وقعت حادثة انتحار منتصف شهر أيار/مايو الجاري في بؤرة "حفات غلعاد" الاستيطانية، وهي إحدى معاقل تنظيم "جباية الثمن" الارهابي، فأثارت أصداء واسعة في صفوف المستوطنين، بعد أن تبين أن المنتحر عمل مُخبرًا جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، مما أعاد إلى أذهان التنظيمات الإرهابية شواهد كثيرة حول نجاح "الشاباك" باختراق صفوفهم. لكن ما هو هدف هذا الاختراق؟ وكيف ينجح "الشاباك" بتجنيد عناصر من التنظيمات اليهودية للعمل لصالحه؟
نشرت أُسرة المُخبر الذي انتحر شنقًا تسجيلاً أخذته من هاتفه يوثق مكالمة أجراها مع ضابط "الشاباك" الذي يُشغّلُهُ قبل انتحاره بلحظات، أخبره فيها بنيته الانتحار، ولكن الضابط اكتفى بالقول "دعك من هذا الأمر"، دون أن يتخد أي خطوة تحول دون انتحاره. أظهرت المحادثة أيضًا أن المُخبر لم يعد قادرًا على العمل، وبعد نشرها عبر مواقع التواصل، تزايدت الانتقادات، ثم أثناء الجنازة، تعرض منزل المخبر للاقتحام وتمت سرقة جزء من أغراضه الخاصة، فاتهم المستوطنون، "الشاباك" بفعل ذلك.
"الشاباك" استخدم الابتزاز الجنسي للتجسس على إرهابيين يهود، لكنه لم يعتقلهم إلا عندما استهدفوا إسرائيليين
التجارب الموثقة تُظهر أن "الشاباك" يخترق التنظيمات اليهودية التي تُصنفها حكومة الاحتلال بأنها إرهابية؛ إما بتحويل بعض قادتها أو عناصرها لمخبرين، أو بزرع أحد عملائه في تلك التظيمات، وفي كلا الحالتين ليس ثمة خطوط حمراء لإنجاز عملية الاختراق.
رئيس "الشاباك" الأسبق آفي ديختير، في تعليق لـ القناة الثانية على قضية ابتزاز جنسي، نفذها الجهاز استهدفت تجنيد أحد قادة المستوطنين في "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل، قال: "المخربون، والجواسيس، والمجرمون، يتم إلقاء القبض عليهم في نهاية الأمر بنفس الأدوات وبذات الأساليب، فليس ثمة حدود ولا قيود في جمع المعلومات الاستخبارية بخصوص المخربيين اليهود أو العرب".
كارمي غليون، وهو أيضًا رئيس سابق للشاباك، استذكر القصة التي علّق عليها ديختر قائلاً: "تم إغراء أحد قادة المستوطنين في الضفة الغربية بخيانة زوجته مع عاهرة، وبعد تصويره، خُيّر ما بين نشر شريط الفيديو وبين التعاون مع الشاباك".
وفي حالة أخرى، نجح "الشاباك" بزرع جاسوس له في منزل إدي دربن، الذي قُتل ابنه خلال عملية فدائية، وهو احد الآباء الروحيين للتنظيمات اليهودية الإرهابية - وفق التصنيف الحكومي الإسرائيلي - ويقدم المأوى لعناصر تنظيم "جباية الثمن" الإرهابي في مزرعته بمستوطنة "كريات أربع".
تم اختراق منزل دربن عبر شخص "منحرف جنسيًا"، اعتدى جنسيًا على أطفال، هو يهودا كوهين، الذي تقرب من الأسرة وتزوج بنت دربن لعشر سنوات، فأصبح في بؤرة اتخاذ القرار في قيادة المستوطنين في مستوطنة "كريات اربع".
كان كوهين يعمل مع "الشاباك" مقابل المال، وعندما قرر التوقف عن التجسس، كشف "الشاباك" عن جرائم جنسية تورط فيها كوهين، فهرب إلى الأرجنتنن التي يحمل جنسيتها، بينما طالبت زوجته القضاء الإسرائيلي بتعويضها ماليًا بحجة أن "الشاباك" استخدمها كغطاءٍ لعملية تجسّس.
وتملك الوحدة اليهودية في "الشاباك" مُخبرين داخل "التنظيمات اليهودية الإرهابية"، ولكنها لا تعتقل الإرهابيين إلا إذا شرعوا باستهداف رجال الشرطة الإسرائيليين. مثلاً لم يتم إحباط أي هجوم لتنظيم "جباية الثمن" أثناء التنفيذ، سوى هجوم استهدف حرق سيارة ضابط بالشرطة، كما أكد تحقيق بثته القناة العاشرة الإسرائيلية. وفي حالة أخرى، اعتقل "الشاباك" الإرهابي جاك تاتيل بعد 13 سنة من قتله فلسطينيين، لكن الاعتقال جاء بعد محاولته اغتيال شخصية إسرائيلية يسارية.
اقرأ/ي أيضًا:
كيف تُدير إسرائيل حرب الأخبار المفبركة؟