18-سبتمبر-2017

معتصم الباز وصديقه محمد الجوجو يتشاركان التهريج

منذ 10 سنوات، دخل علاء مقداد مجال التهريج في غزة، وقد أصبح الآن بعد بلوغه 33 عامًا أحد أكثر الأسماء المتداولة في هذه المهنة، واسم شهرته "عمو علوش" يكاد لا يخفى على أحد في غزة، فقصر قامته ساعده في الدخول لقلوب الكثيرين، من خلال عروض تهدف بالدرجة الأولى للتفريغ النفسي، حتى أصبح مطلوبًا من قبل مؤسسات في الضفة الغربية أيضًا، لكن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة حال دون دون تلبيته طلباتها.

مقداد ليس هو الوحيد بين أفراد عائلته من فئة قصار القامة، فأخواته الثلاثة تهاني وحنين وإسلام مثله، وتهاني هي الوحيدة بين إخوتها التي حازت على وظيفة في إحدى الوزارات، لكن بنظام عقد عمل، أما حنين وإسلام فهما خريجتان جامعيتان، ولكن لا يعملن رغم كل محاولاتهما في التطوع والمشاركة في أنشطة مجتمعية كثيرة.

قصار القامة في غزة يُحرمون من الوظائف الحكومية، ما دفع كثيرًا منهم إلى امتهان التهريج لتنفيس همومهم وتغيير النظرة السائدة عنهم في المجتمع

شجع علاء من هم في فئته على العمل في التهريج، ومنح بعضهم ملابس التهريج المتنوعة، فصار مُلهمًا لكثير منهم، حتى أصبح يرسلهم بدلاء عنه إلى عروض لم يستطع المشاركة فيها بسبب انشغاله بعروض أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: في مؤسسات غزة.. ذوات الإعاقة للاستغلال فقط

لكن مقداد ومن تبعوه في دخول هذا المجال، يخفون خلف قدرتهم على صناعة الضحك أوجاعًا كثيرة، تُسببها التفرقة التي يعانون منها في مجالات عديدة، فغالبيتهم لا يحصلون على فرص في الوظائف العامة أو الخاصة أو حتى المشاريع المؤقتة، ما دفعهم نحو مهنة التهريج التي أحبوها ونجحوا فيها وصاروا قريبين من الأطفال تحديدًا.

يقول مقداد لـ"ألترا فلسطين"، إن قصار القامة في غزة لم يستطيعوا حتى إنشاء نقابة تمثلهم، في ظل إصرار اتحاد المعاقين على إدراجهم ضمن فئة الإعاقة الحركية، مضيفًا، أن من عدد من استطاعوا الوصول له من فئته بلغ 75 شخصًا، لكنه يؤكد أن العدد يزيد عن 100 شخص.

[[{"fid":"66831","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":400,"width":600,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

معتصم الباز (41 عامًا) يتقمص شخصية "برين" في مهنة التهريج بمرافقة زميله محمد الجوجو، وهو متطوع في مؤسسة "بسمة أمل" منذ خمس سنوات. ويهتم معتصم بإسعاد الأطفال المصابين بالسرطان، وهو ذات الشيء الذي يفعله مع أطفاله منهم قصار قامة.

يقول معتصم لـ"ألترا فلسطين": "منذ أكثر من عشرة أعوام وأنا أؤدي أدوارًا مسرحية واستعين بالدمى لعمل عروض للمجتمع، لتصحيح أفكار سلبية سائدة، وكنت وقتها بالنسبة للمجتمع الغزي شيئًا مفقودًا في المسارح، لأن الشخص قصير القامة باعتقادهم لا يوجد له أي دور فاعل، وأنه محدود الفكر والإبداع".

ويعتبر معتصم امتهان قصار القامة لمهنة التهريج أمرًا إيجابيًا في مجتمع قطاع غزة، "فالكثير تعرف على طاقتهم وكسر الحاجز الذي بداخل الكثيرين عن التفرقة بين قصار القامة وباقي الفئات، لكن الكثير من المؤسسات المحلية والعامة لا تزال تنظر لهم على أنهم آخر الفئات التي يمكن أن تُمنح فرصًا للعمل" كما يقول.

سمير طشطش (28 عامًا) ظل يبحث عن عمل لخمس سنوات، كان له منها نصيب العمل ستة أشهر في إحدى المؤسسات المحلية العاملة في مجال ذوي الإعاقة منذ بداية العام مهنة التهريج، فقرر بداية عام 2017 الجاري دخول مجال التهريج.

أحد قصار القامة تعرض لإهانة خلال مقابلة لوظيفة حكومية بسبب وضعه، وآخرون ظلوا يبحثون عن عمل لسنوات دون جدوى

يقول سمير، إنه تقدم لوظيفة حكومية فسأله المشرف عن إمكانية تنقله بشكل أسرع، وهو ما يعتبره إهانة له دفعته للرد بأنه "لا يفرق عنه شيئًا، وأنه يرفض أسلوبه في التقليل من شأنه"، لينتهي الأمر بحرمانه من الوظيفة.

ويضيف، "بعض الأشخاص في المجتمع يفرقون بين قصير القامة وغيره، لكن آخرين يعتبروننا مصدر سعادة يومية لهم لمجرد النظر لنا، هنا بدأت أفكر في أن أهب حياتي لنشر السعادة بدلاً من الجلوس في البيت، وهنا أكون صاحب دور حتى لو لم أحصل على مهنة في تخصصي".

وشارك سمير في عدد من الوقفات الاحتجاجية أمام وزارة العمل، ووزارة الشؤون الاجتماعية، على مدار خمسة أعوام سابقة للمطالبة بتطبيق المادة رقم 13 من قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000، وهي المادة التي تنص على أن "يلتزم صاحب العمل بتشغيل عدد من العمال من الأشخاص ذوي الإعاقة المؤهلين بأعمال تتلاءم مع إعاقتهم، وذلك بنسبة لا تقل عن 5% من حجم القوى العاملة في المنشأة".

وكان تحقيق استقصائي كشف عن عدم التزام وزارات في السلطة الفلسطينية بتطبيق هذه المادة من القانون، وأورد حالات حصلت على درجات متقدمة في الامتحانات الوزارية لكنها حُرمت من العمل، وتلقت ردًا مكتوبًا جاء فيه: "غير لائق صحيًا".


اقرأ/ي أيضًا: 

العريس "سليم" والعروس "ذات إعاقة".. معقول؟ 

غزة: كرسي متحرك بلا كهرباء.. لا خروج من المنزل

ماذا لو كنت كفيفًا في فلسطين؟