10-أكتوبر-2019

الترا فلسطين | فريق التحرير

تعرضت أسيراتٌ فلسطينياتٌ لتحقيقات عنيفة لدى جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، شارك فيها 13 محققًا من الجهاز، وتخللها حرمانٌ من النوم وتقييد متواصل إضافة للصراخ والتهديد، والتحرش والتشكيك في الشرف، وذلك وفق تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، وتابع الترا فلسطين ما ورد فيه مع أطراف القصة.

7 أسيرات اعتقلهن جيش الاحتلال في حملة خلال الصيف الماضي، وأخضعهن لتحقيقات قاسية تخللتها إهانات وتحرش

يتحدث التحقيق عن 7 أسيراتٍ اعتقلهن جيش الاحتلال خلال حملة نفذها في صيف عام 2018، وأبرزهن الكاتبة لمى خاطر، وعضو مجلس بلدية الخليل سوزان العويوي، ودينا اسعيد (الكرمي) زوجة الشهيد نشأت الكرمي الذي يتهمه "الشاباك" بأنه نفذ عملية أدت لمقتل أربعة مستوطنين وإصابة اثنين آخرين قرب مستوطنة "حجاي" عام 2010.

اقرأ/ي أيضًا: السجن وعالم الكلمات

وسرَدت "هآرتس" قصة الأسيرة الكرمي (40 سنة) التي فقدت وعيها مرتين خلال التحقيق الذي خضعت له في شهر تموز/يوليو 2018، لكن المحقق "دوف" كان يصرخ فيها "استيقظي"، وقد تم اقتيادها إلى الطبيب لإجراء فحوصاتٍ ثم إعادتها للتحقيق مرة أخرى.

وقدمت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل "بكاتي - PCATI"، شكوى إلى المستشار القضائي لحكومة الاحتلال أفخاي مندلبليت، جاء فيها: "في المرة الثانية استيقظت المشكتية الكرمي بعد أن سكبوا الماء البارد عليها، ثم تم اقتيادها إلى العيادة وهي مبتلة وترتجف، حيث أعطاها الطبيب حبة مهدئ ثم أعادوها إلى التحقيق الذي تواصل لساعتين إضافيتين".

هذا الشرح يظهر في بندٍ من بين 31 بندًا مفصل تشرح أساليب التحقيق التي خضعت لها الكرمي. وفى إحدى جولات التحقيق جاء محقق وقاله لها ساخرًا: "أنا الرجل الذي قتل زوجك".

وأظهرت شهادات الأسيرات أنهن نُقلن إلى التحقيق بعد عملية اعتقال "مهينة ومؤلمة" كما وصفها تحقيق "هآرتس"، فالأسيرة العويوي تم تقييدها بقيودٍ بلاستيكية لـ24 ساعة فور اعتقالها، ثم نُقِلت من مكان الاحتجاز الأول إلى المكان الثاني، وخلال النقل كانت تجلس على أرضية الجيب بعد تغطية عيونها.

كما تم تقييد الأسيرتين الكرمي وأبو اسنينة بشكل مشابه فور اعتقالهن، كما منع الجنود، الأسيرة الكرمي من ارتداء نقابها.

مجندات أخضعن أسيراتٍ لتحقيق عاري، وإحدى الأسيرات مُنعت من ارتداء النقاب منذ اعتقالها

وأورد تحقيق "هآرتس"، أن الأسيرات خضعن لتحقيقٍ عاري من قبل المجندات، موضحًا أن المجندات اللواتي اعتقلن الكرمي وفتّشنها اصطحبن كلابًا بوليسية خلال ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: السجن وعالم الكلمات (2)

وجاء في الشكوى التي تقدمت بها الكرمي، أنها في بداية التحقيق كان يُحقق معها المحقق "اندي"، ثم جاء محققان آخران إلى الغرفة بحجة أنهما يريدان التعرف على زوجة الشهيد نشأت الكرمي.

الأسيرات السبعة المعتقلات في هذه الحملة تم الإفراج عنهن جميعًا بعد أن قضين في السجن فتراتٍ تتراوح من 10 أشهر إلى 12 شهرًا.

وأكد محامون، أن الأحكام التي صدرت بحق النسوة المعتقلات في هذه الحملة تُشير إلى أنهن لم يقمن بأعمالٍ خطيرةٍ، وإنما كان الأمر مجرد المشاركة في نشاطاتٍ "اجتماعية ودينية" تابعة لحركة حماس، وإنشاء صفحة على موقع "فيسبوك" وزيارة أسرى وشهداء.

وأفاد تحقيق "هآرتس" بأن الأسيرات خلال التحقيق مُنِعن من النوم، كما أن الضوضاء "متعددة الأصناف" لازمت الزنازين التي تم احتجازهن فيها بين جولات التحقيق، فكان يتم الطرق على الجدران طوال الوقت، هذا عدا عن إجبار الأسيرات على الوقوف لساعاتٍ طويلةٍ وهن مكبلات الأيدي من الخلف.

