08-ديسمبر-2021

مشهد من فيلم أميرة

يواجه فيلم "أميرة" -المرشح من الأردن لجائزة الأوسكار- انتقادات شديدة اللهجة، على خلفية القصة والسيناريو التي يؤكد مختصون أنها خالفت الواقع، بينما تؤكد جهات مختصة في شؤون الأسرى أنه يُشوه قضية الأسرى وملف "سفراء الحرية"، في إشارة للأطفال الذين أنجبهم الأسرى في سجون الاحتلال من خلال النطف المهربة.

لا يعرض الفيلم كيف تمت عملية تبديل النطفة، ولا كيف تم اكتشاف أنه هو والد الطفلة

فيلم "أميرة" من تأليف وإخراج المصري محمد دياب، ويروي قصة طفلة فلسطينية، ابنة أسير في سجون الاحتلال وُلِدت بعد اعتقاله عبر تهريب النطف، ثم عند وصولها إلى عمر المراهقة قرر أبوها إنجاب طفل آخر بنفس الطريقة، فتبين بعد فحص نطفته أنه لا يُنجب، لتبدأ "معاناة" الفتاة في رفض أهلها والمجتمع لها، مقابل بحث أهلها عن والدها الفعلي ليتبين أنه ضابطٌ في سجون الاحتلال.

اقرأ/ي أيضًا: 7 أفلام فلسطينية وصلت العالمية

بديعة زيدان، صحافية متخصصة في الشأن الثقافي، شاهدت الفيلم في افتتاح مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في الأردن، وأكدت أنه فيلم خيالي وقائم على أفكار غير واقعية. أحد هذه الأفكار هي الحبكة الرئيسية في العمل، وهي استحالة تبديل نُطف الأسرى، فعملية تهريب النطف تحدث بسرية شديدة ودون علم سجاني الاحتلال، منوهة أن الضابط الإسرائيلي لا يظهر في الفيلم على الإطلاق، ولا يعرض الفيلم كيف تمت عملية تبديل النطفة، ولا كيف تم اكتشاف أنه هو والد الطفلة.

الشاب "م. ك" كان أحد من هربوا نطفة أسير أثناء الإفراج عنه من سجون الاحتلال، وقد أوضح أن العملية تمت في اللحظات الأخيرة قبل الإفراج، لأن العينة لا تستطيع البقاء فترة طويلة بين فترة منح العينة ثم وضعها في مواد خاصة بها، مبينًا أنه هرَّب النطفة في ثيابه بطريقة خاصة فضَّل عدم توضيحها، لكنه أشار إلى أن عملية التفتيش الدقيق التي خضع لها لحظة الإفراج حبست أنفاسه خوفًا من اكتشاف النطفة ومعاقبته هو والأسير صاحب النطفة.

رواية "م" أكدت عدم وجود فرصة لاستبدال نطفة أسير بشخص آخر، خاصة إذا كان هذا الشخص ضابطٌ إسرائيلي. وهو ما أكدت عليه أيضًا ليديا الريماوي، زوجة الأسير عبد الكريم الريماوي، مبينة أن النطفة يتم تهريبها دون علم الاحتلال وبسرية وحذر شديدين من لحظة استلام النطفة حتى حدوث الحمل.

النطفة يتم تهريبها دون علم الاحتلال وبسرية وحذر شديدين من لحظة استلام النطفة حتى حدوث الحمل

ونوهت الريماوي (وهي ثاني زوجة أسير تخوض تجربة الحمل عبر النطفة المهربة) أنها عندما أحضرت النطفة أعلن إمام المسجد في المنطقة عن ذلك خلال صلاة الجمعة، ثم عند حدوث الحمل أعلن عنه مرة أخرى في الصلاة أيضًا، مشددة أنها خاضت التجربة دون أن يكون لديها أي شك في صدق النطفة ومن أين جاءت، وأنها استلمت النطفة بيدها وسلمتها للمركز باليد أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: سينما الانتفاضة وثيماتها

وأفادت بأنها عندما توجهت إلى المركز الذي قامت فيه بعملية زراعة الجنين لإبلاغه أنها تنوي أخذ نطفة من زوجها، طلبوا منها إحضار ستة شهود من عائلتها وعائلة زوجها وأشخاص كانوا معها في الزيارة لحلف يمين بأن هذه العينة جاءت من زوجها الأسير، وهذا ما حدث.

