15-أغسطس-2023
غلعاد بنيامين وأورا هوديا

غلعاد بنيامين وهوديا أورا

"هنا حوض الاستحمام، وهنا جدار نهاية الحوض، وهنا مدخل على غرفة النوم". يستغرق غلعاد بنيامين  (17 عامًا) في وصف "عُش الزوجية"، المكان الذي أقامته على أرض فلسطينية بملكية خاصة. بينما "العروس" أورا هوديا (17 عامًا) تحاول إضفاء جـو من الرومانسية على اللقاء الغرامي الأول: "انظُر للمنظر الطبيعي الجميل، البدو..."، يستدرك "فارس أحلامها" بصيغة الواثق بوعده: "كلا، لن يكون البدو هنا بعد عامين. وعندها المنظر سيكون أجمل". في هذه اللحظة كانت عدسة الكاميرا تتسع فتظهر القرية البدوية المقصودة بهذا الوعد. لم يكن هذا مشهدًا في فيلم سينمائي، بل جزءًا من تقرير مطول بثه التلفزيون الاسرائيلي "قناة كان" قبل نحو عامين.

في الأيام الأخيرة من شهر أيار/مايو في العام الحالي، تم تهجير أهالي القرية البدوية التي تعهد غلعاد بنيامين لأورا بتهجيرها

غلعاد بنيامين، مستوطنٌ من بؤرة "هبلاديم" الاستيطانية، معقل أحد أشرس مجموعات تنظيم "تدفيع الثمن" الإرهابي، تعرف على أورا هوديا عن طريق أخته التي تعيش معها في بؤرة "استير" الاستيطاينة الخاصة بالمراهقات. و"استير"، وفقًا للإنجيل العبراني، اسم ملكة يهودية وزوجة الملك الفارسي خشايرشا الأول الذي حكم بين 485 و465 قبل الميلاد.

وفي الأيام الأخيرة من شهر أيار/مايو في العام الحالي، تم تهجير أهالي القرية البدوية التي تعهد غلعاد بنيامين بتهجيرها. حينها كتبت صحيفة هآرتس: "اضطر سكان قرية فلسطينية في منطقة عين سامية (في كفر مالك شرق رام الله) الذين يبلغ عددهم حوالي 200 فلسطيني ويعيشون في الخيام والمباني المؤقتة، إلى إخلاء المكان الذي يعيشون فيه منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي بسبب عنف المستوطنين".

ونقلت هآرتس عن اثنين من سكان القرية قولهم، إن غالبية المشاكل مع المستوطنين بدأت قبل حوالي خمس سنوات، ولكن زادت الاعتداءات في العام الماضي. وبالقرب من عين سامية، توجد مستوطنة "كوخاف هشاحر"، وكذلك بؤرة "هبلاديم"، وهي أحد معاقل تنظيم "تدفيع الثمن" الإرهابي، وتعني "البَلَديين". وتصف وسائل إعلام إسرائيلية سكان هذه البؤرة بأنهم "رعاة أغنام متجولين معظمهم شبان يافعون تسربوا من المدرسة ومن أسرهم وانخرطوا في التنظيم الإرهابي".

الحوار التالي أجراه التلفزيون الاسرائيلي مع غلعاد بنيامين وأورا هوديا:

معدة التقرير: هذا الارتباط الأول لكما؟

بنيامين: إنه الارتباط الأول نعم، لكلينا. لم أرى أورا من قبل، لم أكن أعرف كيف تبدو أبدًا.  فقط عرفت أن أورا هوديا موجودة في تلة الفتيات. عرفت عن الأمر بالصدفة، لأن أختي أقامت هناك.

 معدة التقرير تسأل أورا: كم أخ أنتم؟

أورا:  الآن ثمانية، تبارك الله.

معدة التقرير تسأل: كم واحد منهم يتواجد في التلال؟ البؤر الاستيطانية

 أورا: ثلاثة، والرابع ما يزال في الصف الرابع الابتدائي. حتى أختي التي تبلغ السابعة والنصف من عمرها  تحلم عندما تصل لسن العاشرة  أن يكون بمقدروها المجيء إلى التلال. عندما أتيت إلى التلة كنت في الرابعة عشرة من عمري. 

معدة التقرير: هل كنت  تتخيلين أن تتزوجي وتأسسي بيتًا هنا؟

أورا: كنت أتمنى هذا، وأقول في نفسي ياليت.

تسأل معدة التقرير: هل الزواج في سن 17 عامًا مقبول في التلال؟

بنيامين: أعتقد أن الأمر متأخر جدًا، بالإمكان الزواج من سن (16، 17، 18). عندما ذهبت إلى والداي وقلت لهما أنني أرغب بالزواج قالوا لي انتظر حتى جيل 18 على الأقل.

في المقابل، وبينما كانت تنمو قصة الحب هذه في بؤرة استيطانية خاصة بالمتطرفين ونشطاء الإرهاب، كان "خضر"، وهو أبٌ لتسعة أطفال، يُقرر الرحيل من بيته وقريته خوفًا على أبنائه من هؤلاء الإرهابيين. يقول لهآرتس: "قال لي الصبي الصغير لا أريد أن أعيش هنا، يأتي المستوطنون ويرمون الحجارة وغدًا سيقومون بقتلي".

بينما كانت تنمو قصة الحب هذه في بؤرة استيطانية خاصة بالمتطرفين ونشطاء الإرهاب، كان "خضر"، وهو أبٌ لتسعة أطفال، يُقرر الرحيل خوفًا على أبنائه من هؤلاء الإرهابيين

وأوضح "خضر"، أن المستوطنين هاجموا منزله بالحجارة، أثناء وجود الأطفال بداخله، وهذا الاعتداء كان "القشة التي قصمت ظهر البعير" وعلى أثرها قرر مغادرة المكان.

وقالت "هآرتس"، إن إحدى مجموعات تنظيم "تدفيع الثمن" الإرهابي نشرت رسالة احتفالية برحيل سكان القرية البدوية من بيوتهم. وجاء في الرسالة: "بشرى سارة. مخيمان بدويان سيطرا على مناطق بالقرب من كوخاف هشاحر في السنوات الأخيرة يغادران المنطقة".

وعلى مدار سنوات، وثقت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية اعتداءات الإرهابيين اليهود على السكان في عين سامية. وأكدت في تقرير لها، أن هذه الاعتداءات تتم بدعم كامل من الدولة، إلى جانب القيود الشديدة التي تفرضها الدولة على أي بناء سكني، وعلى البنية التحتية أيضًا، إضافة إلى موافقة المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس المحتلة على هدم مدرسة القرية.

وتؤكد "بتسيلم" تطبيق سياسة مماثلة في مناطق واسعة بالضفة الغربية، تهدف إلى السيطرة على المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية من أجل نقل ملكيتها لليهود، مشددة أن هذه السياسة "غير قانونية"، وأن ما يحدث هو ترحيل قسري، والترحيل القسري "جريمة حرب".

وفي الأسبوع الأول من شهر آب/أغسطس الحالي، هجّر الاحتلال ستّ عائلات من تجمع القابون البدوي في محافظة رام الله  والبيرة، وهو التجمع الرابع في مناطق "ج" الذي يتم تهجيره خلال الشهور الثلاثة الماضية، وفقًا لمنظمة "بتسيلم". واعتبرت المنظمة هذا الترحيل "لبنة أخرى في المشروع الضخم الذي تديره دولة إسرائيل، ويتزايد إلى أبعاد مروعة: تطهير عرقي، وضم مناطق ج، ويلي ذلك ضمٌ كاملٌ وتهجير شامل للفلسطينيين".