كشف تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، اليوم الثلاثاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم قاعدة تابعة للأمم المتحدة بشكل واضح واستخدم مادة الفوسفور الأبيض الحارقة بالقرب من القاعدة، مما أدى إلى إصابة 15 من قوات حفظ السلام، وفقًا لتقرير سريّ يوثق عشرات الحوادث التي هاجم فيها جيش الاحتلال قوات دولية في لبنان.
التقرير، الذي أعدته دولة تساهم بقوات في "اليونيفيل"، وتم الاطلاع عليه من قبل الصحيفة، يوضح أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت قوات "اليونيفيل"، وهي القوة الأممية المكلفة بمراقبة الحدود الفعلية بين لبنان والاحتلال، في عدة مناسبات. كما تسبب جيش الاحتلال في أضرار بالعديد من المنشآت وإصابات في صفوف القوات الدولية المتمركزة في المواقع الحدودية بجنوب لبنان.
في هجوم آخر وقع في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، قصفت قوات الاحتلال مخبًأ تابع للأمم المتحدة في "اللبونة" كان يحتمي به جنود إيطاليون
وأشارت "اليونيفيل" إلى أن هذه الهجمات تُعتبر "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي". ولم ترد قوات الاحتلال على طلب الصحيفة للتعليق على هذه الاتهامات.
وزعمت إسرائيل قوات "اليونيفيل" بأنها تُستخدم كـ"درع بشري" من قبل مقاتلي حزب الله، الذي يقاتل بالقرب من مواقع تابعة للقوة الأممية على طول الحدود. كما طالبت إسرائيل الأمم المتحدة بإجلاء قوات حفظ السلام من جنوب لبنان حفاظًا على سلامتهم، إلا أن "اليونيفيل" والدول الخمسين التي تساهم بقواتها رفضت ذلك بشكل قاطع.
وبينما كانت المواجهات في الأيام الأولى بالقرب من مواقع الأمم المتحدة، فإن التقرير يشير إلى أن قوات الاحتلال بدأت في استهداف مباشر لقواعد "اليونيفيل" بعد الثامن من تشرين الأول/أكتوبر هذا العام. في هجوم وقع في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، أصيب جنديان من قوات حفظ السلام عندما أطلقت دبابة إسرائيلية من طراز "ميركافا" النار على برج مراقبة تابع للقوات الدولية في مقرها في الناقورة، مما أدى إلى انهيار البرج وإصابة الجنديين. ويظهر في التقرير صورة لثقب كبير في البرج، أشار إليها ريتشارد وير، الباحث في النزاعات والأسلحة بمنظمة هيومن رايتس ووتش، بأنها تتسق مع آثار النيران المباشرة.
وفي هجوم آخر وقع في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، قصفت قوات الاحتلال مخبًأ تابع للأمم المتحدة في "اللبونة" كان يحتمي به جنود إيطاليون. وذكر التقرير أن القصف استهدف مدخل المخبأ بعد أن أجرت القوات الإسرائيلية عمليات مراقبة بالطائرات بدون طيار ودمرت الكاميرات المثبتة في الموقع في اليوم السابق. وتظهر الصور في التقرير كومة كبيرة من الأنقاض تحت ثقب في زاوية أحد المباني.
وفي الساعات الأولى من صباح 13 تشرين الأول/أكتوبر، اقتحمت دبابات إسرائيلية من طراز "ميركافا" البوابة الرئيسية لإحدى قواعد "اليونيفيل". وبعد احتجاجات من القوة الأممية، انسحبت الدبابات بعد 45 دقيقة، لكن بعد ساعة، أُطلقت عدة قذائف على بعد 100 متر شمال القاعدة، وأطلقت "دخانًا مشتبهًا بأنه فوسفور أبيض" انتشر داخل القاعدة، مما أسفر عن إصابة 15 جنديًا من قوات حفظ السلام.
ويوضح التقرير بالصور الدبابات وهي تجتاح بوابة القاعدة، والجدران المحيطة المتضررة، والدخان الأبيض الذي غطى المنطقة. وأقرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن إحدى دباباته دخلت "لبضعة أمتار" داخل موقع تابع لـ"اليونيفيل"، لكنه قال إن الدبابة كانت تحاول، تحت النيران، إجلاء جنود مصابين. كما أضاف الجيش أن "ستارًا دخانيًا" قد تم إنشاؤه لتوفير الغطاء اللازم.
ورغم أن إسرائيل قد دافعت سابقًا عن استخدامها للفوسفور الأبيض بما يتماشى مع القانون الدولي، إلا أن جماعات حقوقية وثقت استخدام إسرائيل لهذه المادة في لبنان خلال العام الماضي. ويعدّ استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المأهولة بالسكان محظورًا بموجب القانون الدولي، لكن يتم استخدامه أحيانًا كأداة عسكرية للتغطية أو كوسيلة لطرد القوات المعادية، وفقًا لريتشارد وير.