وأضافت، أنها عندما أخذت طفلها مجد إلى سجن "نفحة" في لقائه الأول مع والده، كان عمره ثلاثة أسابيع، "حينها رأيت الصدمة والخوف على وجوه الجنود والسجانين لم يتبق جندي إلا وجاء ليتأكد أن هذا طفل، موضحة أن الاحتلال أجبر العائلة على دفع غرامة مالية بقيمة 5 آلاف شيكل، مقابل اعترافه بأن مجد ابن الأسير عبد الكريم ويحق له زيارته. وتساءلت: "كيف ستكون قصة الفيلم واقعية بعد كل ذلك؟".

خطأ آخر ورد في الفيلم، وفقًا لما أفادتنا به بديعة زيدان، وهو أن طفلة الأسير مسجلةٌ باسم عمها خارج السجون، لأنه لا يُمكن تسجيلها باسم والدها الأسير، وهو ما لم يحدث في أي حالة من عشرات حالات الولادة بالنطف المهربة، ففي كل الحالات تم تسجيل الأطفال والطفلات بأسماء آبائهم الأسرى.

خطأ آخر ورد في الفيلم، وهو أن طفلة الأسير مسجلةٌ باسم عمها خارج السجون، وهو ما لم يحدث في أي حالة من عشرات حالات الولادة بالنطف المهربة

ورأت زيدان، أن هذه الأخطاء تشير إلى أن القائمين على العمل لم يُكلفوا أنفسهم عناء البحث جيدًا في الموضوع الذي يطرحونه في الفيلم، رغم أن أشخاصًا فلسطينيين معروفين بين القائمين على العمل.

اقرأ/ي أيضًا:  الفلسطينيون على “Netflix”.. الحلقة الأولى

وأوضحت، أن الفيلم أظهر زوجات الأسرى بموقف النساء الخائنات، فوالدة الطفلة وزوجة الأسير (الفنانة صبا مبارك) عندما علمت بأن طفلتها ابنة ضابط إسرائيلي -بطريقة لا يوضحها الفيلم- زعمت أنها أقامت علاقة مع صديق زوجها، وهو أسير محرر فارق الحياة، خوفًا من أن يعلم الناس بحقيقة نسب ابنتها.

وأضافت، أن الطفلة بعد اكتشاف أمر نسبها تحولت من طفلة محبوبة لدى العائلة وتحظى برعاية خاصة، إلى طفلة منبوذة، ما جعل والدتها تنصحها بمغادرة البلاد، وقد فعلت الطفلة ذلك نتيجة يأسها، ثم لدى دخولها إلى أنفاق أطلق جنود الاحتلال الرصاص عليها وقتلوها. ولا يبدو واضحًا، بحسب زيدان، طبيعة هذه الأنفاق والوجهة التي أرادت الطفلة أن تذهب إليها من خلال الأنفاق أو سبب استخدامها في الهروب من البلاد.

سناء دقة، زوجة الأسير وليد دقة أنجبت أيضًا طفلتهما ميلاد من خلال نطفة مهربة، وفي حديثنا معها أفادت بأنها عندما علمت بموضوع الفيلم تواصلت مع الأسرى أصحاب فكرة تهريب النطف، ومع ممثلة كان يُفترض أن تشارك في العمل، "ويبدو أنها انسحبت لأن اسمها غير موجود حاليًا".

ورأت دقة، أن هذا الفيلم قد يؤدي إلى "التنمر" على الأطفال الذين ولدوا من خلال النطف المهربة، متسائلة: "ماذا يريد هذا الفيلم؟ أن يقول لأطفال النطف أنهم أولاد السجان الإسرائيلي؟".

وأكدت، أن فكرة الفيلم لا يُمكن أن تكون صحيحة، "بل تنم عن خيال مريض".

قالت الصحافية زيدان بأن الفيلم حاول أن يظهر أن الفلسطينيين متطرفين ولا يتسامحون مع اليهود

وفي لقاءات صحافية منفصلة مع المخرج محمد دياب، يُمكن ملاحظة التناقض بين تصريحات الرجل عندما يتحدث للجمهور العربي أو جمهور غربي. ففي فيديو بثَّته الهيئة الملكية الأردنية للأفلام تحدث دياب عن العمل على أنه حلم كان يراوده منذ زمن بأن يتطرق لموضوع النطف المهربة وإصرار الفلسطينيين على الحياة، إضافة لرغبته الدائمة بإخراج عمل عن فلسطين.

اقرأ/ي أيضًا: الفلسطينيون على “Netflix”.. الحلقة الثانية

لكن في مقابلة أجراها "Fred Film Radio" مع دياب، قال إنه "حاول جاهدًا أن لا يكون هناك أي حوار سياسي في الفيلم (..) وحتى ونحن نتحدث عن قصة شخصية إلا أن السياسة كانت حاضرة في الفيلم حتى ولو بشكل غير مباشر".

