كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أمس الجمعة، أن بلدية الاحتلال في مدينة القدس سرعت من معدل هدم منازل الفلسطينيين منذ بداية الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أنه في عام 2023 تم تدمير 140 منزلاً في أحياء مدينة القدس، وبذلك تكون نسبة الارتفاع حوالي 60% أكثر من العام الماضي.
الهدم الثاني في صورباهر خلال 24 ساعة..
هدمت جرافات الاحتلال صباح اليوم منزل المقدسي موسى الخطيب (69عاما) في حي دير العامود بقرية صورباهر جنوبي القدس المحتلة.وقال مراسل "القدس البوصلة" إن المنزل قائم منذ أكثر من 23 عاما، ويؤوي 8 أفراد أصغرهم عمره عام، كما تكبدت العائلة مخالفات… pic.twitter.com/0nSqoSMQoy
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) January 10, 2024
وتابعت الصحيفة تقريرها بأن بلدية الاحتلال هددت 84 مبنى آخر، مثل المحلات التجارية والمستودعات، بالهدم.
وقالت سكرتيريا هيئة العمل الوطني والأهلي بالقدس ريتا النتشة لـ "الترا فلسطين"، إنه منذ السابع من أكتوبر كان هناك العديد من الإجراءات العقابية بحق المقدسيين والتضييق عليهم، من بينها خروج مفتشي بلدية الاحتلال يرافقهم عناصر من الشاباك والشرطة، لأخذ مساحات عدد كبير من البيوت الفلسطينية في القدس، سواء المصنفة بأنها مبنية بدون ترخيص، أو حتى منازل البلدية القديمة التي لا تنطبق عليها معايير الهدم والتراخيص.
وأفادت النتشة، أن هذه البيوت، في غالبيتها، لناشطين سياسيين أو شخصيات معروفة، ويتم استخدام قرارات الهدم للتضييق عليهم، وامتد الأمر بعد ذلك إلى حملات أكبر لهدم المنازل في منطقة صور باهر وجبل المكبر وبيت حنينا وعدد كبير من أحياء مدينة القدس، وصار هناك إخطارات بشكل مضاعف مقارنة بنفس الفترات من السنوات الماضية.
لحظة اعتقال قوات الاحتلال شابين عقب اقتحام منزلاً في بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة pic.twitter.com/Q47rEV17o2
— شبكة العاصمة الإخبارية (@alasimannews) January 8, 2024
وأكدت ريتا النتشة أن ازدياد عدد الإخطارات وأخذ مساحات البيوت كان بسبب تزايد سريع في تنفيذ أوامر الهدم في القدس، لكن اللافت أن هذه الإجراءات رافقها وقف في إجراءات التقاضي، حيث كان في السابق يقوم الشخص بعد وصول إخطار هدم التقدم باستئناف للمحكمة أو دفع غرامة، ولكن بعد إعلان حالة الحرب لدى الاحتلال لم يعد هذا الأمر موجود، والأوامر العسكرية هي السائدة، وبالتالي فإن اللجوء إلى القضاء غير متوفر.
ومن بين التطورات اللافتة بحسب النتشة أيضًا، إجراءات الهدم التي أخذت شكلًا أكثر عنفًا، وبدون إنذار مسبق للأهالي، وذلك كنوع من استعراض القوة والترهيب، كما جرى في صور باهر من احتكاك مع السكان واستخدام قوة كبيرة مفرطة ضدهم.
ويروي الناشط في متابعة عمليات الهدم في جبل المكبر محمد بشير بأنه قبل عشر أيام اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال، ترافقها جرافات، لهدم منزل إياد شقيرات، وهو منزل من طابقين ومحل تجاري تزيد مساحته عن 350 مترًا، تعيش فيه أسرتين بواقع 11 نفرًا.
وأفاد بشير خلال حوار مع "الترا فلسطين"، بأن عملية هدم منزل شقيرات رافقها عنف كبير، وتم اعتقال 11 شخصًا لا يزال 3 منهم قيد الاعتقال، وتم الاعتداء على الأهالي بالضرب المبرح.
وبهذا يؤكد بشير على ما تقدمت به النتشة، بأن هناك شراسة أكبر في التنفيذ وزيادة في استخدام وسائل القمع من قنابل الصوت والغاز والرصاص المطاطي، وشبح الأشخاص ورميهم على الأرض وتقييدهم لساعات طويلة.
وبحسب بشير فإن معدل الهدم في حي جبل المكبر يصل إلى منزلين في الشهر الواحد، ولكن الزيادة الكبيرة حصلت في توزيع إخطارات الهدم خلال آخر أسبوعين.
وأوضح بشير أن عددًا من موظفي البلدية كانوا متطوعين مع الجيش في بداية الحرب، ولكن بعدما عادوا إلى عملهم في الفترة الأخيرة صار هناك زيادة في إخطارات الهدم.
وزاد بشير: "مفتش عام البلدية المسؤول عن منطقة جبل المبكر والمحيط بها اسمه جلعاد هاروني، وكان متطوعًا مع الجيش في الحرب، وبعد رجوعه قبل أسبوعين بدأ بتوزيع الإخطارات من كل حدب وصوب وعاد أكثر شراسة".
وقالت صحيفة "هآرتس" في تقريرها إن: "سياسة تسريع وتيرة هدم المنازل والمنشآت التي تنفذها البلدية في القدس حاليًا غير عادية مقارنة بجولات القتال السابقة في غزة، وذلك عندما امتنعت السلطات عن هدم المنازل في القدس الشرقية حتى لا تتعاظم حالة التوتر الأمني في المدينة".
بينما أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تعليمات تقضي بوقف هدم منازل جنود الاحتياط في البؤر الاستيطانية غير القانونية بالضفة الغربية.
ومنذ مطلع العام الجديد، ووفقٍا للصحيفة، فقد أعلن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير عن سياسة جديدة لزيادة هدم منازل الفلسطينيين في القدس الشرقية.
وأكد مسؤولون في البلدية أن الوزير بن غفير مارس ضغوطًا بشأن هذه القضية، ولكن طيلة العام الماضي كان معدل عمليات الهدم مشابهة تمامًا للسنوات السابقة: في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، تم هدم ما معدله عشر منازل شهريًا. ولكن منذ يوم 7 أكتوبر، ارتفع معدل الهدم ليصل إلى حوالي 17 عملية هدم شهريًا في المتوسط".
وأضافت الصحيفة: "في القدس الشرقية، صدرت الآلاف من أوامر الهدم ضد مباني بنيت دون تراخيص بناء". ويدفع الاحتلال، كما تؤكد منظمات متخصصة في مجال حقوق الإنسان، الفلسطينيين للبناء دون تصاريح، نظرُا لاستحالة استصدار رخص بناء للفلسطينيين في القدس الشرقية.
ويجري تنفيذ جزء كبير من عمليات الهدم بحضور قوة كبيرة من شرطة الاحتلال، وشهدت بعض عمليات الهدم التي نفذت في الأسابيع القليلة الماضية، اندلاع مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة. وفي الأسبوع الماضي، تم اعتقال 11 مقدسيًا أثناء اشتباكات اندلعت خلال هدم منزل في جبل المكبر.
ونقلت الصحيفة عن أفيف تتارسكي، الباحث في جمعية "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية قوله: "حقيقة ارتفاع معدل هدم المنازل في الحرب الحالية دليل إضافي يشير إلى أن حكومة نتنياهو وبن غفير تسعى إلى إشعال النار في المنطقة".