25-سبتمبر-2023
إحراق خيمة في قرية عين سامية، تحالف المستوطنين والدولة الإسرائيلية إخفاء 6 قرى عن الخارطة

خيمة فلسطينية في قرية عين سامية أحرقها إرهابيون يهود عام 2015 | تصوير عصام ريماوي

الترا فلسطين | فريق التحرير

أكد تقريرٌ لمنظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، أن الاعتداءات الجماعية التي ينفذها المستوطنون في الضفة الغربية، هي أداة بيد الدولة الإسرائيلية (الجيش والحكومة) تستخدمها ضد التجمعات البدوية الفلسطينية لتهجير سكانها قسرًا والاستيلاء على الأراضي، وقد أدت إلى تهجير ستة تجمعات بدوية شرق رام الله وجنوب الخليل في العامين الأخيرين (2022، 2023)، هي: عين سامية، راس التين، البقعة، القابون، وادي التحتا، خربة سيمري.

الإجراءات الرسمية الإسرائيلية جعلت الحياة في التجمعات البدوية "بائسة ومريرة". رغم أن أهل هذه التجمعات كانوا يعيشون على أراض ذات ملكية خاصة فلسطينية وبموافقة أصحاب هذه الأراضي

وأوضحت منظمة "بتسيلم"، أن دولة الاحتلال تصنف التجمعات البدوية "بأنها "قرى غير معترف بها"، وبسبب هذا التصنيف تمنع سلطات الاحتلال ربطها بشبكات الكهرباء والمياه والطرق، وتهدم أي بناء يقيمه أهل هذه القرى، حتى لو كان حظائر أو بركسات بهدف السكان أو للماشية، وفي حالات كثيرة أعاد أهل هذه القرى بناء ما تم هدمه، ولكن عادت سلطات الاحتلال لهدمها مرة أخرى.

وأفادت، بأن الإجراءات الرسمية الإسرائيلية جعلت الحياة في التجمعات البدوية "بائسة ومريرة"، والهدف هو إجبار سكان التجمعات البدوية الإسرائيلية على مغادرة أماكن سكنهم بطريقة تبدو أنه قرار اتخذوه بمحض إرادتهم، وليس تهجيرًا قسريًا منظمًا للاستيلاء على الأراضي المقامة عليها هذه التجمعات لأغراض استيطانية.

ويؤكد تقرير "بتسيلم" أن المستوطنين ضالعون بشكل مباشر وبالتنسيق مع الجهات الرسمية في عمليات التهجير القسري للتجمعات البدوية، فهم يقيمون مزارع رعوية في محيط هذه التجمعات بمساعدة من الحكومة، ثم ينطلقون منها لتنفيذ هجمات جماعية ضد الرعاة الفلسطينيين في الحقول وضد السكان في بيوتهم، ويحرقون المحاصيل، ويهاجمون حتى الأغنام ويقطعون الطرق ويمارسون النهب.

واستعرض التقرير ستة تجمعات بدوية فلسطينية تعرضت للتهجير القسري على يد الجيش والمستوطنين في العامين الماضيين، من بينها أربعة تجمعات في المنطقة الممتدة بين شرق رام الله وشمالها الشرقي، وتجمعان جنوب الخليل، رغم أن أهل هذه التجمعات كانوا يعيشون على أراض ذات ملكية خاصة فلسطينية وبموافقة أصحاب هذه الأراضي.

رأس التين: أقيم هذا التجمع على أراضي خاصة بأهالي قريتي كفر مالك والمغير في نهاية ستينات القرن الماضي، وسكانه تم تهجيرهم من جنوب الخليل، وبعد قرابة 60 عامًا من إقامتهم في تجمع رأس التين بالتنسيق مع أصحاب الأراضي الفلسطينيين، اضطر نحو 120 فردًا –نصفهم تقريبًا من القاصرين- من أبناء تجمّع راس التّين إلى الرحيل.

عين سامية: في عام 1980 وصلت أسر فلسطينية مهجرة من عدة مناطق في الضفة إلى قرية كفر مالك، واستأجروا أراض تابعة للقرية من أصحابها، ومع الزمن بلغ عدد سكان تجمع عين سامية 28 أسرة عدد أفرادها نحو 200 شخص. وعلى مدار 42 سنة الماضية، هدم الاحتلال 21 منزلاً في عين سامية كان يسكنها 83 شخصًا، بينهم 52 قاصرًا، كما هدم 28 حظيرة ماشية. وأخيرًا، بتاريخ 22 أيار/مايو 2023، اضطر من بقي من سكان عين سامية إلى الرحيل.