وأضاف، أن الفيلم ليس فقط عن فلسطين بل أيضًا عن الكراهية، "وأي شخص في أي صراع قد يرى نفسه في هذا الفيلم، أهم سؤال وجودي يطرحه هذا الفيلم هو من نحن؟". وتابع: "أنا أسأل نفسي كل يوم من أنا، وهذا ما أريده من الناس أن يسألوا أنفسهم من هم؟".

وعلقت الصحافية زيدان بأن الفيلم حاول أن يظهر أن الفلسطينيين متطرفين ولا يتسامحون مع اليهود، من خلال طريقة تعاملهم مع الطفلة بعدما تبين أن والدها ضابطٌ إسرائيلي، مؤكدة أن هذا يخالف حقيقة أن الصراع مع الاحتلال وليس مع اليهود.

الحركة الأسيرة: تواصلنا في 2019 مع المنتج الرئيسي للفيلم وأوضحنا لهم استحالة ثقتنا بالسجان وظننا في حينها أنهم قدموا الحقيقة على الربح الحرام

من جانبها، أكدت الحركة الأسيرة أنها تواصلت مع منتج الفيلم الرئيسي عام 2019 عبر عدة قنوات وأهمها زوجات الأسرى -التي كانت تحمل في أحشائها "نطفة محررة"- معترضةً على الحبكة المسيئة، وعارضةً خدمات الحركة الأسيرة الكاملة للمساعدة في توفير الرواية الصحيحة التي تنافي ما ذهبت إليه قاعدة الفيلم الأصلية.

وأضافت: ظننَّا في حينها بأنهم قد قدموا الحقيقة على الربح الحرام، بعد أن أوضحنا لهم استحالة ثقتنا بالسجان في الأمور البسيطة، فكيف بأقدس شيءٍ لدينا "أبناؤنا الذين من أصلابنا؟!"، لنتفاجأ بعرض الرواية الكاذبة والخاطئة والمسيئة (..) متجاهلين الشواهد والدلائل التي اضطررنا لسوقها لهم عن قيامنا بطعن وتحطيم رؤوس بعض الضباط والسجانين لمجرد أنهم حاولوا تفتيش أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا بصورة غير لائقة.

ودعت في بيان -نقله نادي الأسير- نقابتي الفنانين في الأردن ومصر إلى الوقوف عند مسؤولياتهما وسحب الفيلم. كما طالبت جميع الوزارات والجهات المختصة الفلسطينية بأن تأخذ دورها في مواجهة الفيلم وما يروجه.

وفي شهر تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، تم ترشيح فيلم "أميرة" لتمثيل "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام" في جائزة أوسكار، ضمن فئة أفضل فيلم دولي في الدورة المرتقبة خلال شهر آذار/مارس المقبل.

الهيئة الملكية:  فيلم أميرة "خيالي روائي وليس وثائقيًا، واختيار أسلوب رواية القصة وسرد الأحداث فيه يعود إلى طاقم العمل

وفي تعقيبها على الاحتجاجات عبر مواقع التواصل، قالت الهيئة في بيان: إن فيلم أميرة "خيالي روائي وليس وثائقيًا، واختيار أسلوب رواية القصة وسرد الأحداث فيه يعود إلى طاقم العمل".

وأشارت إلى أن دورها دور يتمثل في الإعلان عن فتح باب التقديم للأفلام الطويلة للترشح لجوائز الأوسكار واستلام الأفلام وتنظيم سير العملية، إضافة إلى تشكيل لجنة مستقلة من خبراء معنيين بقطاع المرئي والمسموع، مضيفة، أن اختيار اللجنة وقع على فيلم أميرة من بين عدد من الأفلام المتقدمة الأخرى.

ومنذ مساء الثلاثاء، انهالت المنشورات والتغريدات على فيسبوك وتويتر باللغتين العربية والإنجليزية؛ مهاجمة الفيلم والقائمين عليه، ومطالبة بسحبه من جائزة أوسكار، علمًا أن عرضه الأول كان في مهرجان البندقية، قبل أن يتبع ذلك عرضه في مهرجان أيام قرطاج السينمائية، ومهرجان الجونة السينمائي، ثم مهرجان أيام فلسطين السينمائية.



See the difference between the principled creative Arab art that produced the “Altghrebah alflasteniah”series, and between the trivial Hollywood jelly that produced "Amirah", "Haret aliahod" and "Um Harun"...


 


اقرأ/ي أيضًا: 

"فوضى".. المستعربون يقاتلون "الإرهابي الفلسطيني" في أمريكا

8 أفلام أجنبيّة تناولت القضيّة الفلسطينيّة