اتّهمت دينيس الحموري والدة المحامي صلاح الحموري، السلطات الفرنسية بالتقصير في مواجهة القرار الإسرائيلي بسحب الهوية المقدسية من نجلها، ومن ثم إبعاده صباح اليوم الأحد، إلى فرنسا.
والدة صلاح الحموري: كان يحب القدس ولا يريد الخروج منها، وعبّر عن رفضه لقرار الترحيل مرارًا، وقرار إبعاده أمر خطير للغاية
وعقّبت دينيس الحموري على إبعاد نجلها إلى فرنسا، بالقول لـ "الترا فلسطين" إنها تعيش صدمة كبيرة، ولم تتمكن من رؤية "صلاح" في اللحظات الأخيرة.
وحول تفاصيل الإبعاد، أفادت، أنها تبلّغت يوم أمس من السفارة الفرنسية بقرار إبعاد صلاح صباح اليوم، وطلبت منهم ترتيب لقاء معه، لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم ترد على طلب السفارة الفرنسية بترتيب لقاء مع والدته قبل إبعاده.
وأضافت، أنه تم نقل صلاح عند منتصف الليل من سجن هداريم، وعند الساعة 6 صباحًا أجبر على ركوب الطيارة وجرى ترحيله إلى فرنسا، على متن رحلة لشركة الطيران الاسرائيلية العال بين تل أبيب وباريس.
جرى ترحيل صلاح الحموري إلى فرنسا، على متن رحلة لشركة الطيران الاسرائيلية العال بين تل أبيب وباريس
وأكدت الحموري أن ابنها صلاح يحب القدس ولا يريد الخروج منها، وعبّر عن رفضه لقرار الترحيل مرارًا، وقرار الإبعاد هو أمر خطير للغاية، ولا يمس صلاح لوحده، وإنما جميع أهالي القدس.
وحول موقفها من الدور الفرنسي، سيما وأنها وصلاح وزوجته يحملون الجنسية الفرنسية، أفادت أن السفارة الفرنسية كانت تتحدث باستمرار عن قضية صلاح وتصدر مواقف ضد الاعتقال الإداري وتطالب بخروجه من السجن، ولكن الحديث لوحده لم يكن كافيًا.
أما بخصوص خطوات مواجهة القرار، فقالت دينس إن العائلة تعيش في حالة صدمة، لكنها ستدرس مع المحامين ومع صلاح ماهيّة الخطوة القادمة، ولكن في كل الأحوال صلاح لن يتوقف عند هذا الإبعاد، فهو يريد أن يرجع إلى القدس وسيفعل كل ما يقدر عليه حتى يعود هو وزوجته وأطفاله.
زوجته إليسا لوفور: صلاح سيكون في فرنسا، صوت الشعب الفلسطيني
أمّا زوجة صلاح الحموري، إلسا لوفور، فقالت لوكالة فرانس برس إن "الخطوة الأولى ستكون أن نلتقي مجددًا، فهناك وقت يجب تعويضه مع العائلة، لكن صوت صلاح لن يتلاشى مع هذا المنفى القسري"، مؤكدة أنه "سيكون في فرنسا، صوت الشعب الفلسطيني".
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الداخلية الإسرائيلية صباح اليوم الأحد، إبعاد المحامي الفلسطيني صلاح الحموري إلى فرنسا، بعد 9 أشهر من اعتقاله إداريًا "بلا تهمة".
وقالت وزارة الداخلية الاسرائيلية في بيان إن صلاح حموري "تم ترحيله صباح اليوم إلى فرنسا بعد قرار وزيرة الداخلية ايليت شاكيد سحب تصريح إقامته".
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الفرنسية، اليوم، إبعاد "إسرائيل" للمحامي الفرنسي الفلسطيني صلاح الحموري، دون توجيه تهمة رسمية له، معتبرة ذلك "مخالفًا للقانون". وقالت في بيان: "ندين اليوم قرار السلطات الإسرائيلية المخالف للقانون بطرد صلاح الحموري إلى فرنسا".
وزارة الخارجية الفرنسية: "ندين قرار السلطات الإسرائيلية المخالف للقانون بطرد صلاح الحموري إلى فرنسا"
وأكدت الخارجية الفرنسية معارضتها لطرد فلسطيني مقيم في القدس الشرقية، وهي أرض محتلة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
بدورها أصدرت الحملة الدولية للعدالة لصلاح بيانًا أرسلت منه نسخة إلى "الترا فلسطين"، أكدت فيه أن إبعاد "صلاح" جرى بشكل غير قانوني بتهمة "خرق الولاء" لدولة الاحتلال.
وأضافت، أن مثل هذه الخطوة تشكّل جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي، تتمثل في الترحيل القسري لمدني فلسطيني من الأرض المحتلة. واعتبرت أن ذلك يمثّل تصعيدًا مروِّعًا في سياسات وممارسات "إسرائيل" الممنهجة للتطهير العرقي للفلسطينيين من القدس المحتلة.
الحملة الدولية للعدالة لصلاح: إبعاده جرى بشكل غير قانوني بتهمة "خرق الولاء" لدولة الاحتلال
وأوردت أنه "على الرغم من عقود من المضايقات والاعتداءات الاسرائيلية، لم يتنازل صلاح عن كرامته ومطلبه الأساسي، وهو البقاء في مسقط رأسه ومدينته التي أحب، القدس، وقالت إن ذلك "حب صلاح للقدس يجسد العلاقة الفلسطينية التي لا تتزعزع بهذه المدينة رغم السياسات الوحشية ضده لعقود من الزمن، فلم تفعل هذه الوحشية شيئاً لقطع الرابط الفلسطيني، أو إضعاف الصمود الفلسطيني بالبقاء في فلسطين، والقدس بالتحديد".