البقعة: أقام المستوطنون مزارع استيطانية في محيط تجمع البقعة، على بعد نحو 50 مترًا من منازل السكان هناك، وسيطروا على الطريق الذي يصل بين تجمع البقعة والشارع الرئيسي شرق رام الله، ومنعوا السكان من استخدامه، وبالتزامن مع ذلك توالت الاعتداءات يوميًا على سكان تجمع البقعة، حتى تم تهجير 33 شخصًا من سكانه بتاريخ 7 تموز/يوليو 2023، ثم في مطلع شهر أيلول/سبتمبر تم تهجير آخر أسرة بقيت في الموقع، مكونة من خمسة أشخاص أحدهم قاصر.

القابون: أقامت عائلات مهجرة قسرًا من النقب تجمع القابون في عام 1996. وعلى مر السنين مارست سلطات الاحتلال كل أشكال التضييق والضغط على أهل تجمع القابون، فهدمت ستة مساكن يعيش فيها 41 فردًا بينهم 12 قاصرًا، إضافة إلى 12 مبنى كانت تستخدم لأغراض غير سكنية. وفي شهر شباط/فبراير 2023 أنشأ مستوطنون بؤرة استيطانية قرب التجمع، في منطقة كانت "إسرائيل" تعرفها بأنها "منطقة إطلاق نار"، أي يمنع التواجد فيها.

وبدأ المستوطنون في البؤرة القريبة من تجمع القابون بالتنكيل بسكان القابون، فأخذوا يقتحمون المنازل، ويأتون للبيوت على أحصنة وتراكتورات في ساعات متأخرة من الليل ويخيفونهم، ثم استولوا على أراضيهم الزراعية ومنعوهم من رعي أغنامهم في المراعي. وفي بداية شهر آب/أغسطس 2023، تم تهجير سكان تجمع القابون، وهم 12 عائلة مكونة من 86 شخصًا، بينهم 26 قاصرًا.

خربة سيمري: سكنت عائلتان مكونتان من 20 شخصًا بينهم ثمانية قاصرين تجمع خربة سيمري -جنوب الخليل- منذ القرن الماضي، وفي عام 1998 أقام مستوطنون بؤرة "متسبيه يائير" على قمة التلة التي تسكن فيها العائلتان. ومنذ ذلك الحين، توالت أعمال العنف والتنكيل بحق سكان خربة سيمري، وكان منها اقتحام المنازل والمنع الرعي والتهديد بالقتل، ثم في عام 2020 جلب مستوطنون قطيع أبقار إلى المنطقة وأخذوا يرعونه في الأراضي التي اعتاد سكان تجمع "خربة سيمري" رعي ماشيتهم فيها. وفي النهاية، عام 2022، قرر سكان "خربة سيمري" مغادرة التجمع.

الهدف من الإجراءات الرسمية الإسرائيلية هو إجبار سكان التجمعات البدوية على مغادرة أماكن سكنهم بطريقة تبدو أنه قرار اتخذوه بمحض إرادتهم، وليس تهجيرًا قسريًا منظمًا للاستيلاء على الأراضي

وادي التحتا: قبل 50 عامًا أقيم تجمع وادي التحتا جنوب الخليل، وفي السنوات الماضية كان عدد سكانه 20 شخصًا، بينهم 12 قاصرًا. وقبل نحو سنتين أقام مستوطنون بؤرة استيطانية على بعد 500 متر تقريبًا من بيوت التجمع، ومنذ ذلك الحين دأب المستوطنون على مهاجمة سكان التجمع واقتحام منازلهم ليلاً ونهارًا برفقة الكلاب وتهديدهم بالسلاح، واستخدموا "طائرات بدون طيار" في ترويع ماشية سكان تجمع وادي التحتا في المراعي وتشتيته، واقتحموا منازل السكان نهارًا وليلاً.

وبتاريخ 27 حزيران/يونيو 2023، وصل مستوطنان مسلحان إلى التجمع وهاجما أحد السكان بينما كان يرعى أغنامه قرب منزله، فهرب الشاب من الموقع لطلب النجدة من أقاربه، وبينما بدأ المستوطنان بجمع القطيع لسرقته، وصل أقارب الراعي، فاضطر المستوطنان للهروب إلى البؤرة. توجه السكان إلى الشرطة الإسرائيلية لمساعدتهم ضد الإرهابيين اليهود، لكنها رفضت، وإثر ذلك أدرك السكان هنا أن خطرًا كبيرًا جدًا يحيق بهم ويهددهم فقرروا مغادرة المكان.

وأكدت منظمة "بتسيلم" في تقريرها أن عشرات التجمعات السكنية تعيش واقعًا مماثلاً في أرجاء الضفة الغربية، وفي حال واصلت "إسرائيل" تطبيق هذه السياسة، فإن الترحيل القسري ينتظر سكان هذه التجمعات أيضًا.