03-يونيو-2017

قد يغفر الكثير من العرب والمسلمين لـ "ألين دي جينيريس" مثليّتها الجنسيّة رغم كل الغضب الذي يتعاملون به مع هذا الموضوع بشكل عام، ولكنّهم لن يغفروا لها بثّ إعلان تجاريّ لشركة "صبرا" الإسرائيلية خلال برنامجها الأوسع انتشارًا في الولايات المتحدة والعالم  (The Ellen Show) والذي وصفت فيه إلين "حمص صبرا بأنّه الحمص المُفضّل في أمريكا".

مقدّمة برنامج تلفزيونيّ شهير في الولايات المتحدّة تروّج لمنتجات إسرائيليّة عبر برنامجها، وتواجه استنكارًا حادًّا..

انهالت التعليقات الغاضبة على مُقدّمة البرامج والممثلة ذات الظل الخفيف والتي تعتبر من أشهر الكوميديين وأكثرهم حظًّا عندما يتعلق الأمر بقلوب الأمريكيين.

التعليقات المصدومة كانت من الأمريكيين أنفسهم، والكثير من العرب والمسلمين الذين يتابعون برنامجها بشغف، والذين هالهم أن تفعلها "دي جينيريس" المعروفة بمواقفها الإنسانية ودعمها السخيّ عندما يتعلق الأمر بالحقوق والحريّات، فكان تقديمها إعلانًا تجاريًا لشركة إسرائيلية ضربةً موجعة للكثير من معجبيها.

عبر تويتر كتب "بارش بيرسون" لـ ألين تعليقًا على الإعلان: "صبرا تدعم جرائم الحرب، لا تُعلني لهم". أمّا "سارة شفقات" فكتبت: "شكرًا لأنك تدعمين التطهير العرقي (الابارتيد)"، بينما استاء "اندي كيت" من ظهور مثل هذا الإعلان، وعلّق" شركة صبرا تدعم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين!". بينما وجّه "كيل" سؤالًا لـ إلين: "هل تعلمين أن شركة صبرا بنت مصانع لها على أراضٍ فلسطينية مسروقة؟" وكان التعليق الأطرف لـ "سوزان جاردينير": "إن الشاب في الإعلان يكذب بأنّه لم يأكل الحمص رغم وجود الأدلة على وجهه تمامًا، مثلما تكذب إسرائيل حول احتلالها لفلسطين، أليس كذلك؟".   

اقرأ/ي أيضًا: الفلسطينيون في تشيلي.. البداية من اللا شيء!

تزداد الأمور حساسية بالنسبة لمناهضي الاحتلال الإسرائيلي في الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بشركة "صبرا" بالتحديد، فالعلب الدائرية ذات الإطار الأحمر للحمص بنكهاته المختلفة؛ تصيبهم بحالة من الغضب حالما يرونها في المحلات التجارية.

فهذه العلب المنتشرة بكثرة في أمريكا وكندا تحتوي الحمص بأكثر من عشر نكهات مختلفة، مرةً مع الزيتون وأخرى مع الصنوبر أو الفلفل الحار، لا تزعجهم فقط لأنها مملوكة  لشركة "شتراوس" الإسرائيلية، بل ويستفزهم أكثر محاولات الشركة ربط الحمص (الطبق الفلسطيني العربي)، بإسرائيل.

الحمص والفلافل التي اختارت إسرائيل أن تُعرّف على نفسها كثيرًا بهما كأكلات من "المطبخ الإسرائيلي" جعلاها في مأزق مع الكثير من الدول العربية، فسرقتها هذه المرة لم تكن من الفلسطينيين فحسب بل لقد مدت إسرائيل يدها إلى جيوب أو بالأحرى مطابخ  الكثير من الدول العربية التي تتشارك تاريخيًا هذه الأطباق.

أدرك الإسرائيليون أنّ كذبتهم مكشوفة، ولكنّهم لم يتنازلوا عنها، بل وكالعادة وجدوا طريقة لتجميلها!

أدرك الإسرائيليون أنّ كذبتهم مكشوفة، ولكنّهم لم يتنازلوا عنها، بل وكالعادة وجدوا طريقة لتجميلها، فالتعريف عن أنفسهم كدولة في الشرق الأوسط تتشارك التاريخ وأطباق الطعام مع دول الجوار كان مخرجًا مناسبًا لتبرير كيف يمكن للفلافل أن يكون طبقًا إسرائيليًا وأردنيًا وسوريًا في ذات الوقت.

ولكن الكذبة تهتز سريعًا عندما يخبرك الإسرائيليون أنفسهم أنّ مطبخهم خليط متنوع من دول العالم لأنّ سكان الدولة "الحديثة النشوء" هم مزيج من دول وثقافات مختلفة حول العالم. وبهذا يكونوا قد أخبروك فعليًا أنهم ليسوا جزءًا أصيلًا من المنطقة، ليتشاركوا التاريخ وأطباق الطعام كما ذكروا سابقاً! لك أن تتشوش بالقدر الذي تريده ولكنهم وبكل وقاحة لن يترددوا بتجاهل ذلك، ودعوتك إلى زيارة إسرائيل وتذوّق الطبق الإسرائيلي الأكثر شعبية: الفلافل!

في فيلم (the other women)  وفي مشهد عائليّ دافئ وبينما تحاول نتالي بورتمان تجاوز حزنها على موت طفلتها الرضيعة، والتقرّب أكثر من ابن زوجها ومشاركته اللعب والحديث خلال حفلة عيد ميلاد أحد أصدقائه، تدعو بورتمان الأطفال لتناول الحمص فيسألها أحدهم إذا كان الحمص طبقًا إسرائيليًا فتجيب بالإيجاب، وتضيف هو طبق شرق أوسطي أيضًا. كمشاهد تتساءل عن ضرورة إقحام هذا الحوار خلال مشهد عاطفي كهذا.

ومع إلقاء نظرة على المواقف السياسية للممثلة الإسرائيلية- الأمريكية تكتشف أنّ هذا الإقحام يعني الكثير، وأنّه لا مكان للصدف والبراءة في السينما أو المطبخ عندما تكون دولة الاحتلال طرفًا فيهما، فالممثلة ذاتها كتبت في شباط/فبراير 2014 مقالًا عن حُبّها لإسرائيل، وقالت عنها: "هي المكان الذي تُدعى فيه الهجرة إليه "قدومًا" وهجرة المهاجرين منه تدعى "هبوطًا"، وهو المكان الذي لم يولد أجدادي فيه، ولكنّهم نجوا فيه".


اقرأ/ي أيضًا:

فيديو | الاحتلال يعاقب طلبة الجامعات بالإبعاد

إسرائيل عندما تعوِّل على الواقي الذكري

إبراهيم جوهر.. صورة مقرّبة للجبل