كما تخلل التحقيق صراخٌ وتهديداتٌ مع اقتراب وجه المحقق وفمه من وجوه الأسيرة، حيث تطاير من فمه اللعاب والرائحة النتنة.

كان المحقق يصرخ بعد أن يقرب وجهه من الأسيرة بينما يتطاير من فمه اللعاب والرائحة النتنة

ما أورده تحقيق "هآرتس" ليس كل شيء، وفق ما أفادتنا به الأسير لمى خاطر، إحدى الأسيرات اللواتي ذكرتهن الصحيفة، مضيفة، "إذا بدهم يكتبوا كل شي صار رح يحتاجوا مساحة كبيرة، فعندما قدمنا هذه الشكوى كنا في الاعتقال، وخلال ذلك التقينا المحامية علا اشتيوي ثلاث ساعات للحديث بالتفصيل عن ما تعرضنا له".

اقرأ/ي أيضًا: هدايا الأسيرات: فيض حُب وأمل حرية 

وأوضحت خاطر، أن المحققين الـ13 شاركوا في التحقيق معها، وأحدهم وكان يُقدم نفسه باسم "مارسيل" كان يُكثر من استخدام تعابير بذيئة وإيحاءات جنسية خلال تحقيقه معها طوال الليل.

وأضافت أن المحقق "مارسيل" قال لها إن جدّها بالتأكيد أحد رجال الخليل الذين اغتصبوا نساء يهوديات خلال "مجزرة 1929"، قاصدًا بذلك أحداث ثورة البراق، وعندما أجابت بأن جدّها ليس من الخليل أصلاً، قال: "معناها جد زوجك".

محقق استخدام ألفاظًا بذيئة وإيحاءات جنسية خلال التحقيق مع لمى خاطر، وعندما اشتكت لمديره قال: كل شيخ وطريقته

وبيّنت خاطر، أنها أبلغت مدير التحقيق في اليوم التالي، فقال: "كل شيخ وطريقته".

وأشارت إلى أن أحد المحققين أبلغها بأنهم يريدون إرسال رسالة إلى حركة حماس بأنه لا توجد حصانة للنساء إذا أرادت استخدامهن في أنشطتها، وأن إسرائيل مستعدة لاعتقال النساء والتحقيق معهن مثل الرجال في هذه الحالة. وأضافت، "أرادت إسرائيل أيضًا ردع المجتمع، ولذلك كانت تستدعي نساءً للتحقيق ومعهن أزواجهن".

الأسيرة دينا الكرمي أكدت لنا أن جنود الاحتلال لم يسمحوا لها بارتداء النقاب منذ لحظة اعتقالها، وكذلك طوال التحقيق معها، مضيفة أنها قدمت شكواها حول كافة أساليب التحقيق والتعذيب الجسدي والنفسي، إضافة لما تعرضت له من تحرش جنسي لفظي من قبل المحققين الذين ذكرتهم بالاسم في شكواها.

وتضيف بأنه في اليوم الثامن للتحقيق معها دخل محققٌ اسمه مارسيل إلى غرفة التحقيق وقال لها بسخرية: "أنا اللي قتلت نشأت، جوزك الفار خلصنا عليه عملناه منخل"، وهو ما تطرقت له خاطر أيضًا، مؤكدة أن المحقق "مارسيل" قال لها: "احنا الي صفينا نشأت الكرمي مثل الفار".

قال المحقق لدينا الكرمي: "انا الي قتلت زوجك مثل الفار"، هذا عدا عن التحرش اللفظي واتهامها في شرفها

وأوضحت الكرمي، أن المحقق عرض عليها صورة ادعى أنها تعود لعائلة ضحايا مستوطنين استهدفتهم عمليات المقاومة، وقال لها إن هذا "عملٌ إجراميٌ ولا ذنب لهذه العائلة بأن تعاني ألم فقد أحد أفرادها".

ومنذ تلك الجلسة وعلى امتداد 48 ساعة متواصلة لم يتوقف المحقق عن التحرش الجنسي اللفظي بالأسيرة الكرمي "بأسلوب في غاية القذارة" كما وصفته، وصل إلى اتهامها في شرفها والتشكيك في أخلاقها.

وأشارت صحيفة "هآرتس" في تحقيقها إلى أن اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، وهي منظمةٌ حقوقيةٌ تواجه انتقاداتٍ من الحكومة الإسرائيلية، تقدمت بـ1200 شكوى منذ عام 2001 تُفيد بتعرض أسرى فلسطينيين للتعذيب لدى "الشاباك"، لكن تم فتح تحقيق جنائي في حالة واحدة.


اقرأ/ي أيضًا: 

موعد أول مع حيفا

ما وراء الضحكة

أسيرات الثورة: لم يحفظوا كرامتنا في الكبر