16-أبريل-2024
آثار اعتداء المستوطنين على قصرة جنوب نابلس (علاء بدارنة/ EPA)

آثار اعتداءات المستوطنين في قصرة جنوب نابلس (علاء بدارنة/ EPA)

أربعة شبّان استشهدوا في أقل من أسبوع، جرّاء هجمات نفّذها مستوطنون إرهابيون على قرى وتجمّعات فلسطينية بين رام الله ونابلس، في الضفة الغربية. الهجمات الإرهابية التي شملت أيضًا، حرق منازل وسيّارات وحقول زراعية، وقتل حيوانات، أعادت للواجهة مطالبات سابقة بتفعيل "لجان الحراسة الشعبية" في القرى والأرياف في محاولةٍ لصدِّ اعتداءات المستوطنين.

دعوات لتفعيل "لجان حماية" في القرى والأرياف لصدّ اعتداءات المستوطنين بالضفة.. لجانٌ بلا أدوات، ولا دعم، ولا خطط عمل واضحة

وعقب الهجمات التي نفّذها المستوطنون، دعا محافظ نابلس، غسّان دغلس، لتفعيل "لجان الحراسة"، وحثّ في تصريح السبت الماضي، أهالي القرى والبلدات لأخذ "مزيد من الحيطة والحذر".

تحدّث "الترا فلسطين" إلى جهات عديدة في القرى التي تعرّضت لموجة اعتداءات المستوطنين، الأخيرة، في محاولة للوقوف على المشهد في هذه القرى، بعد أن أوعز رئيس الوزراء محمد مصطفى للجهات المختصّة، بالتّحرك العاجل لمساندة المواطنين في القرى والبلدات التي شهدت اعتداءات المستوطنين، والوقوف عند احتياجاتهم وإغاثتهم.

فزعة بصدور عارية

أجمع المتحدّثون لـ الترا فلسطين في مناطق جنوب شرق نابلس، وشرق رام الله، ومسافر يطا، والأغوار، على أنّ الآلية التي يعملون بها في محاولة لصدّ اعتداءات المستوطنين هي "الفزعة"؛ فعندما تتوارد الأخبار عن تواجد للمستوطنين في مسعى منهم لشنّ هجوم، يبدأ الأهالي أو من يتواجد منهم في المكان المستهدف ببث تعميمات على منصّات التواصل الاجتماعي للتصدي لهم، فيهُبّ من يهبّ للنجدة، مثلما جرى في قصرة أو المغيّر.

لا أحد يرابط على أطراف البلدات، لا ليلًا ولا نهارًا، ومن يعتقد ذلك فهو مخطئ تمامًا، يقول أهالي عدد من هذه القرى، ويبررون ذلك بغياب الدعم الرسمي اللازم لمثل هذه اللجان.

ورغم أنّ حركة فتح دعت قبل أيام إلى "النفير العام" والتصدي لعدوان المستوطنين، تحديدًا على قرية المغير، إلّا أن هذه الدعوة وغيرها، لم يتبعها أي حراك ملموس ميدانيًا.

"ما باليد حيلة"

يقول الناشط ضد الاستيطان في قرية المغير شرق رام الله، كاظم حاج محمد، إن الناس تدافع عن نفسها بنفسها، ولا يقف معها أحد. وأكّد لـ الترا فلسطين عدم وجود لجنة حماية شعبية تواصل التواجد على أطراف البلدة ليل نهار. وقال إن ما يحدث أن هناك مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي حال رصد أي تحركات مشبوهة للجيش والمستوطنين يجري التعميم عليها، ومن ثم يهرع الأهالي للنجدة بصدورهم العارية، وبلا أي أدوات أو إمكانيّات.

ويشير إلى أن من يهبّون للنجدة ليس بيدهم حيلة سوى الدفاع عن النفس أمام المستوطنين المسلحين ومهم جنود جيش الاحتلال.

