الترا فلسطين | فريق التحرير
"لم يعودوا فتية متهورين يقتحمون تحت جنح الظلام. فبفضل تشجيع الوزراء وميزانيات خصصتها الحكومة الحالية، بات فتية التلال يعملون نهارًا لتنفيذ الإصلاحات الاستيطانية عنوة. وإطلاق النار القاتل في قرية برقة مجرد نموذج". بهذه الكلمات، وبالخط العريض، قدم عدويد شالوم تحقيقه الذي خصصت "يديعوت أحرنوت" له ملحقها الأسبوعي، حول إرهابيي تنظيم "تدفيع الثمن" اليهودي.
"سلاح التلال"، هكذا وصف التحقيق التنظيم الإرهابي الذي يُعرف في "إسرائيل" باسم "فتية التلال"، وقد استخدم تعبير "سلاح" على غرار تسمية "سلاح الجو"، توضيحًا للتغيرات البنيوية التي طرأت على التنظيم الإرهابي
"سلاح التلال"، هكذا وصف التحقيق التنظيم الإرهابي الذي يُعرف في "إسرائيل" باسم "فتية التلال"، وقد استخدم تعبير "سلاح" على غرار تسمية "سلاح الجو" التي تُطلق على القوات الجوية، توضيحًا للتغيرات البنيوية التي طرأت على التنظيم الإرهابي.
في قلب التحقيق جاء عنوان: "الاستيلاء على دونم بعد دونم والمزيد من النار". وتحت هذا العنوان أوضحت "يديعوت"، أن إرهابيي "تدفيع الثمن" ينطلقون مسلحين بعصا الراعي وأسلحة نارية، وبتأييد ودعم حكومي وميزانيات مخصصة لهم، ويعملون لتحقيق مشروع السيطرة على المناطق الفلسطينية". وتابعت: "قبل نحو أسبوع انتهى الأمر بقتل قصي معطان في برقة، والأجهزة الامنية والعسكرية يرصدون ارتفاعًا حادًا في عنف المستوطنين".
وتحت عنوان "يفوقون بن غفير يمنيةً"، أفادت "يديعوت" أن نشطاء المنظمات الإسرائيلية الذين يراقبون ما يجري في الضفة الغربية يقولون إن الارتفاع الدراماتيكي في عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين جاء بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية. غاي هيرشيفلد، ناشط يساري وعضو في عدة منظمات، يقول إن عنف المستوطنين قديم ولم يبدأ مؤخرًا، "ولكن خلال الشهور الأخيرة يُلاحَظ أن العنف لم يعد له اي كوابح، والمستوطنون يقتحمون القرى وحتى المنازل وهم مسلحون بسلاح ناري ويشعرون أنهم أصحاب السيادة وملاك المنازل".
ونقلت "يديعوت" عن أحد قادة المستوطنين قوله، إن جزءًا من هؤلاء الإرهابيين يختلفون حتى مع ايتمار بن غفير، فهو يعترف بدولة إسرائيل، "أما هؤلاء فيعتبرون أنه يجب تفكيك دولة إسرائيل وإعادة بنائها من جديد".
وأكدت، أنه خلال السنوات الثلاثة الماضية أقيمت عشرات البؤر الاستيطانية الزراعية بدون ترخيص، معظمها تستوطن فيها أسرةٌ واحدةٌ يرافقها عدد من "الشبان المتطوعين"، والهدف المعلن هو السيطرة على المناطق المفتوحة في المناطق "ج" وطرد الفلسطينيين منها، مبينة أن مزارع الرعاة الاستيطانية هي اختراعٌ ابتكره زئيف زمبش، المدير العام لشركة "أمنا" الاستيطانية التابعة لمجلس قيادة المستوطنين في الضفة الغربية، وهذا المجلس يقدم الميزانيات لهذه المزارع.
وإلى جانب تمويل مجلس قيادة المستوطنين للمزارع الرعوية، فإنها تحصل على تمويلٍ من مؤسسات حكومية ووزارات، وهذا ثمرة المهام القومية التي تقودها الوزير أوريت ستروك من قائمة "الصهيونية الدينية"، رغم أن المباني المقامة في هذه المزارع غير مرخصة. ولا يوجد في المزارع الرعوية حراسة دائمة من الجيش، لكن دائمًا تصل قواتٌ من الجيش لهذه المزارع في إطار الدوريات التي ينفذها الجنود الذين يسيطرون على تلك المناطق.
تحصل على تمويلٍ من مؤسسات حكومية ووزارات، وهذا ثمرة المهام القومية التي تقودها الوزير أوريت ستروك من قائمة "الصهيونية الدينية"، رغم أن المباني المقامة في هذه المزارع غير مرخصة
ونقلت "يديعوت" عن مستوطن تطوع للخدمة في مزارع رعوية جنوب الخليل لمدة عام قوله: "كنت أرى الجنود يزورون هذه المزارع كجزء من دورياتهم، ويتوقفون لشرب القهوة ومداعبة الماعز. سادت أجواء من الصداقة معهم. ثم إذا رأى المستوطنون فلسطينيًا في الميدان، يخرجون إليه على متن سيارة التندر، ويُهددونه، ويتصلون بالجيش الذي سيأتي لترحيله. فهم دائمًا على أهبة الاستعداد".
وأوضح تحقيق "يديعوت" أن الهجوم الإرهابي على برقة، الذي أدى لاستشهاد قصي معطان، هو من نتائج أنشطة هذه المزارع الرعوية، فالإرهابيون الذين نفذوا الهجوم انطلقوا من مزراعة "عوز تسيون"، وهي مزرعة أقيمت "لحصار رام الله" حسب تعبير الصحيفة.
يقول دور أتاكس، من ظمة "كيرم ناوت" التي تراقب سياسة الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية، إن مزرعة "عوز تسيون" لم تُقام بالصدفة، بل هي مصممة لحصار رام الله من الشرق وقطع استمرارية البناء الفلسطيني، مضيفًا أن هذا هو الأسلوب المتبع، "ففي كل مدينة فلسطينية هناك بؤرة استيطانها مصممة لخنقها وعزلها عن القرى المحيطة بها.
وأضاف دور أتاكس، أن المستوطنين أقاموا في البداية بؤرة "جفعات أساف" على أرض يملكها فلسطينيون من قرية برقة، ونتيجة لهذه البؤرة تم إغلاق الطريق الذي يربط قرية برقة بمدينة رام الله، وهذا حدث أيضًا في دير دبوان القريبة من برقة، حيث أقام المستوطنون بؤرة "ميغرون" على أرض فلسطينية بملكية خاصة، وبعد ست سنوات أخلوها بأمر من المحكمة العليا ونقلوها إلى الجنوب قليلاً، لكن المستوطنين لم يكتفوا بذلك، فقد أقاموا بؤرة "رمات مغرون"، ثم أضافوا "عوز تسيون" إليها.
يؤكد أتاكس، أن هذه المنطقة باتت بأكملها "خاضعة لسيطرة معسكر يميني عنيف قائم على أقصى درجات التطرف"
ويؤكد أتاكس، أن هذه المنطقة باتت بأكملها "خاضعة لسيطرة معسكر يميني عنيف قائم على أقصى درجات التطرف". ويُضيف: "يمتلك الفلسطينيون أراض زراعية خصبة هناك بملكية خاصة، لكنهم لا يستطيعون الدخول إليها بسبب التهديد والتخويف والهجمات العنيفة التي ينفذها المستوطنون".
وتحت عنوان "ذروة هجمات المستوطنين قادمة"، أوضح تحقيق "يديعوت" أن جيش الاحتلال و"الشاباك" والشرطة يُصنفون العمليات الإرهابية اليهودية تحت ثلاث فئات: الأولى، حوادث احتكاك، ورشق حجارة، وكتابة، وهجمات إرهابية، والثانية، تخريب مساجد وإشعال النار، والثالثة تخريب منازل.
وأكد التحقيق، أن المعطيات لدى المنظومة الأمنية الإسرائيلية تؤكد أن حجم الاعتداءات الإرهابية في اتجاه تصاعدي منذ عام 2020 حتى الآن، "لكن يبدو أن الذروة ما زالت أمامنا" وفقًا للتحقيق.