21-فبراير-2021

الترا فلسطين | فريق التحرير

لم يكن الشاب عبد الله فراني (21 عامًا) يعرف وهو في طريق عودته من تركيا إلى منزله في رام الله، بأن هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي سيسافر بها خارج حدود الأراضي الفلسطينية، وبأن عليه سجن نفسه مجبرًا في رام الله اعتبارًا من العام 2019.

عبد الله فراني، عنوانه لدى الاحتلال غزة، بينما في الهوية وجواز السفر رام الله

في شهر أيلول/سبتمبر عام 2019، وعند نقطة التفتيش الحدودية الإسرائيلية أو ما تعرف بجسر اللنبي، أبلغ موظف الأمن الإسرائيلي عبد الله -وهو عائد إلى رام الله- بأن عنوانه الحقيقي المسجل لديه هو غزة، وليس رام الله كما هو مكتوب في الهوية وجواز السفر، وبأن عليه مراجعة "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال في "بيت إيل".

منذ ذلك الوقت بدأت معاناة شاب في مقتبل العمر كي يصحح عنوان سكنه، فكابوس الترحيل إلى غزة ظل حاضرًا معه.

عبد الله فراني

اليوم الأحد، شارك عبد الله إلى جانب العشرات في اعتصام أمام هيئة الشؤون المدنية برام الله، لمطالبة الجهات الرسمية -وعلى رأسها الشؤون المدنية صاحبة الاختصاص- بتحريك ملف لم الشمل، والعمل على إصدار هويات شخصية لهم، تضمن حقهم في العيش الكريم.

مؤخرًا، نظَّم أصحاب هذا الملف أنفسهم عبر صفحةٍ على "فيسبوك" حملت عنوان "لم الشمل حقي"، وأقاموا عددًا من الوقفات المتزامنة بين رام الله وغزة، وهذه الوقفة الثانية لهم في أقل من شهر.

يقولون: "نحن فاقدي الهوية الفلسطينية، من داخل فلسطين وخارجها نطالب ونناشد المسؤولين للعمل على منحنا الهوية الفلسطينية".

يقدر عدد المطالبين بلم الشمل بحوالي 22 ألف شخص

عرض الشاب فراني على الترا فلسطين هويته الشخصية وجواز السفر، حيث العنوان فيهما رام الله، ومكتوب أن مكان الولادة هو مستشفى رام الله الحكومي عام 1999، بينما شهادة الميلاد التي استصدرها مؤخرًا تحمل عنوان غزة.

هذا التضارب جعل فراني حبيس رام الله، وبالرغم من كافة الجهود التي بذلها، إلا أنه لم يفلح حتى اليوم في تصحيح عنوان سكنه.

يقول فراني: "أنا من مواليد رام الله وترعرت هنا ودرست في الرام، ووالدي من مواليد قلنديا وعنوانه الرام، وأمي مصرية، وطوال 21 عامًا لم أكن إلا في رام الله، ولا أعرف شيء عن غزة إلا أن لي أعمام فيها".

وأوضح، أنه خلال رجوعه من رحلة إلى تركيا عام 2019، استغرب موظف الأمن الإسرائيلي على المعبر كيف استطاع أن يسافر، والآن هو يرجع من نفس المعبر الحدودي، بالرغم أن عنوانه المسجل لديه هو غزة، بخلاف ما هو مكتوب في جواز السفر والهوية الشخصية.

خيارات فراني في العمل محدودة، ولا يحمل هويته الشخصية معه خلال تنقله خوفًا من ضياعها

وتابع، "راجعت وزارة الداخلية في رام الله للاستفسار عن الخلل، وأبلغوني بأن هذا ما وصلهم، والخلل من الجانب الإسرائيلي، ولدى مراجعة الإسرائيليين قالوا عكس ذلك. وكلا الطرفين يرمي بالمسؤولية على الآخر". 

خيارات فراني في العمل محدودة، فهو يعمل اليوم في مخبز برام الله، ولا يحمل هويته الشخصية معه خلال تنقله داخل المدينة، كي لا تضيع ويضطر لاستصدار هوية جديدة تحمل عنوان غزة. أما الخروج من هذه المدينة فهو محرم، خوفًا من أنه في حال توقيفه من قبل الاحتلال التحقق من هويته سوف يرحل إلا غزة.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فهو يخشى أن يتزوج لأنه إذا ما أنجب أطفالاً فسوف يكون عنوانهم غزة.

يخشى عبد الله فراني أن يتزوج لأنه إذا ما أنجب أطفالاً فسوف يكون عنوانهم غزة

لذا، يطالب -من خلال مشاركته في هذه الوقفات- المسؤولين الفلسطينيين بالضغط على سلطات الاحتلال وتحريك الملف لتصحيح عنوان سكنه إلى رام الله.

هذه القضية لا تقتصر على فلسطينيين حائرين بين عناوين قطاع غزة ورام الله والضفة الغربية وكابوس الترحيل من جانب إلى آخر، بل من بين من يطالبون بالحصول على الهوية عربٌ وأجانب تزوجوا من فلسطنيين ولم يحصلوا على الهوية حتى اليوم.

ويقدر عدد المطالبين بلم الشمل بحوالي 22 ألف شخص.


اقرأ/ي أيضًا: 

عن "قَتْلة" العريس في يوم دخلته

شقائق النعمان.. أسطورة الدم والحب