رئيس مجلس قروي دوما شرق نابلس، سليمان دوابشة، يبيّن أنهم كانوا شكلوا لجنة شعبية عام 2015 على إثر الاعتداء الإرهابي على عائلة دوابشة، وجرى تفعيل هذه اللجنة خلال الأحداث الجارية، لمراقبة وضع القرية ومساندة المواطنين.

مطالبات بأن يكون لعناصر الأمن الفلسطينيّ دور في التصدي لهجمات المستوطنين

غير أن دوابشة يؤكد أنّ آليّة عمل هذه اللجنة لا تختلف عمّا عليه الحال في المغير، فهم مجموعة نشطة على واتساب، وفي حال وقع أيّ هجوم للمستوطنين يبدأ التعميم للتصدي للمستوطنين، وبالطبع ليس معهم أي أدوات أو معدات تُمكنهم من المقاومة والصمود، ويتصدون فقط بـ "صدورهم العارية" كما يقول. وينوّه إلى أنّه ليس المهم فقط وجود هذه اللجان، وإنما أن يكون لها نظام وأدوات وقانون ومرجعية، ومن يحميها ويغطي عملها.

ويطالب دوابشة بأن يكون لعناصر الأمن التابعين للسلطة الفلسطينية، دورٌ في هذه الحالة، بأن يعمل كُلُّ شخص منهم في قريته أو بلدته، وليس في مراكز المدان، ما قد يدفع للخروج من حالة الصمت والتقوقع كما يقول، لأنّ "الكل ينتظر دوره، وإذا بقينا كذلك، لن يحمينا أحد من المستوطنين الذين يمارسون القتل ويبتلعون المزيد من الأراضي".

ويستدرك رئيس مجلس قروي دوما، بالقول إنّه ليس مطلوبًا من عناصر الأمن الفلسطيني الاشتباك وإطلاق النار على المستوطنين، لأنه لا يوجد تكافؤ في السلاح، ولكن لا بُد من توزيعهم على أطراف القرى وأماكن الاحتكاك، حسب قوله.

لجان حماية تحتاج حماية!

ويتفق الحاج محمد من المغير شرق رام الله، بأن على أجهزة الأمن وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان أنّ تتكفل بتفريغ عدد من الشبان في كل قرية من هذه القرى التي تتعرض لاعتداءات، ليقوموا بحماية الأهالي.

ويبيّن "الحاج محمد" أن المستوطنين يستفردون -في كل هجوم- بالمنازل المتقدّمة على أطراف القرية، وبعد فزعة الأهالي يتم التصدي للمستوطنين المعتدين، بالتالي وجود من يتولى الحراسة والسهر على أطراف القرية يحول دون الهجوم الأول للمستوطنين.

أمّا الناشط في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس، فؤاد حسن، فيقول إن قصرة كان فيها لجنة حراسة قبل 7 أكتوبر وكان لها "دور فعّال" حسب قوله، ويتواجد أفرادها طوال الليل على تلة مطلة على مستوطنة "إيش كوديش" لرصد أي تحرك للمستوطنين.

الحال تغيّر بعد 7 أكتوبر، والمستوطنون معهم ضوء أخضر للقتل.. ماذا ستفعل لجان الحماية؟

ولكن يقول حسن إن "الحال تغيّر" بعد 7 أكتوبر، وما تبعه من تسليح لعصابات مستوطني تنظيم "فتية التلال"، وإعطائهم الضوء الأخضر للقتل. وأشار إلى أنّ المجلس البلدي أغلق الغرفة التي كانوا يتواجد فيها الشبّان بادّعاء أن تواجدهم "يشجع المستوطنين ويحرضهم على الحضور للاعتداء، وقال إن هذا الغياب جعل المستوطنين "يسرحون ويمرحون" في المنطقة.

ولا تختلف طريقة عمل الأهالي لرصد تحرّكات المستوطنين والتصدي لهم في قصرة، عن القرى الأخرى. ويقول فؤاد حسن إنهم يتصدون للمستوطنين وليس معهم غير الله، وبعض الحجارة، ولا دعم ولا تغطية، رغم وعود جهات رسمية بتفريغ شبان للتواجد طول الوقت على تخوم البلدة، ولكن لا شيء يحدث.