كما أكد صلاح الحموري في رسالة من سجن هدريم قبل إبعاده أن الفلسطيني يأخذ معه حيثما ذهب قضية شعبه وهذه المبادئ "نحمل الوطن معنا إلى حيث تنتهي بنا الطريق".
وأضافت الحملة في بيانها أن "الترحيل القسري لصلاح ليس سوى آخر مرحلة في مضايقات إسرائيل القضائية والإدارية لأكثر من عقدين ضده وعائلته وعمله في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن الأسرى الفلسطينيين. بات صلاح هدفاً رئيسياً لسياسات "إسرائيل" في ترهيب وإسكات أولئك الذين يتحدون نظامها القمعي العنصري، بما في ذلك الاعتقالات المتكررة (غالباً بدون تهمة أو محاكمة)، واستخدام العنف ضده، وفصله عن أسرته (بما في ذلك من خلال ترحيل زوجته قبل بضع سنوات)، بالإضافة إلى استهدافه من خلال برامج التجسس والمراقبة، ومؤخرًا، وتجريده من حق الإقامة في القدس بحجة "خرق الولاء". يجسد هذا القرار نظام الفصل العنصري الإسرائيلي الاستعماري المفروض على الشعب الفلسطيني منذ عقود".
من جانبه ذكر نادي الأسير أنّ سلطات الاحتلال أبعدت "الحموري"، إلى فرنسا، رغم أنّ الإجراءات القانونية التي كانت مقررة في قضيته لم تنته بعد، حيث قررت محكمة الاحتلال الإبقاء عليه حتّى الأول من كانون الثاني/ يناير المقبل، إلى حين البت في قرار إبعاده، وسحب هويته المقدسية.
وقال نادي الأسير: "إن منظومة الاحتلال لم تكتف بأجهزتها المختلفة على مدار سنوات من ملاحقته، واعتقاله، وإبعاده عن القدس، ومحاولات الاقتلاع المستمرة بحقّه وعائلته، إضافة إلى عمليات التضييق التي تمت على عمله الحقوقيّ، لتستكمل هذه الجريمة اليوم بإبعاده".
وتابع نادي الأسير في بيان له أنّ قضية الحموري، أثبتت مجددًا فشل المنظومة الدّولية في حماية الشعب الفلسطينيّ كأفراد وجماعات، حتى في أبسط حقوقهم، كالحقّ في المواطنة.
وشدّد نادي الأسير على أنّ قضية الحموري مؤشر ورسالة على أنّ الاحتلال اتخذ قرارًا باستعادة جريمة الإبعاد، التي شكّلت على مدار العقود الماضية، أخطر السّياسات التي نفّذت بحقّ المئات من الطلائعيين الفلسطينيين، وذلك في محاولة لتقويض أي دور يمكن أنّ يساهم في تقرير المصير الفلسطينيّ.
وبيّن النادي، أنّ سياسة الإبعاد شكّلت على مدار السنوات القليلة الماضية، أبرز الأدوات التي استخدمتها سلطات الاحتلال بحقّ المقدسيين، والتي نُفّذت على عدة مستويات، بدءًا من عمليات إبعاد المقدسيين عن بيوتهم، وعن المسجد الأقصى، وإبعادهم خارج مدينة القدس، حتّى تحوّل الإبعاد إلى نهج في قرارات محاكم الاحتلال في القدس، وما إبعاد الحموري إلا جزءًا من هذا المسار، الذي يهدف إلى محاربة الوجود الفلسطينيّ خاصّة في القدس.
المحامي المبعد إلى فرنسا، صلاح الحموري في رسالة من سجنه قبل الإبعاد: "نحمل الوطن معنا إلى حيث تنتهي بنا الطريق"
وكانت سلطات الاحتلال وفي الـ30 من نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، أبلغت الحموري والذي كان في حينه رهنّ الاعتقال الإداريّ، أنّه سيتم إبعاده إلى فرنسا، وسحب هويته المقدسية، وفي الأول من كانون الأول / ديسمبر، عُقدت جلسة محكمة خاصّة بقضيته، ورفض الحموري حضور المحكمة لعدم وجود محام يمثله، كما أنّه رفض قرار إبعاده.
وفي الخامس من كانون الأول/ ديسمبر انتهى أمر الاعتقال الإداريّ بحقّه، وقررت المحكمة في اليوم التالي بعد جلستي محكمة عقدت له، الإبقاء عليه إلى حين البتّ في قرار إبعاده، وسحب هويته.
وفي هذا الإطار دعا نادي الأسير الحركة الوطنية، إلى "التوقف مطولًا عند التحولات الكبيرة، والهائلة التي نشهدها"، في ظل تصاعد حكومة اليمين المتطرف سدة الحكم في "إسرائيل".
وصلاح الحموري هو محامٍ وحقوقيّ، وهو أسير سابق وأحد محرري صفقة "وفاء الأحرار"، أمضى أكثر من 9 سنوات في سجون الاحتلال وتعرّض للاعتقال والملاحقة والتضييق على عمله الحقوقيّ، وأعاد الاحتلال اعتقاله في شهر آذار/ مارس العام الجاري إداريًا، علمًا أنّه متزوج وأب لطفلين.