12-يناير-2024
محكمة العدل الدولية.

من جلسة قضية جنوب أفريقيا ضد الاحتلال في محكمة العدل الدولية. 12 ديسمبر 2024

الترا فلسطين | فريق التحرير 

تناولت مجلة بولتيكو على موقعها التخبط الأوروبي فيما يتعلق في الحرب على غزة في ظل القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية. 

وقالت المجلة إن القضية في محكمة العدل كشفت عن قوة أوروبا الضعيفة. وكانت وزيرة التنمية البلجيكية قد أعلنت، قبل يوم واحد من المحكمة، الانقسامات الصارخة داخل الاتحاد الأوروبي.

يعاني الاتحاد الأوروبي لإيجاد أرضية مشتركة متعلقة بـ"العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة".

وطرحت الوزيرة كارولين جينيز على المسؤولين الألمان سؤالًا بلاغيًا في مقابلة مع صحيفة بلجيكية أسبوعية : "هل تريدون حقا أن تكونوا على الجانب الخطأ من التاريخ مرتين؟ هل سنستمر في الوقوف مكتوفي الأيدي بينما يحدث التطهير العرقي؟".

ألمانيا، التي عرضت على "إسرائيل" دعمًا لا هوادة فيه منذ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقفت في تناقض صارخ مع التصريحات العلنية التي صدرت في الأشهر الأخيرة عن مسؤولين من أيرلندا وأسبانيا وبلجيكا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، دافع نائب المستشارة الألمانية روبرت هابيك عن علاقة بلاده بـ"إسرائيل"، وتحدث بصراحة عن العلاقة باعتبارها علاقة "خاصة"، وقال إنها تأتي من منطلق وصفه بالمسؤولية التاريخية بعد المحرقة.

وأدى ارتفاع أعداد الشهداء في غزة إلى ترك فراغ متزايد أمام الاتفاق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، بحسب بولتيكو.

يضاف إلى ذلك هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر تضامنًا مع غزة، واغتيال الاحتلال لصالح العاروري في بيروت، وقضية جنوب أفريقيا ضد الاحتلال في محكمة العدل الدولية. 

ويقول الخبراء، طبقًا لبولتيكو، إنه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد اتفق تاريخيًا على قضايا أوسع مثل "حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين"، إلا أنه يجد صعوبة في "إيجاد أرضية مشتركة بشأن عمليات إسرائيل الحالية في غزة".

ويضيفون أن الكتلة منقسمة للغاية لدرجة أنها غير مجدية كوسيط للسلطة.

دبلوماسي فرنسي لمجلة بولتيكو: "نحن في حالة قبول بالقليل، وعدم القيام بالكثير، فنحن نراقب الولايات المتحدة ثم نتخذ وجهة نظر".

وبهذا يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة لينيوس في السويد: "لا أستطيع أن أتخيل سيناريو في حياتي كلها حيث سيحل كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل [المشكلة] الإسرائيلية الفلسطينية"، مضيفًا أن احتمالية ذلك أقل من صفر بالمئة. 

وترى المجلة أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء يناضلون للاتفاق على موقف في الوقت الذي حولت فيه العمليات الإسرائيلية القطاع المحاصر إلى أزمة إنسانية. 

كما لعبت الدول الأوروبية في كثير من الأحيان دورًا في موازنة الدعم الأمريكي الثابت للاحتلال. ومع ذلك، فعندما يتعين على العواصم الأوروبية السبعة والعشرين، التي تتمتع كل منها بتاريخها وعلاقاتها الفريدة بالمنطقة، أن تتفق على لغة مشتركة، فإن بروكسل تجد صعوبة بالغة في التوصل إلى تسوية، كما أوردت بولتيكو. 

وكان بيان زعماء الاتحاد الأوروبي، الذي  نشر  بعد أسبوع من عملية طوفان الأقصى، قصيرًا إلى حد كبير، مما يدل، طبقًا للمجلة، على أن الدول الأوروبية لا يمكنها الاتفاق إلى على قليل من النقاط.

وقال دبلوماسي فرنسي لمجلة بولتيكو: "نحن في حالة قبول بالقليل، وعدم القيام بالكثير، فنحن نراقب الولايات المتحدة ثم نتخذ وجهة نظر".

فيما أكد سفين كون فون بورغسدورف، الرئيس السابق لبعثة الاتحاد الأوروبي إلى فلسطين، إن الاتحاد الأوروبي اختار عمدًا عدم استخدام نفوذه على "إسرائيل"، على سبيل المثال في اتفاقية الشراكة التي وقعها الجانبان.

وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "حاول دائما تأليب الدول الأعضاء ضد بعضها البعض، ولم يأخذ الاتحاد الأوروبي على محمل الجد لأنه كان يعلم أننا منقسمون بشأن عدد من القضايا المهمة".

تسعى بعض الأحزاب الحاكمة في بلجيكا إلى الانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا في لاهاي، وسط عزلها نسبيًا داخل الاتحاد الأوروبي بسبب موقفها ضد الاحتلال فيما يتعلق بالحرب على غزة.

"إسرائيل" في محكمة العدل الدولية يؤجج الانقسام

ومع بدء جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في قضية جنوب أفريقيا ضد الاحتلال، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة، فإن الانقسام الأوروبي أصبح أكثر وضوحًا.

وقال بيتر ستانو، المتحدث باسم السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي لمجلة بولتيكو، إنه في حين يدعم الاتحاد الأوروبي محكمة العدل الدولية، فإنه "لا يعلق على القضايا المعلقة هناك".

فيما صرحت ألمانيا من خلال متحدث باسمها إن "الادعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة هو ادعاء كاذب ولا تغطيه اتفاقية [الأمم المتحدة للإبادة الجماعية]".

النمسا، وهي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي أظهرت دعمًا لا يتزعزع للاحتلال، وقالت لمجلة بوليتيكو من خلال وزارة خارجيتها إن "اتهام الإبادة الجماعية أمر خطير للغاية ولا ينبغي الاستخفاف به" ولكن في نفس الوقت " ليس لديها حاليًا أي خطط للمشاركة في القضية بين جنوب أفريقيا وإسرائيل".  

وفي بلجيكا، تسعى بعض الأحزاب الحاكمة إلى الانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا في لاهاي، وصرحت نائبة رئيس الوزراء بيترا دي سوتر إن بلجيكا معزولة نسبيًا داخل الاتحاد الأوروبي بسبب موقفها من الصراع.

فيما استبعد رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار الانضمام إلى جنوب إفريقيا ضد "إسرائيل"، وهو ما يُنظر إليه على أنه علامة على مدى عدم القدرة على التنبؤ بنتيجة المحاكمة، بحسب بولتيكو.

بوليتيكو:  كلما طال أمد الحرب في غزة، كلما أصبح من المرجح أن تصبح الاستجابة الأوروبية الموحدة أكثر تعقيدًا.

وفي حين أن جلسة الاستماع هي خطوة أولى في عملية أطول قد تستغرق سنوات، فإن محكمة العدل الدولية يمكن أن تصدر إجراءات مؤقتة مثل المطالبة بوقف إطلاق النار أو فتح ممرات إنسانية، حسبما صرحت السفيرة الفلسطينية في جنوب أفريقيا، حنان جرار، لصحيفة بوليتيكو.

وقالت جرار إنه إذا تجاهلت "إسرائيل" أي قرار أصدرته المحكمة فإن ذلك سيجعل من الصعب الحفاظ على موقف أوروبا المنقسم، وأضافت: "سيكون من الصعب حتى على الدول الأوروبية تبرير دعمها لإسرائيل… إن الالتزام بمبادئ دعم حقوق الإنسان أمر قوي في أوروبا". 

وعندما اجتمع الزعماء الأوروبيون للمرة الأخيرة في منتصف ديسمبر/كانون الأول، حثت مجموعة من أربعة زعماء، من إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا ومالطا، زملائهم على إجراء "نقاش جدي" بشأن غزة، معتبرين أن "مصداقية الاتحاد الأوروبي على المحك".

ومع ذلك، قال أربعة دبلوماسيين إن كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لم يتمكنوا من الاتفاق على لغة مشتركة جديدة بشأن غزة، ولكن ليس فقط، بسبب مقاومة المستشار الألماني أولاف شولتس، بل "لأن الرغبة في ذلك كانت منخفضة".

وتستنتج بولتيكو أنه كلما طال أمد الحرب في غزة، كلما أصبح من المرجح أن تصبح الاستجابة الأوروبية الموحدة أكثر تعقيدًا.

فيما شدد أنتوني جاردنر، سفير الولايات المتحدة السابق لدى الاتحاد الأوروبي، على أنه حتى لو بذل الاتحاد الأوروبي جهودًا مضنية لصياغة المزيد من البيانات الموحدة، فإنه سيظل على الهامش، لأن الولايات المتحدة وبعض اللاعبين الإقليميين هم الوحيدون القادرون على إحداث تأثير على الأرض.