهم لأفلست العديد من المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام، واندثرت العديد من مدراس التفكّر الحديثة، باعتبارهم روّاد محور الفنتازيا والخيال.

   سيّدي الرئيس: هذه مقابلة من طرف واحد، مثلما أنت تحكم من طرف واحد  

ومن منطلق أنّي اتخذ السيّد الرئيس محمود عباس قدوة، فقررت اتباع خطاه إلى أرض الفنتازيا، وإجراء مقابلة صحافية لن تكون معه، حتى يتحدث معي بصراحة على تجربته النضالية الطويلة، وخططه المستقبلية لإنهاء الاحتلال، وتحقيق حلم الدولة المستقلة المعترف بها دوليًا، يكون هو رئيسها الأول المنتخب.

سيّدي الرئيس: هذه مقابلة من طرف واحد، مثلما أنت تحكم من طرف واحد، نحن سنتحدث وأنت ستستمع. لمرة واحدة لسنا مضطرين لسماعك ساعات طويلة، نكتب من بعدك لننتج مواد صحافية لن تجلب لوسائل الإعلام التي نعمل بها سوى الشتائم والسباب من جمهور أغلبه لم ينتخبك، ولم ينتخب فصائل أخرى تعاديها، معركتكم لا ناقة ولا جمل لنا فيها.

سيدي الرئيس، عمري (26 عامًا)، ومثل سني يشكّل 30% من فلسطين، أتدري أن كل هؤلاء لم ينتخبوك، معظمهم لم يعرفوك، بل إنّ من هُم أصغر من ذلك قد لا يكبرون بصحة جيدة بسببك، ومن هم أكبر؛ قلقون بقدر قلقك الدائم من الاستيطان ومصادرة الأراضي.

أنا لا أنسى تصريحك الخالد الذي يعبّر عن قلقك الدائم على فلسطين، حين أحرقت علبة سجائر كاملة خلال نصف ساعة، أثناء انتظارك لقرار الأمم المتحدة حول قبول عضوية فلسطين بصفة مراقب، أتدري أن ثمن هذه العلبة يوميًا يمكنه إعالة أسرتين في غزة.

أتذكّر عام 2014، ذلك العام الذي شنّ الاحتلال فيه حربًا مدمرة على غزة، وفي يومها الـ51 خرجت بمؤتمرٍ مقتضب يعلن نهاية الحرب، أمّا في 2016 خرجت بكلمة ماراثونية جئت فيها على الحضور النائم، وعريقات الحردان، والمشتركين في عرب آيدول، وكل شيء عدا الفائدة والكلام الرزين الذي يليق برئيس لشعب كان يعرف عنه النضال والثورة والمقاومة.

سيّدي الرئيس، أتعلم أن محكمة الصلح كانت ستنظر في تهم موجهه للشهيد باسل الأعرج بحيازة سلاح، إلى جانب خمسة من رفاقه يقبعون في سجون الاحتلال، بعد ذلك تراجعت على ما يبدو لأن باسل حسب أوراق رسمية "غير حيّ"، بمعنى أنه لم يستطع الحضور للمحكمة!

أعلم يقينًا خلال اللقاء المرتقب لك مع الرئيس ترامب مطلع نيسان أبريل المقبل، أنك ستكون حازمًا متمسكًا بكل الثوابت الوطنية، والعقلية النضالية التي تربّت عليها كل الفصائل التي تقدم المصلحة العامة على مصلحة الحزب، وأعلم أنك ستهدد بوفق التنسيق الأمني وإلغاء كل الاتفاقات ومعاهدات السلام، حتى أنك ستهدد بحل السلطة والاستغناء عن كل المناصب مقابل إثبات أن إسرائيل ليست داعية سلام ولا تسعى للسلام.

وكما أعلم أنّك ستتجنب المباحثات العقيمة حول استئناف المفاوضات الثنائية التي تأتي برعاية أميركية، بل أخيرًا ستفجّر قنبلة من شأنها زحزحة الحالة السياسة الفلسطينية على الصعيد الدولي، وستجبر أميركا على لعب دور أقل انحيازًا لإسرائيل، كما أنّك ستتخذ موقفًا حاسمًا لا رجعة عنه في شأن نقل السفارة إلى القدس.

أعتذر على الإطالة، فقط لدي أسئلة بسيطة لن تجيب عليها أيضًا، أنا أعرف أنّك شخص مشغول ومسؤول، فأنت الرئيس، ورئيس اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس السلطة الوطنية، ومجرّد جلوسك لقضاء حاجة متعسرة، فذلك يكون اجتماعًا مصغرًا "كابينيت" على مستوى القيادة الفلسطينية جمعاء.

أختم معك سيادة الرئيس، بسؤال طالما تمنيت توجيهه لك، وهو: حال تم التوافق تجاه كل القضايا الفلسطينية العالقة، وتم تحقيق المصالحة الوطنية، وتم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وفرضنا أنك لن تترشح للرئاسة، متى ستنتخب ومن ستُرشِّح؟

أتعرف ماذا؟ لا تُجب. أيًا كان من سيخلفك لا يهم، من بعدك علميًا ومنطقيًا لا يأتي شخص أسوأ.

 


اقرأ/ي أيضًا: 

المقهى.. من الشّعبي إلى الطبقي

أرجوكم.. لا تُغنّوا "أجمل الأمهات"

بدّك تصير عسكري؟