19-يناير-2017

"تبدو الوحدة وكأنها شركة هايتك، ولكنها واحدة من أكثر الأقسام سريةً في منظومة الأمن". هكذا علّقت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية على صورةٍ لوحدة الحرب الإلكترونية التابعة لجهاز المخابرات العام "الشاباك"، تطرقت فيه إلى ما وصفته بـ"أكبر هجومٍ إلكترونيٍ عملاق على دولة إسرائيل". لكن لماذا اختار "الشاباك" الكشف عن تفاصيل الهجوم الآن؟ وما هي أهداف الهجوم العملاق الذكي الذي تم إحباطه؟

وتحدث الصحفي ايتمار ايخير في تقريره عن ما وصفه بـ"جوجل الشاباك"، قائلاً، إنه كان من المفترض أن يكون الهجوم الإلكتروني المذكور هو الأكثر ذكاءً ضد إسرائيل، إذ "تموضع في المفاصل الحساسة لمنظومة الاتصالات الإسرائيلية، وسعى للاختراق عبر خلايا نائمةٍ من أجل السيطرة على البث التلفزيوني والإذاعي في إسرائيل لإثارة فوضى وحالة هلعٍ في صفوف الجمهور".

هذه المحاولة جرت قبل عامين، وقد فشلت، رغم التخطيط بشكلٍ جيدٍ للهجوم، بسبب وجود وحدة الحرب الإلكترونية "السايبر" لدى "الشاباك"، حسب التقرير.

سقوط "الشاباك" أمام "حسناوات حماس" دفعه للكشف عن ما يصفه بالإنجاز الاستخباري الضخم بعد أن تكتم عليه لعامين

التساؤل الذي يطرح نفسه، لماذا اختار "الشاباك" هذا التوقيت بالذات للكشف عن إنجازٍ استخباريٍ ضخمٍ تكتم عليه لعامين؟ الإجابة هنا متعلقة بفضيحة "حسناوات حماس"، فكلا الملفين يندرجان تحت خانة "حرب الظلال" التي تحتفط فيها الأطراف المتصارعة بإنجازاتها وإخفاقاتها طي الكتمان.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا اعترفت إسرائيل بـ"حسناوات حماس"؟

عندما اكتشف الجيش و"الشاباك" اختراق كتائب القسام لهواتف جنود الاحتلال وتحويلها لجواسيس محمولة، اضطرا للإعلان عن السقوط الكبير، بعد أن فشلا في السيطرة على القناة الاستخبارية سواءً بتغذيتها بمعلوماتٍ كاذبةٍ أو قطعها، فجاء الاعتراف باعتبار أن الكي آخر الدواء.

و"الشاباك" خير من يدرك أن هذا الإخفاق الكبير شكل نصرًا معنويًا لحماس، وضربة تصدعت بسببها صورته في عيون الإسرائيليين الذين يقدم نفسه أمامهم تحت شعار المدافع غير المرئي، فكان لزامًا عليه ترميم تلك الصورة. فجاء الكشف عن إحباط "الهجوم العملاق"، وهو الإنجاز الذي ادخره "الشاباك" في جعبته منذ عامين ليستغله الآن في هذه الغاية.

حتى بعد أيامٍ من الكشف عن نجاح استخبارات حماس في الحصول على معلوماتٍ سريةٍ وتفاصيل منشآتٍ عسكريةٍ محاذيةٍ لقطاع غزة، من خلال الحسناوات الوهميات على مواقع التواصل الاجتماعي، نشر مكتب المتحدث باسم جيش الاحتلال على صحفةٍ كاملةٍ من صحيفة "معاريف" العبرية واسعة الانتشار قائمةً بصور حسناوات طالب الإسرائيليين بإبلاغ الجيش بأي معلومةٍ تتوفر لديهم حولهن. وهذا يؤكد أن قطع دابر الحسناوات عمليةٌ لم تنجز حتى الآن.

وامتنع جهاز "الشاباك" عن البوح لصحيفة "يديعوت" بهوية الجهة التي نفذت الهجوم الإلكتروني، حتى لا يمنح تلك الجهة إنجازًا، وهنا لا بد الانتباه إلى أنه تخلى عن هذا الإجراء فيما يتعلق بالحسناوات، لضمان استجابةٍ فوريةٍ من جانب الجنود "الضحايا".

ويشير التقرير إلى أن وحدة الحرب الإلكترونية في "الشاباك" تعقبت القراصنة الذين نفذوا تلك الخطة، ودرست آلية عملهم، وحددت ساعات عملهم، وقامت بعد ذلك بتصفية التهديد دون التوضيح كيف تم ذلك. ثم سرب "الشاباك" أسماء أولئك القراصنة في العالم الافتراضي، وبعض التفاصيل الشخصية عنهم، إذ "يعتبر فضح اسم القرصان عارًا عليه"، حسب قول الضابط الذي تحدث مع الصحيفة.

ووفقًا للتقرير، "فإن الترف الذي يعيشه عناصر الوحدة في مقر عملهم، يذكر بظروف العمل في جوجل وفسبوك"، مضيفة، "الشاباك يعمل بجدٍ من أجل شغل كل الوظائف بشبانٍ موهوبين ومؤهلين وتوفير فرصٍ لهم في بيئة عملٍ متقدمةٍ، وراتب أقل بقليلٍ من رواتب نظرائهم في القطاع المدني".

وأشارت "يديعوت أحرنوت" إلى أن نسبة منتسبي الجهاز الذين كانوا ينتمون لوحدات الحرب والتجسس الإلكتروني قبل 14 عامًا كانت 4% فقط، أما الآن فقد تجاوزت نسبتهم 25%، في حين انخفض معدل عمر العاملين في الجهاز إلى 34 عامًا.

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف بررت إسرائيل هروب جنودها في جبل المكبر؟

فادي قنبر سبق "الشاباك" بخطوة

"انتفاضة الحرائق": التحقيقات تؤكد فشل "الشاباك"