الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
على مدار ثلاث سنوات بعد تقاعده من جهاز "الشاباك"، كانت المهمة اليومية ليعقوب ينيف، تجميل صورة الصهيونية في عيون فلسطينيين من المقبلين على التطبيع، وإحداث صدع في الرواية التي يتبنونها عن الصهيونية و"إسرائيل"، مستندًا إلى خبرته الطويلة في العمل الاستخباري من جهة، ولخبرته في المجتمع الفلسطيني واللغة العربية وسلوك الشبان في مواقع التوصل الاجتماعي من جهة أخرى.
كانت المهمة اليومية ليعقوب ينيف، تجميل صورة الصهيونية في عيون فلسطينيين من المقبلين على التطبيع
وفي حديث مع الإذاعة العبرية العامة تابعه الترا فلسطين، يروي يعقوب، أنه تعلم اللغة العربية في سن الرابعة عشر في مدرسةٍ "هغمناسيا" التي خرّجت عددًا كبيرًا من نخبة "إسرائيل" العسكرية والسياسية والأمنية والفنية، وهي تقع في حي "رحافيا" الذي يُعتبر أحد أرقى أحياء القدس، وكانت تُقيم فيه نخبة المشروع الصهيوني وكبار موظفي الوكالة اليهودية.
اقرأ/ي أيضًا: عاهرات الصهيونية من أجل احتلال القدس
وأشار يعقوب إلى إنه اختار تعلم اللغة العربية لأن إتقانها "سيمنحه القدرة على المساهمة في تعزيز أمن الدولة" وفق قوله. ثم بعد انضامه لجهاز "الشاباك"، أتقن اللهجة الفلسطينية المحكية في "هألبان"، وهو المعهد الذي يؤهل ضباط "الشاباك" لإتقان اللغة العربية ولهجاتها، ومعرفة مبادئ الدين الإسلاميّ والثقافة العربية وعادات أهل البلاد وتقاليدهم، وكذلك أجزاء من القرآن الكريم، ومعاني الآيات.
وبيّن، أن الدراسة في المعهد كانت مكثفة والمساقات جذرية جدًا ومركزة، حيث كانوا ينصتون إلى الإذاعات العربية، ويشاهدون القنوات، ويقرأون الصحة والرسائل السرية (الكبسولات) التي كان يتبادلها رجال المقاومة الفلسطينية داخل السجون مع الخارج.
بعد هذا التأهيل، وخبرة ثلاثين سنة في العمل الاستخباري، صار يعقوب مرشدًا للفلسطينيين الذين تجلبهم منظمات التطبيع لزيارة متحف "ياد ڤاشيم"، وهي مؤسسة إسرائيلية رسمية، ومجمع يحتوي متاحف ومعارض، تُصور ما يوصف بأحداث الهولوكوست عبر وثائق وأفلام دعائية.
يشرح يعقوب عمله في المتحف بالقول إنه يتولى الشرح للفلسطينيين عن المحرقة النازية، "فالأمر ليس سهلاً، لأن هؤلاء إما أن يكونوا بلا أدنى علم، أو بالحد الأدنى، أو أن لديهم معلوماتٌ بأن عدد الضحايا لم يصل إلى ستة ملايين يهودي، فكيف لي أن أشرح لهم في جولة مدتها ساعتين؟".
نستهل الجولة بشرب شيء ما، ثم نجلس فأعرّفهم بنفسي دون أن أستعرض أمامهم كامل سيرتي الذاتية والمهنية
ويضيف، "نستهل الجولة بشرب شيء ما، ثم نجلس فأعرّفهم بنفسي دون أن أستعرض أمامهم كامل سيرتي الذاتية والمهنية، لإنني لو بُحت لهم بالجزء المتعلق بخدمتي في الشاباك، فإن ذلك سيقيم حاجزًا عظيمًا يحول بيني وبينهم".
وتابع، "أتحدث معهم كإنسان إلى إنسان، فأنظر إلى عيونهم وأروي تجربتي بأنه لم يكن لي جدٌ لأنه قُتِل في المحرقة، وأخبرهم بقصتي الشخصية، بصفتي فقدت معظم أبناء عائلتي في الكارثة، وعن حلمي عندما كنت طفلاً بأن أجلس في حضن جدي وأشد لحيته".
وأشار إلى أنه في نهاية اللقاء لا يدري مدى تأثيره، "لكن أنا على يقين أني أُحدِث صدعًا، ففي النهاية يخرجون غارقين بالتفكير" حسب قوله.
في نهاية اللقاء لا يدري مدى تأثيره، "لكن أنا على يقين أني أُحدِث صدعًا، ففي النهاية يخرجون غارقين بالتفكير"
ويروي يعقوب أنه يستخدم أسلوب "الصدمة" في نهاية الجولة لإحداث التأثير المرغوب، فالجولة تنتهي عند شرفة المتحف حيث "المنظر في غاية الروعة" كما يصفه، وهنا يطلب من الزوار المطبعين الاصطفاف على شكل دائرة، ويقول لهم: "أنا أحبكم وأحب ثقافتكم وقرآنكم، وأتحدث لغتكم"، ثم يروي لهم "طرائف وأمثالا".
بعد ذلك، يُخاطب يعقوب، الزوار المطبعين قائلاً: "أنا صهيوني"، ثم يصمت 20 ثانية لتحدث الصدمة. ويوضح، أن هذا القول "يستحضر في أذهانهم كمًا هائلاً من الصور المتخيلة الأكثر سلبية".
وأضاف، "ثم أشرح لهم لماذا أنا صهيوني، وعندما أنهي شرحي الذي يستمر 10 دقائق، تقع ظواهر غربية، فالأمر العادي هو التصفيق مرتين منفصلتين، لكن ذات مرة تقدمت نحوي امراتين من الدائرة، قمن بتقبيل جبهتي ثم تراجعتا للخلف، إحداهما بدأت بالبكاء".
وكان موقع "واللا" العبري قد كشف في عام 2010 عن جولة شاركت فيها 14 امرأة فلسطينية، نظمتها جمعية العائلات الثكلى المشتركة (فلسطينية - إسرائيلية)، وهناك تعرضن لسيلٍ من الشتائم التي أطلقها شبانٌ يهودٌ، تضمنت وصفهن بالعاهرات، بعد أن علموا أنهن فلسطينيات.
اقرأ/ي أيضًا: