28-أبريل-2024
تزحف أكوام القمامة ومياه الصرف الصحي باتجاه خيام النازحين في المخيمات العشوائية التي أقاموها بعد الحرب على غزة

انعدام النظافة أبرز أسباب تفشي الأمراض المعدية في غزة

بشكل متسارع، تزحف أكوام القمامة ومياه الصرف الصحي باتجاه خيام النازحين في المخيمات العشوائية التي أقاموها بعد الحرب على غزة في وسط قطاع غزة وجنوبه، ما يزيد من معاناتهم ويفاقم انتشار الأوبئة والأمراض خاصة بين الأطفال.

انعدام الأدوية وأدوات التنظيف والمعقمات في النقاط الطبية المنتشرة في مدينة رفح، "فغالبية هذه النقاط تكتفي بتقديم الاستشارة الطبية فقط دون صرف العلاج لعدم توفره"

أم محمد الرقب (48 عامًا)، التي نزحت من مدينة خانيونس إلى رفح، تقول إن مياه الصرف الصحي "المجاري" المتجمعة أمام باب خيمتها أدت إلى إصابة أطفالها الأربعة بعدة أمراض، خاصة مع شح المياه وانتشار القمامة والروائح الكريهة.

وتضيف أم محمد الرقب، "منذ نزوحي إلى رفح قبل ثلاثة أشهر، أصيب اثنان من أطفالي بالتهاب الكبد الوبائي (أ)، كما أصيبا بالحساسية، والنزلات المعوية، والقمل".

تجمع مياه الصرف الصحي بين خيام النازحين برفح
تجمع مياه الصرف الصحي بين خيام النازحين برفح -EPA

وتابعت: "الأمراض حرب ثانية علينا. هربنا من بيوتنا حفاظًا على حياة أطفالنا، لكنهم إن لم يموتوا بسبب القصف فإنهم سيموتون بالأمراض".

وأشارت إلى انعدام الأدوية وأدوات التنظيف والمعقمات في النقاط الطبية المنتشرة في مدينة رفح، "فغالبية هذه النقاط تكتفي بتقديم الاستشارة الطبية فقط دون صرف العلاج لعدم توفره".

أم محمد ورش آغا (34 عامًا)، نازحة من بيت لاهيا، أصيبت طفلتها بالجدري، كما أصيب رضيعها بالريقان والنزلات المعوية أكثر من مرة، وهذا أدى إلى فقدانه الشهية.

وتابعت ورش آغا، وهي تضع رضيعها على كتفها وقد بدا هزيلًا وضعيفًا، أحرص على تنظيفه باستمرار للحفاظ على صحته، لكن للأسف المياه شحيحة ونضطر لجلبها من أماكن بعيدة جدًا.

وأوضحت، أنه لعدم توفر أحذية يلبسها أطفالها، فإنهم يقومون بنقل النجاسات من الأرض إلى داخل الخيام والفراش، الأمر الذي أدى إلى انتشار الأمراض بينهم وبين الأطفال في الخيم المجاورة، مثل مرض الجدري والكبد الوبائي والريقان والإسهال.

حال النازحتين الرقب وورش أغا، يبدو أقل سوءًا بكثير من حالة سماح الشافعي (50 عامًا)، النازحة من جباليا في شمال قطاع غزة إلى رفح، إذ اضطرت إلى إحاطة خيمتها بمجموعة من الأكياس المعبأة بالرمال لضمان عدم تكرار تسرب المياه العادمة (المجاري) إلى خيمتها.

وتبين سماح الشافعي، أن ابنها، وهو من ذوي الإعاقة، سقط داخل حفرة لمياه الصرف الصحي المجاورة تمامًا لخيمتها، وانتشله بعض الشبان في حالة يرثى لها.

وأضافت، أن ابنتها أصيبت بالتهاب الكبد الوبائي (أ)، وعندما ذهبت بها إلى الطبيب ذهل من حجم الصفار الذي انتشر على وجهها، وأوصاها بأن تأكل العسل والدبس لمساعدتها على التخلص من هذا المرض.

وتشكو الشافعي، التي بدا وجهها شاحبًا، من عدم توفر المال لديها لشراء العسل وتوفير أدوات صحية وفراش خاصة لابنتها لضمان عدم نقل العدوى إلى باقي أطفال العائلة.

من جانبه، الطبيب عماد الهمص، مشرف قسم الأطفال في المستشفى الكويتي بمدينة رفح، أكد أن الكثير من الأطفال يترددون يوميًا على المستشفى، مصابين بالتهاب الكبد الوبائي (أ) والالتهابات الجلدية بشكل عام خاصة "الجرب".

الكثير من الأطفال يترددون يوميًا على المستشفى، مصابين بالتهاب الكبد الوبائي (أ) والالتهابات الجلدية بشكل عام خاصة "الجرب"

وأضاف عماد الهمص لـ الترا فلسطين، أن هناك تزايدًا في حالات الإصابة بالالتهابات الرئوية كذلك، خاصة في صفوف الأطفال الرضع دون سن عام، وذلك بسبب انتشار الأدخنة واشعال النيران.

وبيّن الهمص، أن انتشار الأمراض المذكورة في صفوف الأطفال يعود إلى انعدام النظافة وشح المياه الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي، والعيش داخل تجمعات مزدحمة في الخيام والمدارس، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار العدوى بسهولة، خاصة مع انعدام المناعة لدى الأطفال.

وشدد عماد الهمص على وجوب علاج الأطفال المصابين بهذه الأمراض في المراحل الأولى للمرض، مضيفًا أن التأخر في العلاج قد يدخل الطفل المصاب في مراحل أكثر خطورة، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة بسبب ذلك.

وأكد الهمص، أن هناك نقصًا كبيرًا في الأدوية التي يحتاجها الأطفال للتغلب على الأمراض المنتشرة في صفوفهم.

يُذكر أن الأمم المتحدة حذرت من أن النقص المقلق في الغذاء، وسوء التغذية المتفشي، والانتشار السريع للأمراض، هي عوامل قد تؤدي إلى انفجار في عدد وفيات الأطفال في قطاع غزة.