29-أكتوبر-2022
gettyimages

gettyimages

وصف قانونيون فلسطينيون، إصدار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أمس الجمعة، مرسومًا رئاسيًا يقضي بإنشاء المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، بأنه مخالف للدستور الفلسطيني، وينهي الفصل بين السلطات.

وصف قانونيون فلسطينيون، إصدار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرسومًا رئاسيًا يقضي بإنشاء المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، بأنه مخالف للدستور الفلسطيني، وينهي الفصل بين السلطات

وأصدر رئيس السلطة الفلسطينية، مرسومًا ينص على إنشاء "المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية"، برئاسة رئيس السلطة الفلسطينية. وتتشكل عضوية المجلس إلى جانب رئيس السلطة، من رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الإدارية العليا، ورئيس الهيئة القضائية لقوى الأمن، ورئيس مجلس القضاء الشرعي، ووزير العدل، والمستشار القانوني لرئيس السلطة، والنائب العام. وتُعقد اجتماعات المجلس مرةً كل شهر بشكلٍ دوري وكلما كان هناك حاجة إلى ذلك.

أمّا وظيفة الهيئة الجديدة، وبحسب المادة رقم 4 من نص المرسوم المتداول، فسوف تعمل على مناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالهيئات والجهات القضائية، وحل أي إشكاليات قد تنشأ ما بين أي من الهيئات والجهات القضائية، وكيفية النهوض بها وتطوير عملها، بالإضافة إلى دراسة المناقلات القضائية ما بين الهيئات والجهات القضائية؛ ومناقشة احتياجات الهيئات والجهات القضائية الممثلة في المجلس.

بدوره أكد نقيب المحامين سهيل عاشور بأن المرسوم الرئاسي يحمل مخالفات دستورية كبيرة جدًا، ويعتبر انتهاكًا صارخًا لكافة الأعراف والقواعد الدستورية والقانونية. 

وأوضح عاشور في حديث لـ "الترا فلسطين"، أنه بموجب المرسوم الجديد، لم يعد هناك استقلالية للقضاء، أو فصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. 

وقال عاشور إن الرئيس يمتلك صلاحيات إصدار قرار بقانون وفق المادة 43 من الدستور الفلسطيني في حالات الضرورة، مضيفًا "لكن ما يحدث الآن هو أن الرئيس أصبح لديه صلاحيات بأن يصيغ هذه القرارات بقانون". 

وتوقع عاشور أن يقدم الرئيس خلال الفترة المقبلة على اتخاذ جملة من القرارات بقانون تبعًا لهذا المرسوم. مشيرًا إلى أن نقابة المحامين دعت إلى اجتماع طارئ اليوم السبت لتدارس الوضع القانوني لهذا القرار والخروج بموقف واضح. 

من جانبه، قال المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عصام عاروري، إن مسمى المجلس الأعلى للهيئات القضائية، هو تشكيل لا وجود له في القانون الأساسي الفلسطيني، ولا في قانون السلطة القضائية. 

وأضاف عاروري في حديث لـ "الترا فلسطين"، أن المجلس الجديد الذي أصدر الرئيس قرارًا بإنشائه هو خليط يجمع صلاحيات تشريعية وقضائية وتنفيذية في جسم واحد. 

وتابع عاروري هذا المجلس من شأنه تغييب مبدأ الفصل بين السلطات في النظام السياسي الفلسطيني، والمنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني، كما أننا لا نعلم عن أي نماذج مماثلة لهذا المجلس في أي مكان من العالم. 

ووفقًا للعاروري، فإن المرسوم الرئاسي جاء في إطار التخبط التشريعي في الآونة الأخيرة بإصدار تشريعات غير مدروسة، يربطها خيط واحد وهو إحكام سيطرة السلطة التنفيذية على كافة مفاصل الحكم. لافتًا النظر إلى أن المرسوم يضم أهم الأجسام القضائية، الأمر الذي سيؤثر على استقلالية القضاء، وقدرته على إبطال قوانين إدارية للسلطة التنفيذية. 

وعن تداعيات تشكيل المجلس الجديد على المواطنين، قال عاروري: نحن لا نتحدث عن الشأن اليومي للقضاء أو المعاملات اليومية للمواطنين، ولكنه قطعًا يمس على المدى البعيد القوانين الناظمة للعلاقة بين المواطن والسلطة، وقدرة المواطنين على مقاضاة السلطة حين تتخذ قرارات إدارية مجحفة بحقهم. 

نحن لا نتحدث عن الشأن اليومي للقضاء أو المعاملات اليومية للمواطنين، ولكنه قطعًا يمس على المدى البعيد القوانين الناظمة للعلاقة بين المواطن والسلطة

من جانبه أوضح رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي أن المرسوم الرئاسي يأتي في إطار سلسلة المراسيم والقرارات بقوانين التي أصدرها الرئيس في السنوات الأخيرة، والتي وصل عددها إلى قرابة ٤٠٠ قرار بقانون، أخطرها حل المجلس التشريعي، وإلغاء الانتخابات العامة. 

وقال عبد العاطي في حديث لـ "الترا فلسطين"، إن القرار بتشكيل المجلس الجديد، انعكاس واضح وجلي لضمان هيمنة الرئيس والسلطة التنفيذية على مقاليد السلطة القضائية في ظل التغيب الحالي للسلطة التشريعية. 

وأوضح أن القرار الرئاسي أهدر بشكل غير مسبوق استقلالية السلطة القضائية وجعلها رهينة في يد رئيس الدولة، مبينًا أن القانون الأساسي الفلسطيني، والقوانين المتعلقة والمنظمة للسلطة القضائية لم تأتي على إنشاء هذا المجلس الهجين. 

واعتبر عبد العاطي القرار، استكمالًا لسياسات تهدف للمزيد من تغول السلطة التنفيذية على ما تبقى من استقلال السلطة القضائية، كما أنه يُمثل استخفافًا من قبل الرئيس بالمنظومة الدستورية والقانونية والقضائية الفلسطينية. 

وبين أنه لا يمكن قراءة المرسوم الرئاسي إلا في ضوء سياسية الاستحواذ والتفرد، الأمر الذي بات يشكل تهديدًا حقيقيًا وجديًا على ما تبقى من النظام السياسي والدستوري الفلسطيني، ويؤسس لحكم شمولي ديكتاتوري لا ينسجم مع القوانين الفلسطينية ولا معايير حقوق الإنسان التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية. 

..